نظرية الانحراف المفسرة للمشكلات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


جاء العالِم الشهير “دور كايم” بنظرية الانحراف وفقدان المعايير، وهو أَحَد مؤسِّسي علم الاجتماع الحديث. يرى أصحاب هذا الاتجاه أنَّ المشكلة الاجتماعية نتيجة لقَدَر من الانحراف عن معايير المجتمع أكثر من كَونِها انهياراً عامّاً.

نظرية الانحراف لتفسير المشكلات الاجتماعية

يَرجِع سبب المشكلة الاجتماعية إلى وجود أفراد أو جماعات تُصِرُّ على أنْ تَسلُك سلوكاً يَنحرف عن المعايير والقِيَم السائدة، وبالتالي يستند سُلوكهم على معايير خاصّة تَتعارَض مع التوقّعات السائدة في المجتمع عن السلوك السوي. يرى “ميرتون” في تفسيره للمشكلات الاجتماعية أنَّ لكل مجتمع أهداف معينة يسعى لتحقيقها، من خلال وسائل مشروعة ارتضاها المجتمع، ولكن داخل كل مجمع نَجِد أنَّ هناك بعض الأفراد أو الجماعات الصغيرة التي حُرِمَت من تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي فإنَّهم يَتّبعون وسائل غير مشروعة للوصول إلى ما يبتَغون. وهم بذلك يَخرجون عن عُرف الجماعة وعلى قوانينها التي ارتضتها فينحرفون عن السلوك السوي.

أبعاد أخرى لانحراف السلوك عند العلماء

في ضوء نظرية الانحراف أضاف علماء آخرين أبعاد أخرى لانحراف السلوك، منهم “سويثرلاند” الذي قال بأنَّ الفرد في أيِّ مجتمع يتَعرَض لمؤثرات أساسية من الجماعات الأولية. وهم الأفراد الذين يتصل بهم مباشرة ولهُ معهم علاقات حميمَة أو قريبة وتفاعلات يوميّة مثل الوالدين ورفيق العمر، والأطفال والأصدقاء المقربين. والفرد في تعامله مع هؤلاء الأفراد يتعوَّد على الأشياء الطيبة التي ارتضاها المجتمع لنفسه وأحياناً لا يخلو الأمر من بعض الأمور الجانبية غير الطيبة، التي يُسرُّ بها الأصدقاء مثلاً لبعضهم، وهذه الأمور بطبيعة الحال قد تكون انحرافاً عن معايير الجماعة التي قَبلَتها لنفسها، وبالتالي فإنَّ ارتكابها يُشَكّل نوعاً من المشكلات الاجتماعية مثال: التحرُّش الجنسي للأطفال.

نستطيع القول بأنَّ التفسير الواحد أو الأُحادي للمشكلة الاجتماعية، قد لا يكون كافيا. بمعنى أنَّ أصحاب النظريات المُفسِّرة للمشكلات الاجتماعية كل منهم يدّعون بأنَّ نَظريتهم هي الواقعيّة الصَّحيحة، وهي الأكثر عمَليَّة وعلميّة في تفسيراتهم المختلفة.

المشكلة الاجتماعية لا يمكن تفسيرها في ظل نظرية واحدة

إنَّ المشكلة الاجتماعية في الغالب قد لا يُمكن تفسيرها في ظِلّ نظرية واحدة من هذه النظريات والمشكلات الاجتماعية شئ معقَّد، وأحياناً بالغ التعقيد، ومن هنا فإنَّنا نضطر للّجوء لأكثر من تفسير من تفسيرات هذه النظريات كي نرى أين تكمن جذور المشكلة؟ وإنَّه قد يصعب علينا أنْ نَجد لها حلاً.

قد تكون المشكلة راجعة في مظهرها عند النظرة الأولى إليها للتفكُّك الاجتماعي، ولكنْ عند التعمُّق في بحثها قد نَجد أنَّ التغير الاجتماعي قد لَعِب دوراً هامّاً في إحداثها أو تسبّب فيها، وعند التعمُّق أكثر وأكثر قد نكتشف أنَّ صراع القيم كان خلف المشكلة وسبباً كبيراً من أسببابها…الخ.


شارك المقالة: