سكة حديد الحجاز:
سكة حديد الحجاز (بالتركية: Hicaz Demiryolu) كانت سكة حديدية ضيقة (1050 مم/ 3 قدم 5 11×32 في مقياس المسار)، التي كانت تمتد من دمشق إلى المدينة المنورة، عبر منطقة الحجاز في السعوديّة الحديثة شبه الجزيرة العربيّة، مع خط فرعي يصل إلى مدينة حيفا الفلسطينية الموجودة على البحر الأبيض المتوسط، وكانت هذه الفكرة فكرة السلطان عبد الحميد الثاني.
كان جزءًا من شبكة السكك الحديديّة العثمانيّة وكان الهدف الأصلي تمديد الخط من محطة حيدر باشا في منطقة تسمى كاديكوي إلى ما بعد دمشق إلى مدينة مكة المكرمة، ومع ذلك، توقف البناء بسبب اندلاع الحرب العالميّة الأولى، ولم تصل إلى أكثر من المدينة المنورة، على بعد (400) كيلومتر (250 ميل) من مكة المكرمة، كان القسم المكتمل من مدينة دمشق في سوريا إلى المدينة المنورة (1300) كيلومتر (810 ميل).
ماهو الهدف من بناء سكة حديد الحجاز؟
كان الغرض الرئيسي لبناء السكك الحديدية هو إقامة صلة بين القسطنطينيّة، عاصمة الإمبراطوريّة العثمانيّة في ذلك الوقت ومقر الخلافة الإسلاميّة، والحجاز في شبه الجزيرة العربيّة، موقع أقدس مزارات الإسلام ومدينة مكة المكرمة، وكان أيضًا من أجل تسهيل أداء فريضة الحج السنويّة على كل مسلم في أنحاء الدولة العثمانية، سبب آخر مهم كان تحسين الاندماج الاقتصادي والسياسي للمقاطعات العربيّة البعيدة في الدولة العثمانيّة، وتسهيل نقل القوات العسكريّة.
كانت السكك الحديديّة تشهد ازدهارًا في البناء في أواخر الستينيات من القرن التاسع عشر، وكانت منطقة الحجاز واحدة من المناطق العديدة للإشتباكات، تضمن الاقتراح الأول خط سكة حديد يمتد من دمشق إلى البحر الأحمر.
لكن سرعان ما تحطمت هذه الخطة، حيث أثار أمير مكة اعتراضات بشأن استدامة مشروع نقل الجمال الخاص به إذا تمّ بناء الخط، بدأت المشاركة العثمانيّة في إنشاء سكة حديد مع العقيد أحمد رشيد باشا، الذي خلص بعد مسح المنطقة في رحلة إلى اليمن في (1871-1873)، إلى أنّ وسيلة النقل المُمكنة الوحيدة للجنود العثمانيين الذين يسافرون إلى هناك كانت بالسكك الحديدية.
كما عرض ضباط عثمانيّون آخرون، مثل عثمان نوري باشا، مقترحات لإنشاء خط سكة حديد في الحجاز، بحجة ضرورة الحفاظ على الأمن في المنطقة العربيّة.
لم يعتقد الكثيرون في جميع أنحاء العالم أنّ الإمبراطوريّة العثمانيّة ستكون قادرة على تمويل مثل هذا المشروع، فقد قدر أنّ تكلفة السكك الحديديّة ستبلغ حوالي (4) ملايين ليرة تركيّة، وهو جزء كبير من الميزانيّة.
قدم مصرف (Ziraat Bankasi)، وهو بنك حكومي خدم المصالح الزراعيّة في الإمبراطوريّة العثمانيّة، قرضًا أوليًا بقيمة (100،000) ليرة في عام (1900).
سمح هذا القرض الأولي للمشروع ببدء المشروع في وقت لاحق من العام نفسه، دعا السلطان عبد الحميد الثاني جميع المسلمين في العالم إلى التبرع لبناء خط سكة حديد الحجاز، اكتسب المشروع أهميّة جديدة، لم يكن فقط اعتبار السكك الحديديّة ميزة عسكريّة مهمة للمنطقة، بل كان أيضًا رمزًا دينيًا.
الحجاج في طريقهم إلى مكة المكرمة، غالبًا ما كانوا لا يصلون إلى وجهتهم عند السفر على طول طريق الحجاز، كانوا غير قادرين على التعامل مع الظروف الجبليّة الصعبة، مات ما يصل إلى (20) ٪ من الحجاج على الطريق.
كان عبد الحميد مُصمماً على أنّ الخط الحديدي يقف كرمز للقوة والتضامن الإسلاميين كما قال أنّ هذا الخط الحديدي سيجعل الحج الديني أسهل ليس فقط للعثمانيين، ولكن لجميع المسلمين.
ونتيجة لذلك، لن يتم قبول أي استثمار أجنبي في المشروع، تمّ إنشاء لجنة التبرعات لتنظيم الأموال بشكل فعال، وتمّ توزيع الميداليات على المانحين، على الرغم من جهود الدعاية مثل بطاقات المعايدة للسكك الحديدية، إلا أنّ حوالي (1) من كل (10) تبرعات جاءت من مسلمين خارج الإمبراطوريّة العثمانيّة.
ومع ذلك، كان أحد هؤلاء المانحين محمد إن شاء الله، وهو محرر ثري لصحيفة بنجابية، وقد ساعد محمد في إنشاء اللجنة المركزيّة لسكة حديد الحجاز. كان الوصول إلى الموارد الحجرية عثرة كبير أثناء بناء سكة حديد الحجاز، كان من الصعب للغاية العثور على الماء والوقود والعمالة في المناطق النائية من الحجاز.
في المناطق غير المأهولة، تمّ استخدام الجمال ليس فقط لنقل للمياه، ولكن أيضًا للمواد الغذائيّة ومواد البناء، تمّ استخدام الوقود، وكان معظمه في شكل فحم، حيث كان يستورد من الدول المُجاورة وتخزينه في حيفا ودمشق.
كانت الأيادي العاملة بالتأكيد أكبر عقبة في بناء السكك الحديديّة، في المناطق الأكثر كثافة سكانيّة، تمّ إنجاز الكثير من العمل من قبل المستوطنين المحليين وكذلك المسلمين في المنطقة
الذين اضطروا قانونًا إلى مد أيديهم للبناء.
تمّ استخدام هذا العمل الجبري إلى حد كبير في جهود التنقيب الغادرة التي ينطوي عليها بناء السكك الحديديّة، في المناطق النائية التي ستصل إليها السكك الحديدية، تمّ استخدام حل أكثر حداثة، تمّ الانتهاء من معظم هذا العمل من قبل الجنود الذين يحرسوا السكك الحديديّة الذين تمّ إعفاؤهم من ثلث خدمتهم العسكريّة مقابل عملهم في السكك الحديديّة.
عندما اجتاز خط سكة الحديد التضاريس الصعبة، كان لا بد من بناء العديد من الجسور، نظرًا لأنّ الوصول إلى الخرسانة كان محدودًا، فقد تمّ بناء العديد من هذه الجسور من الحجر المنحوت، قرر السلطان عبد الحميد الثاني لاحقًا أنّ الخط الحديدي سيصل إلى المدينة المنورة فقط.
تحت إشراف كبير المهندسين مختار بيك، وصلت السكك الحديديّة إلى المدينة المنورة في (1) سبتمبر (1908)، ومع ذلك، كان لا بد من إجراء العديد من التنازلات من أجل الانتهاء بحلول هذا التاريخ ، مع وضع بعض أجزاء المسار على السدود المؤقتة عبر الأودية، في عام (1913) تمّ افتتاح محطة سكة حديد الحجاز في وسط دمشق كنقطة انطلاق للخط.