نظرية الصراع عند كارل ماركس:
يُثبت والاس وولف في مؤلفهما، النظرية الاجتماعية المعاصرة: إن المكونات الرئيسية لنظرية الصراع، وضعت من قبل اثنان من المفكرين العظماء في علم الاجتماع، ماركس وماكس فيبر، وهما لا يتعارضان في أمرين وهما مركز اهتمامهما، وهما الطريقة التي تتعين فيها المواقع الاجتماعية من حيث قوة أقل أو أكثر لشاغليها، وكذلك دور الأفكار في خلق الشرعية للموقع الاجتماعي الذي هو عبارة عن تعبير لوضع قوة محددة.
وبالنسبة لماركس، فإن القوة تتمثل معنياً مركزياً في طروحاته، حيث تتجسد وجودياً بالطبقات الاجتماعية، التي تشكل المجتمع والتاريخ والعملية الاجتماعية وآلية التغيير.
إن نقطة التكوين المركزية في الطروحات الماركسية، تتضمن في افتراض أن موقع الأشخاص والجماعات من ملكية وسائل الإنتاج، يُعين وضعهم الاجتماعي في خلق القوة داخل المجتمع.
فإما ينتسبون إلى الطبقة المهيمنة أو الطبقة الخاضعة، ومعادلة القوة هذه ذات بُعد تاريخي، لا يمكن إنكاره في النظرية الماركسية، وقد بيّن ماركس بأن كل التاريخ السابق لم يكن إلا تاريخ صراع طبقي، والشيء الواحد الظاهر في كل الصراعات السياسية المعقدة والمتنوعة، كان يرجع للنظام الاجتماعي والسياسي للطبقات الاجتماعية، ويعود منشأ هذه الطبقات إلى الشروط المادية الملموسة داخل المجتمع.
إن هذا الفهم للتاريخ، يصور كتاريخ قوة تُحرّكه صراعات القوى وتناقضاتها، والتي تتمثل في الطبقات الاجتماعية، حيث كان يوجد دائماً طبقات تمتلك وطبقات لا تمتلك، وتبعاً لذلك تنتج طبقات حاكمة وطبقات محكومة، ولذلك فإن الأغلبية البشرية حسب التصور الماركسي كانت تعمل بمشقة، بينما كانت أقلية ضئيلة تتمتع بالملذات، ويبيّن ماركس هذه الصورة الوجودية في المجتمع الرأسمالي بقوله: “إن أسلوب الإنتاج الرأسمالي القائم، يفترض مُسبقاً وجود طبقتين اجتماعيتين فمن جهة، طبقة الرأسماليين التي تمتلك وسائل الإنتاج المعيشية، ومن ناحية أخرى طبقة البروليتاريا، التي نظراً لخلعها من هذه الملكية، لا تقتني للبيع سوى سلطة واحدة هي قوة عملها”.
لذلك تضطر بيع قوة عملها بغية الحصول على وسائل معيشتها، وقيمة هذه السلعة على أي حال، تعينها الكمية اللازمة اجتماعياً والمتجسدة في إنتاجها، إذن المصدر الرئيسي والمركزي الهام للقوة عند ماركس، هو ملكية وسائل الإنتاج، التي تجسد بُعداً اقتصادياً مادياً، بالوقت الذي يعزز من فاعلية القوة عوامل اجتماعية وسياسية وفكرية.