‏التغير الاجتماعي كحتمية اقتصادية

اقرأ في هذا المقال


‏يرى أصحاب هذا الاتجاه أن العوامل الاقتصادية هي الوحدة المسؤولة عن كافة التغيرات والتطورات والثورات التي تحدث في المجتمعات، وأبرز مثال على هذا الاتجاه هو المادية التاريخية، كما قام كارل ماركس بتقديمها حيث قام بتقسيم التاريخ إلى خمسة مراحل تمثل خمسة من الأنماط والتي هي أساس العلاقات الإنتاجية.

‏الكوميونية البدائية في التغير الاجتماعي:

‏وهي عبارة عن جماعات من الناس في المرحلة الأولى من التغير والتطور ووسائل الإنتاج تعتبر فيها قليلة وجماعية ولا توجد في هذه المرحلة طبقات اجتماعية ولا يوجد فيها نوع من تقسيم العمل.

‏ ‏العبودية في التغير الاجتماعي:

‏ويظهر فيها أول نوع من تقسيم العمل مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة والقوى الإنتاجية وفي هذه المرحلة تظهر الملكية الفردية ونوع من اللامساواة الاقتصادية، ونوع تقسيم العمل الثاني وهو الفصل بين الحرف اليدوية ‏والزراعة الذي أسرع في تحطيم الكوميونة البدائية والعمل على زيادة الإنتاج والدعوة إلى العبودية وتظهر الدولة الطاغية وظهرت الطبقات الاجتماعية والسادة والعبيد.

‏الإقطاع في التغير الاجتماعي:

إن ‏التقدم المستمر والدائم في وسائل الإنتاج وذلك مثل ‏تحسين استخدام الحديد استعماله في العديد من المجالات مثل المحراث الحديدي والعمل على استخدام الطاحونة المائية وكل ذلك أدى إلى تحطيم وإلغاء المجتمع الذي يقوم على العبودية، وأصبح نظام عبودية الأرض أصبح ضروري من أجل الإنتاج.

‏الرأسمالية في التغير الاجتماعي:

‏حيث أن البرجوازيين حلّوا محل النبلاء والإقطاعيين وذلك بسبب التطور والتقدم الهائل الذي حدث في التجارة واستأثرت طبقة جديدة من ثروات وعملت على احتكار وسائل الإنتاج وذلك بسبب ظهور الثورة الصناعية وظهور التخصص الدقيق وظهور الخلاف والنضال الطبقي، وكان الخلاف والتناقض الأساسي في النظام الرأسمالي يقع ويحدث بين الطبقة العاملة وأصحاب رأس المال.

‏الاشتراكية والشيوعية في التغير الاجتماعي:

‏يجعل هذا النظام الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك تحت سيطرة طبقة البروليتاريا وتعتبر الاشتراكية المرحلة الأولى لهذا التحول الذي يتحقق في الشيوعية التي هي المرحلة الأخيرة حيث تكون خيرات الإنتاج موزعة تبعاً لحاجات الأفراد في داخل المجتمع.

‏ويظهر هذا التعاقب الجدلي كيفية تغير بناء المجتمعات بشكل مستمر ودائم ففي كل مجتمع يوجد القديم الذي ينهار والجديد الذي يزدهر وهناك تفاعل حتمى بين أساليب الإنتاج الأبنية  الاجتماعية، وبالتالي فإن المادية التاريخية تفسر حركة المجتمع وتقدمه تبعاً لتقدم وحركة القوى المنتجة والعلاقات التي تقوم عليها.

وما دام الإنتاج دائم التحول‏ ‏فإنه لا يقف طويلا في نفس المستوى وأنه يعد الوحيد القادر على تفسير كيف يمكن لنظام اجتماعي أن يحل محل نظام آخر ولماذا تتغير الأفكار الاجتماعية ولماذا تقضى الضرورة في بعض الأحيان بإعادة النظر في النظام الاجتماعي والسياسي بشكل كامل.

فالإنسان ليس كائناً سلبياً أمام الطبيعة، ولذلك فهو يبتكر دائماً أساليب جديدة من أجل الإنتاج وذلك لإشباع حاجاته الأساسية والرئيسية، وعندما تتغيير أساليب الإنتاج و تقوم على قاعدة إنتاج جديدة إلا أنها إذا لم تتغير بعد فترة تصبح عائقا أمام قوى الإنتاج‏ المتطورة، فتدخل في صراع مع علاقات الإنتاج الجديدة فتدافع علاقات الإنتاج القديمة عن نفسها في محاولة لسحق هذه القواعد الجديدة الدخيلة على النظام.

‏وقد أعلن الثوريون الجدد وعلى راسهم هربرت ماركيز أن  الطبقة العاملة قد فقدت ثروتها في المجتمعات الرأسمالية والاشتراكية على حد سواء وصدم هربرت ماركيز بهذا الرأي الجديد جميع المفكرين والعلماء الاشتراكيين ومضى يبرز فكرته بأن التقدم التكنولوجي الهائل حول المجتمع الصناعي المتقدم (وهو يقصد به البلاد الرأسمالية والاشتراكية) إلى مجتمع الوفرة وبذلك انتهى أساس التناقض الاجتماعي الذي قاله به وعمل به  الماركسيون وهو قيام الصراع الطبقي وذلك نتيجة الحاجة‏ إلى العمل من أجل الحصول على ضرورات الحياة الأساسية، وضرورات الحياة أصبحت متوفرة ونشأت مشكلة جديدة هي مشكلة الفراغ.

‏وعلى هذا فإن المجتمع الصناعي في الدول المتقدمة امتص في رأيه ثورية الطبقة العاملة وقد جعلها تفقد الباعث الأساسي من أجل الصراع الاجتماعي وحوّلها إلى جزء من الأنظمة القائمة، ولم تعد طبقة منبوذة وأصبحت الجماعات المنبوذة هي وحدها العناصر الثورية والتي تقع عليها واجب تغيير المجتمعات وهذه الفئات الثورية توجد الآن عند الأقليات والطلبة والشباب والفلاحين والعاطلين عن العمل والمثقفين وشعوب العالم الثالث والمتمردين المنبوذين من البشر والمجتمعات المختلفة.


شارك المقالة: