انتشار الخط العربي

اقرأ في هذا المقال


كيف انتشر الخط العربي؟

مثلما اختلف العلماء عن أصل الخط ونشأته فقد اختلفوا أيضاً في مكان انتشاره وتطوّره، حيث يرى بعض العلماء أنّ الخط العربي قد انتقل من شمال سوريا وحوران مع أهلها في تجارتهم الى الأنبار وإلى الحيرة عاصمة اللخيميين في وادي الفرات الأوسط ومنه الى دومة الجندل فالمدينة ومنها الى مكة فالطائف.

كما ويرى البعض الآخر من العلماء أنه انتقل من حوران إلى العلا فشمال الحجاز الى المدينة ومكة، وهناك من يرى أنّ الرأي الأول هو الأرجح والأدق.

أما الحديث حول كيف انتقل الخط العربي الى الحجاز فيمكن استخلاصه، بأنّ الكتابة في العصر الجاهلي وفجر الإسلام القريب من عصر الرسالة المحمدية كانت على قدر ضئيل من الانتشار في مكة وعلى درجة أقل من غيرها من المدن أو بين رجال القبائل

هذا وقد روي أنه كان في قريش ممن يجيد القراءة والكتابة عند ظهور الإسلام سبعة عشر رجلاً منهم عمر بن الخطّاب وعلي بن أبي طالب وعثمات بن عفان ويزيد بن أبي سفيان، ومن النساء اللواتي كنّ يكتبنّ هن الشفاء بنت عبد الله العدوية، وعائشة ينت سعد التي روي عنها أنها تعلمت عن أبيها وغيرها من النساء، كما كان الخط المستخدم للكتابة هو الخط المكي، ويذكر أنّ الذين عرفوا الكتابة كانوا أكثر من هذا العدد؛ لأنّ العرب في العصر الجاهلي في أيام الفترة التي سبقت الإسلام كانوا يعنون بتسجيل الأحداث اليومية المهمة التي لها علاقة وثيقة بسواد الناس كتسجيل العهود.

وكتابة المواثيق وتثبيت الأحلاف كذلك تثبيت الصكوك التي كثيراً ما استعملت في حساب الأعمال التجارية والحقوق إضافة إلى اهتمامهم بكتابة الرسائل المتبادلة فيما بينهم ولا يغيب عن البال أنّ هناك ضرباً آخر من المدونات المتعارف عليها وهي ما سميّت بمكاتبة الرفيق؛ أي سند ملكية الرفيق.
ويقال أنه ممن كان يحسن الكتابة هو عبد المطلب بن هاشم جد الرسول صلى الله علي وسلم، فقد روي ابن النديم أنّ في خزانة الخليفة المأمون العباسي كتاباً بخط عبد المطلب على جلد أدم، وكما يرجح أنّ عبد المطلب كان يحسن الكتابة بالخط العربي الشمالي أنّه نادم حرب بن أميّة الذي كان يحسن الكتابة بالخط العربي الشمالي.

ولدراسة المسالك التي اتبعها الخط العربي الشمالي في انتقاله الى الحجاز، فقد ذهب عدد كثير من المؤرخيين العرب القدامى بأنه قد تم عن طريق الحيرة، وقد نال هذا الرأي تأييد بعض ذوي الاختصاص المعاصريين.

أما الفريق الأخر فقد ذهب الى أنّ الانتقال لم يتم عن طريق الحيرة لوحدها، وإنما سلك طريقاً آخراً هو طريق هجر، ومن هؤلاء الباحثة نبيهة عبود والدكتور جواد علي، لذلك فقد يستخلص القارئ أن انتقال الخط العربي الشمالي إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من الحجاز قد تمّ بالدرجة الأولى عن طريق السوريين أو النبط أنفسهم، أي عن طريق
جنوب سوريا وبنفس الطريقة انتقل الخط إلى وسط العراق وجنوبه.
ومما ساعد في ذلك الانتقال هو الطريق التجاري المباشر الذي كان يربط الحجاز بالشام، مع العلم أنّ العلاقات التجارية كانت تربط الحجاز بالحيرة وغيرها من مدن سوريا، وإن كان هذا لا يمنع من أنّ بعض رجال مكة من القرشيين كانوا على اتصال بأهل الأنبار وأهل الحيرة أو حتى أنّ بعضهم قد تعلمّ الكتابة هناك.
وبعد استقرار الخط العربي في الحجاز وعلى وجه الخصوص بمكة ووجود عدد كبير من الكتاب الذين يجيدون الكتابة والقراءة ،حيث انّهُ كان للدين الإسلامي دور كبير بشكل عام وللنبي الكريم صلى الله عليه وسلّم اثراً عظيماً في انتشار الكتابة في فجر السلام نتيجةً للأهتمام الرئد في ذلك العصر في تعليم ونشر الكتابة بين الناس عامةً.
حيث قال تعالى :(اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم النسان ما لم يعلم).وقال تعالى :(ن والقلم وما يسطرون) ،وقوله صلّالله عليه وسلم (قيّدوا العلم بالكتاب).وقوله صلى الله عليه وسلم (أول ما خلق الله من شيء القلم).

ومن تشجيع الرسول صلى الله عليه وسلم الناس على تعلم القراءة والكتابة أنه عليه الصلاة والسلام طلب من بعض أسرى قريش بعد معركة بدر من الذين لم يقدروا على فداء أنفسهم أن يعلم كل منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة وكذلك فقد شجع الرسول الكريم النساء تعلم القراءة والكتابة.

ماهي الأمور التي تدل على أنّ عصر الراشدين اهتم بالكتابة؟

حيث يبدأ منذ زمن الخلفة عمر بن الخطاب يرجع أقدمها الى سنة (20هجري الى 640م) وآخرها وأقدمها يرجع الى أوخر عصر خلافة علي بن أبي طالب وتشمل تلك الوثائق المكتوبة مسكوكات ولفائف بردي وأحجار، وقد أوردت الباحثة سهيله ياسين الجبوري دراسة وافية عن هذه الوثائق وتحليل كتابتها، ما يمكن التحويل عليه وبالإمكان مراجعته عند طلب المزيد من المعرفة.
ومن الأمور المسلّم بها أن النقوش الكتابية لم يكن المقصود بها إثبات اسم صاحب التحف أو مؤسس البناء أو التبرك ببعض الأيات القرآنية بل أن الفنانيين المسلمين اتخذوا الكتابة عنصراً حقيقياً من عناصر الزخرفة، كما أنّ الحروف العربية وجدت أصلح من غيرها لتلك الأغراض بما فيها من استقامة وانبساط، كما ويجدر بالذكر أنّ العرب قد فرضوا لغتهم في كل الأقاليم؛ لأنها الأصلح وبذلك استخدمت تلك الدول اللغة العربية الأساس في كتاباتهم.


شارك المقالة: