واقع المسؤولية الاجتماعية في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


واقع المسؤولية الاجتماعية في علم الاجتماع:

أجريت دراسات ميدانية كثيرة لتحليل واقع المسؤولية الاجتماعية كما تمارسها المشروعات الصناعية، ورغم أن النتائج جاءت متفقة في بعض جوانبها ومختلفة في جوانب أخرى، وهذا راجع إلى حجم العينة التي اعتمدت عليها كل دراسة منها وتاريخ إجرائها ومدتها، إلا أن هذه النتائج في جملتها تعطي صورة متكاملة الملامح لواقع المسؤولية الاجتماعية في المجتمع.

ويمكن الاعتماد هنا على دراستين لبيان هذا الاستنتاج وتوضيحه، إحداهما لهنري البرت وروبرت باركيت، والثانية لفيرنون بهار، وهاتان الدراستان عامتان، بمعنى أنهما تناولتا أكثر من جانب تطبيق للمسؤولية الاجتماعية.

وقد نشرت الدراسة الأولى في أغسطس سنة 1973، وعلى الرغم من أن الباحثين أرسلا استمارة استقصاء إلى أربع مئة مشروع صناعي، إلا أن العدد الذي استجاب إلى هذه الدراسة لا يزيد على ستة وتسعين مشروع صناعي فقط.

ويشير الباحثان إلى أن اختيارهم للعينة كان اختياراً شخصياً على أساس أنها من أنشط المشروعات الصناعية في تحملها لمسؤوليتها الاجتماعية، وتستهدف هذه الدراسة الكشف عن مدى المساهمة الفعلية لهذه المشروعات في مواجهة مسؤوليتها الاجتماعية.

أما الدراسة الثانية فقد نشرت في أغسطس سنة 1975، وأجريت على عينة أوسع وأشمل من عينة الدراسة الأولى، حيث شملت 232 مشروعاً صناعياً ومؤسسة عامة من بينها 183 مشروعاً صناعياً، تمثل قطاعات صناعية مختلفة كالصناعات الثقيلة والخفيفة والبترول والطيران وغيرهما، وكان اختيار العينة هنا عشوائية، وتستهدف هذه الدراسة الكشف عن كيفية ممارسة المشروعات الصناعية لمسؤوليتها الاجتماعية، على أساس أنه لم يعد مهما أن نسأل، هل يسهم مشروع المسؤولية الاجتماعية أم لا؟ وأيهما المهم أن نسأل وكيف يسهم؟

وقد اعتمدت الدراستان على استمارات الاستقصاء، إلى جانب التقارير السنوية والخطابات الشخصية وغيرها من المواد المكتوبة التي تصف كيفية مساهمة المشروعات الصناعية، التي أجريت عليها الدراستان في مسؤوليتها الاجتماعية، ويمكن أن نتناول نتائج الدراستين بالتحليل بعد تقسيمها.

نتائج تحليل الدراسات الصناعية في المسؤولية الاجتماعية:

1- المسؤولية الاجتماعية والسياسة العامة للمشروع الصناعي:

بدأت مشروعات صناعية كثيرة وبرامج متنوعة في إطار مسؤوليتها الاجتماعية خلال الستينات من هذا القرن، تحت شعار أنه من المصلحة الخاصة المستنيرة لها أن تطور المصلحة العامة بطريقة إيجابية، غير أن هذه البرامج المتنوعة اتسمت بالالتزام قصير المدى من جانب المشروعات الصناعية إلى جانب أن البناء التنظيمي للمشروع لم يدخل عليه تعديلات تسمح باستمرار مساهمتها في مسؤوليتها الاجتماعية وتقييمها.

وقد أثارت هذه السلبيات تساؤلات كثيرة حول مكانة المسؤولية الاجتماعية في السياسة العامة لكل مشروع صناعي، وتبين من الدراسة والتحليل أن السياسة العامة لحوالي 68% من مجموع عينة الدراسة الثانية تنص على التزامها عامة بالمسؤولية الاجتماعية تجاه مجال أو أكثر من مجالاتها، ويمكن الاستشهاد هنا بعدد من نماذج السياسيات العامة للمشروعات الصناعية الأمريكية لبيان مدى هذا الالتزام ونوعيته.

2- التنظيم الإداري لممارسة المسؤولية الاجتماعية:

لم تهتم دراسة فيرنون بهلر وشيتي، بدراسة هذه النقطة بطريقة تكفي التحليل المقارن، ولذلك استعانت إلى جانب الدراستين بدراسة أخرى لهنري البرت وروبرت باركت، حول التنظيم الإداري للمسؤولية الاجتماعية في المشروعات الصناعية والتي أجريت على عينة تضم أربعمئة شركة سنة 1971 ونشرت سنة 1973.

وقد تبين من هذه الدراسات، أن هناك ثلاثة أشكال إدارية تمارس المسؤولية الاجتماعية في المشروعات الصناعية، وفي الشكل الأول تعين بعض المشروعات خبيراً يتوالى الأنشطة الداخلة في مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وقد يتبع أعلى سلطة في الشركة، وتبلغ نسبة انتشار هذا الشكل 56% من مجموع المشروعات الممثلة في العينات، وأن كانت دراسة فيرنون بهلر وشيتي ترفع هذه النسبة إلى حوالي 60% ويعاون الخبير هنا عدد من الخبراء المتخصصين في حوالي 94% من المشروعات التي ظهر فيها هذا الشكل الإداري الأول.

أما الشكل الإداري الثاني، فإنه يتمثل في لجان للمسؤولية الاجتماعية تشكل من المستويات الإدارية العليا وترفع تقاريرها عن أعمالها إلى أعلى سلطة في المشروع أيضاً، وتبلغ نسبة انتشار هذه اللجان حوالي 34% وفي بعض الحالات القليلة جداً تتحول هذه اللجان إلى مجالس عليا للمسؤولية الاجتماعية كما أشارت إلى ذلك دراسة فيرنون بهار وشيتي.

وأما الشكل الإداري الثالث فإنه لم يتخذ أي صورة من صور التنظيم الإداري المستقل في الهيكل التنظيمي للشركة، وإنما اعتبرت المسؤولية الاجتماعية هنا من الوظائف التي يختص بها مديروها إلى جانب أعمالهم الرسمية الأصلية، وكما جاء في تعبير أحدهم أنها تعتبر جزءاً من أنشطة عمله العادي وتبلغ نسبة انتشار هذا الشكل حوالي 10%.


شارك المقالة: