عامل التكنولوجيا ودوره في التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يُنظر إلى تعريف مفهوم التكنولوجيا من عدة زوايا تختلف باختلاف تخصص الباحثين. لذلك تعددت عمليات البحث وتعددت المفاهيم ومنها:

مفهوم التكنولوجيا وعلاقة التكنولوجيا بالمجتمع:

التكنولوجيا: هي تلك الوسائل التقنية الحديثة التي يستخدمها الأفراد في وقت معين للتكيف مع البيئة التي يعيشون فيها.
التكنولوجيا من وجهة نظر ويليام أوجبرن هي العمل على دراسة التقنيات الحديثة والأفكار التي تهتم وتغطي المواضيع المادية وتشمل جميع الجوانب الثقافية في داخل المجتمع.
هناك بعض المهتمين يقومون بالربط بين التكنولوجيا التي يتم تدريسها في المعاهد التقنية والفنية وفي الكليات العلمية ومن هذه التخصصات الهندسة والميكانيك والكهرباء، ويتم ربطها بالتطبيق أكثر من أن يتم ربطها بالناحية النظرية، وذلك يسبب صعوبة في التمييز بين العنصرين وذلك بسبب النظرية والتطبيق.
يرى الكثير من الناس أن التكنولوجيا هي فن استخدام الآلات والتقنيات وهذا هو الامتلاك العلمي لاستخدامها، والأهمية التي تعلق عليها أو هي الآلات وفن استخدامها.

  • العلاقة بين التكنولوجيا والمجتمع:

هناك ارتباط واضح بين التكنولوجيا والمجتمع، فإن التكنولوجيا تعد انعكاس واضح للثقافة المادية والفكرية، وتعد تعبير عن تطور وتقدم المجتمع الحضري والارتباط بينهما، وهناك علاقة جدلية وكل منها يؤثر في الآخر.
تشمل التكنولوجيا العلوم التطبيقية التي تؤدي إلى إنتاج أشياء مادية، وينسب صانعو العامل التكنولوجي النظرية التكنولوجية والتغييرات الاجتماعية إلى التكنولوجيا، ومن العلماء المهتمين بها وليام أوجبرن.
في الحقيقة إن علم الاجتماع لا يهتم بالتكنولوجيا اهتمام مجرد، ولكن يهتم بها بسبب الآثار التي قد تتركها في أي مجتمع من المجتمعات وما لها من أهمية ووظيفة في داخل المجتمعات الإنسانية، ومثال عليها صناعة السيارات وما أحدثته من تغيرات اجتماعية.
وهي تقع في دائرة ليست من ضمن قسم العلوم الاجتماعية، ولكن آثارها واستخدامها على المجتمع، يقع في قسم العلوم الاجتماعية، لذا فإن تأثيرات السيارة واضحة في حياة الأفراد وما تتركه من آثار في المجتمع، إن وظيفة الاختراعات المادية هي خدمة الحياة الاجتماعية، أي أن جوهر التكنولوجيا اجتماعي.
من الواضح أننا لا نتخيل أن التكنولوجيا مثل الآلات هي علم اجتماع، لكنها علم طبيعي وفي النهاية هي ثقافة مادية ومع ذلك، فإن المعنى اجتماعي وأن العلاقة بين المجتمع والتكنولوجيا هي علاقة متبادلة. تتطلب الضائقة الاجتماعية اختراع آلات تؤثر على حياة المجتمع، لذلك فإن إنتاج التكنولوجيا ووظيفتها مرتبطان بالمجتمع بشكل عام.

عامل التكنولوجيا ودوره في التغير الاجتماعي:

ومن الوجهة الاجتماعية فإن معنى التكنولوجيا هو الذي يؤثر في تغير المجتمع، والتكنولوجيا في المجالات التالية:

1- يؤدي الوضع الاجتماعي (الضيق الاجتماعي) إلى الاختراع المادي المستخدم في المجتمع.
2- الاختراعات التكنولوجية لها تأثير على حياة المجتمع من خلال الاستخدام.
3- وبسبب هذا العامل السائد، تؤثر التكنولوجيا على المجتمعات التي لم تساهم في عملية الاختراع أو الاكتشاف، وقد لا تسمح بنفس التأثيرات في جميع المجتمعات بسبب الاختلاف الثقافي بينها.
التكنولوجيا والتغير الاجتماعي:

ترى النظرية التكنولوجية أن التغيير الاجتماعي ناتج عن العامل التكنولوجي، مما يعني أن التكنولوجيا هي سبب التغيير في المجتمع، وهي تشير إلى كل تغيير اجتماعي يحدث بسبب مجموعة من عوامل تكنولوجية، وتعتمد طرق إحداث التغيير التكنولوجي في التغيير الاجتماعي على فهم الطبيعة السببية، وهي في الواقع عملية استطرادية، مما يعني أن التأثير التكنولوجي قد لا يتوقف عند التأثير الأول، ولكن التأثير يؤدي إلى تأثير متصل أو مشتق في شكل سلسلة من الحلقات المترابطة، لذلك فإن العامل التكنولوجي له تأثير هام على التاريخ الاجتماعي للمجتمعات ويؤدي إلى تقدمها.
إن تأثير الاختراعات تسبب انتشار في مختلف الاتجاهات وتم تشبيهها بالموجات المائية التي تنتج عن إلقاء حجر في الماء، وبالتالي يتم تشكيل الدوائر المتصلة وفي نفس الطريقة يكون تأثير التكنولوجيا في الحياة الاجتماعية وفي داخل المجتمع تأثير متواصل.
تأتي التكنولوجيا استجابة لاحتياجات الناس لتحقيق أهدافها بأقل جهد وأقل تكلفة، وتنتج ظروفًا مناسبة للإنسان لراحته وسعادته، وبالتالي أدت الوسائل التقنية المستخدمة في الزراعة إلى زيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية وتحسين طرق تربية الحيوانات، فزاد المحصول كماً ونوعاً، وتم تحسين الاقتصاد الزراعي والتغيرات الإيجابية في الحياة الفردية بشكل عام.
حيث تم تغيير العلاقة بين الزراعة والصناعة، وبالتالي زادت الهجرة من المجتمعات الريفية إلى المجتمعات الحضرية مما أنعش الحياة فيها بشكل واضح وملموس، وبالتالي فإن التغير التكنولوجي قد أصاب النظام الفردي والنظام الاجتماعي بشكل عام.
أدى التقدم في وسائل الإعلام إلى تغييرات اجتماعية بعيدة المدى، وربما كانت التغييرات التي شهدتها المدينة الحديثة نتيجة للتكنولوجيا، حيث وضح ويليام أوجبرن بوضوح عندما بحث في تأثير الراديو على الحياة الاجتماعية واستمر في القول إن التكنولوجيا أدت إلى تغيير في العادات والمؤسسات الاجتماعية على نطاق واسع.
تعتقد النظرية التكنولوجية أن كل اكتشاف أو اختراع تقني يؤدي مباشرة إلى تغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، أدى اكتشاف الطاقة الذرية إلى تغييرات عميقة في حياة الشركات، على سبيل المثال أدت إلى تغييرات في الاستراتيجية العسكرية وإقامة علاقات دولية جديدة.

إسهامات التكنولوجيا في تكوين اتجاهات عدة داخل المجتمع:

1- التخصص في العمل، حيث تؤدي التكنولوجيا وظائف متعددة وتصل إلى إتمام عملهم بكفاءة عالية وتوجد وظائف كثيرة وهذه الوظائف تعمل على إبراز ظاهرة التخصص في العمل، وتتضح هذه الظاهرة عند دخول الأعمال إلى الصناعة وظهور النظم القانونية وما إلى ذلك من انعكاسات التكنولوجيا على الحياة الاجتماعية والعملية.
2-الاختراعات التكنولوجية لها أهمية كبيرة في حياة المجتمعات لأهميتها، وقال أحد المؤرخين إنه أعلن عام 1772 م عن استقلال أمريكا، وفي ذلك الوقت اختراع (جيمس وات) المحرك البخاري وكان لهذا الاختراع تأثير واسع وله دور كبير في ظهور اختراعات واكتشافات أخرى.
3 – نشوء الظاهرة الإمبريالية التي نتجت عن الثورة الصناعية التي أدت إلى فائض في الإنتاج الصناعي، الأمر الذي دفع الدول الصناعية إلى البحث عن أسواق جديدة للتخلص من هذا الفائض وإنشاء شركات متعددة الجنسيات وتنظيم ما يعرف بالعالم القديم وتسويته في نهاية المطاف وظهور التبعية التي ما زالت تعاني منها الدول النامية إلى هذا اليوم.
4 ـ التغيرات في مجال القيم الاجتماعية مصحوبة بالعديد من التغيرات الاجتماعية، والتغيرات التكنولوجية في مجال القيم الاجتماعية، مثل قيمة الوقت، وقيمة المرأة، وقيمة العمل، أصبحت القيم الجديدة متوافقة مع العمل الصناعي ومع الوقت تزداد التغيرات الاجتماعية وذلك مع زيادة التراكمات المادية، والعمل على تغيير السلوك من الأفراد.
وبالتالي لا تعني أن التغيرات الاجتماعية ناتجة عن التكنولوجيا ولكن هناك مجموعة من المؤثرات التي تؤثر على الحياة الاجتماعية، وتأثير التكنولوجيا على الاقتصاد والسياسية وعدد السكان.
5 – ظهور أهمية الشركات الصناعية وسرعة تقدمها مقارنة بالشركات الأخرى إن الزيادة في التغيير مرتبطة بمدى التراكم التكنولوجي الذي يحدث في الشركات الصناعية وهذا يفسر لنا سرعة التغيير في الشركات الصناعية دون غيرها في مجال التغيير الاجتماعي. يمكن طرح السؤالين التاليين: كيف تؤدي التكنولوجيا إلى التغيير الاجتماعي؟ وما هي تداعيات ذلك؟
وبالتالي من الممكن الإجابة على السؤالين من خلال القائمين على النظرية التكنولوجية، التي تتبنى الأفكار التكنولوجية والتي تقوم على تقسيم الثنائيات الثقافية عند منظرين الاتجاه التكنولوجي أمثال وليام أوجبرن ونمكوف وممفورد، حيث انه يحدث تراكم في الثقافة المادية وذلك نتيجة عوامل الاختراع والاكتشاف لأنهم أرع من الجانب المادي الثقافي في فترة زمنية محددة، مما يسبب التخلف والرجعية للمجتمعات.


شارك المقالة: