اقرأ في هذا المقال
- يعتمد الفهم الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية بشكل كبير على مفهوم الخيال الاجتماعي، ويناقش علماء الاجتماع هذا المفهوم بشيء من التفصيل عند الانتقال إلى وجهات نظر نظرية مختلفة توفر سياقًا إضافيًا لفهم المشكلات الاجتماعية.
- وجهات النظر الاجتماعية حول المشاكل الاجتماعية
- افتراضات وجهات النظر الاجتماعية حول المشاكل الاجتماعية
يعتمد الفهم الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية بشكل كبير على مفهوم الخيال الاجتماعي، ويناقش علماء الاجتماع هذا المفهوم بشيء من التفصيل عند الانتقال إلى وجهات نظر نظرية مختلفة توفر سياقًا إضافيًا لفهم المشكلات الاجتماعية.
وجهات النظر الاجتماعية حول المشاكل الاجتماعية
وجهة نظر الخيال الاجتماعي
يعاني العديد من الأفراد من مشكلة اجتماعية واحدة أو أكثر، على سبيل المثال كثير من الناس فقراء وعاطلون عن العمل وكثير منهم في حالة صحية سيئة والعديد منهم يعانون من مشاكل عائلية أو يشربون الكثير من الكحول أو يرتكبون جرائم، وعندما يتم السماع عن هؤلاء الأفراد من السهل أن يتم التفكير أن مشاكلهم هي مشاكلهم وحدهم، وأنهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن الصعوبات التي يواجهونها هم وغيرهم من الأفراد الذين يعانون من نفس المشاكل.
لذا يتخذ علم الاجتماع نهجًا مختلفًا حيث يؤكد أن المشكلات الفردية غالبًا ما تكون متجذرة في المشكلات الناشئة عن جوانب المجتمع نفسه، وأبلغت هذه الفكرة الرئيسية عالم الاجتماع رايت ميلز عام 1959 حول التمييز التقليدي بين المشاكل الشخصية والقضايا العامة، وتشير المشاكل الشخصية إلى مشكلة تؤثر على الأفراد والتي يلقيها الفرد المتأثر وكذلك أعضاء المجتمع الآخرون عادة باللوم على الإخفاقات الشخصية والأخلاقية للفرد، وتشمل الأمثلة مشاكل مختلفة مثل اضطرابات الأكل والطلاق والبطالة.
والقضايا العامة التي يكمن مصدرها في البنية الاجتماعية وثقافة المجتمع تشير إلى المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها العديد من الأفراد، وبالتالي تساعد المشكلات في المجتمع في تفسير المشكلات التي يواجهها الأفراد، لهذا شعر علماء الاجتماع أن العديد من المشكلات التي تُعتبر عادةً مشكلات خاصة تُفهم بشكل أفضل على أنها قضايا عامة، وقد صاغ مصطلح الخيال الاجتماعي للإشارة إلى القدرة على تقدير الأساس الهيكلي للمشاكل الفردية.
ولتوضيح وجهة نظر هؤلاء العلماء سيتم استخدام التخيلات الاجتماعية لفهم بعض المشاكل الاجتماعية المعاصرة، وسيتم البدأ بالبطالة التي ناقشها معظم علماء الاجتماع، إذ إنه إذا كان عدد قليل من الناس عاطلين عن العمل فيمكن أن يتم تفسير بطالتهم بشكل معقول بالقول إنهم كسالى ويفتقرون إلى عادات العمل الجيدة، وما إلى ذلك، وإذا كان الأمر كذلك فإن بطالتهم ستكون مشكلة شخصية خاصة بهم، ولكن عندما يكون ملايين الأشخاص عاطلين عن العمل فمن الأفضل فهم البطالة على أنها قضية عامة.
لأنه كما قال علماء الاجتماع انهار هيكل الفرص ذاته، ويتطلب كل من البيان الصحيح للمشكلة ومجموعة الحلول الممكنة النظر في المؤسسات الاقتصادية والسياسية للمجتمع، وليس مجرد الوضع الشخصي وطابع مجموعة من الأفراد، ويقدم معدل البطالة المرتفع في بعض المجتمعات الناجم عن الانكماش الاقتصادي الحاد الذي بدأ في عام 2008 مثالاً واضحًا على النقطة التي كان علماء الاجتماع يشيرون إليها، حيث فقد ملايين الأشخاص وظائفهم دون ذنب منهم في حين أن بعض الأفراد عاطلون عن العمل بلا شك لأنهم كسالى أو يفتقرون إلى عادات عمل جيدة.
وجهة نظر الهيكلة الاجتماعية
وهناك حاجة إلى تفسير أكثر هيكلية يركز على نقص الفرص لشرح سبب توقف الكثير من الناس عن العمل، فإذا كان الأمر كذلك فمن الأفضل فهم البطالة على أنها قضية عامة وليست مشكلة شخصية، ومشكلة اجتماعية أخرى هي اضطرابات الأكل، فعادة ما نعتبر اضطراب الأكل لدى الشخص مشكلة شخصية تنبع من نقص السيطرة أو تدني احترام الذات أو مشكلة شخصية أخرى، وقد يكون هذا التفسير مقبولاً بقدر ما يذهب لكنه لا يساعد على فهم سبب معاناة الكثير من الناس من المشاكل الشخصية التي تؤدي إلى اضطرابات الأكل.
ولعل الأهم من ذلك أن هذا الاعتقاد يهمل أيضًا القوى الاجتماعية والثقافية الأكبر التي تساعد في تفسير مثل هذه الاضطرابات، على سبيل المثال معظم الذين يعانون من اضطرابات الأكل هم من النساء وليس الرجال، ويجبر هذا الاختلاف بين الجنسين على التساؤل عما يعنيه كون المرء امرأة في المجتمع الذي يجعل اضطرابات الأكل أكثر شيوعًا، للبدء في الإجابة على هذا السؤال يحتاج علماء الاجتماع إلى النظر إلى معيار الجمال للمرأة الذي يركز على الجسد النحيف، وإذا لم يكن هذا المعيار الثقافي موجودًا فإن عدد النساء اللاتي يعانين من اضطرابات الأكل أقل بكثير مما هو عليه الآن.
ولأنه موجود بالفعل حتى لو تم علاج كل فتاة وامرأة تعاني من اضطراب في الأكل فإن آخرين سيأخذون أماكنهم ما لم يتم التمكن بطريقة ما من تغيير هذا المعيار، ومن هذا المنطلق من الأفضل فهم اضطرابات الأكل على أنها قضية عامة وليس مجرد مشكلة شخصية، وبالتركيز على هذه الرؤى من حيث التفكير في المشكلات الاجتماعية على أنها مشكلات شخصية وليست قضايا عامة، فهم يميلون إلى الاعتقاد بإلقاء اللوم على الضحية بدلاً من إلقاء اللوم على النظام.
وللمساعدة على فهم أيديولوجية إلقاء اللوم على الضحية دعا علماء الاجتماع من أجل التفكير في السبب الذي يجعل الأطفال الفقراء في المناطق الحضرية يتعلمون القليل جدًا في مدارسهم، ووفقًا لهم فإن نهج لوم الضحية قد يقول إن آباء الأطفال لا يهتمون بتعلمهم ويفشلون في تعليمهم عادات دراسية جيدة ولا يشجعونهم على أخذ المدرسة على محمل الجد، وأن هذا النوع من التفسير قد ينطبق على بعض الآباء لكنه يتجاهل سببًا أكثر أهمية بكثير.
وهو الشكل المحزن للمدارس الحضرية التي تكون مكتظة والمباني متداعية تضم كتبًا مدرسية قديمة وعفا عليها الزمن، وإنه لتحسين تعليم الأطفال في المناطق الحضرية يجب تحسين المدارس نفسها وليس مجرد محاولة تحسين الآباء، ويشير نهج لوم الضحية إلى حلول لمشاكل اجتماعية مثل الفقر والأمية والتي تختلف تمامًا عن تلك التي يقترحها نهج أكثر هيكلية يلقي باللوم على النظام، فإذا تم إلقاء اللوم على الضحية فسيتم انفاق الأموال المحدودة لمعالجة الإخفاقات الشخصية للأفراد الذين يعانون من الفقر والأمية وسوء الصحة واضطرابات الأكل وغيرها من الصعوبات.
وإذا تم القيام بدلاً من ذلك بإلقاء اللوم على النظام فسيتم تركيز الاهتمام على الظروف الاجتماعية المختلفة كالمدارس المتهالكة والمعايير الثقافية لجمال الإناث، وما شابه، التي تفسر هذه الصعوبات، ويشير الفهم الاجتماعي إلى أن النهج الأخير ضروري في النهاية للمساعدة على التعامل بنجاح مع المشكلات الاجتماعية التي تواجه البشر اليوم.
افتراضات وجهات النظر الاجتماعية حول المشاكل الاجتماعية
1- تضعف المشاكل الاجتماعية استقرار المجتمع ولكنها لا تعكس أخطاء أساسية في كيفية بناء المجتمع، ويجب أن يأخذ حلول المشكلات الاجتماعية شكل الإصلاح الاجتماعي التدريجي بدلاً من التغيير المفاجئ بعيد المدى، وعلى الرغم من آثارها السلبية غالبًا ما تؤدي المشكلات الاجتماعية أيضًا وظائف مهمة للمجتمع.
2- تنشأ المشاكل الاجتماعية من أخطاء أساسية في بنية المجتمع وتعكس وتعزز عدم المساواة على أساس الطبقة الاجتماعية والعرق والجنس والأبعاد الأخرى، ويجب أن تنطوي الحلول الناجحة للمشاكل الاجتماعية على تغيير بعيد المدى في بنية المجتمع.
3- تنشأ المشاكل الاجتماعية من تفاعل الأفراد، وغالبًا ما يتعلم الأشخاص الذين ينخرطون في سلوكيات إشكالية اجتماعيًا هذه السلوكيات من أشخاص آخرين، ويتعلم الأفراد أيضًا تصوراتهم عن المشكلات الاجتماعية من الآخرين.