ما هي أسس النقد الفني؟
يرتكز النقد الفني على مجموعة من الأسُس التي تؤثر على قبول كافة الناس باختلاف ثقافاتهم للفن وللأعمال الفنية، ومنها الأساس النفعي، والأساس التعليمي، والأساس الأخلاقي، والأساس الاجتماعي، والأساس النفسي، والأساس جمالي البحث.
- الأساس النفعي: نظر الإنسان منذ القدم إلى الفن على أساس ما يقدمه من منفعة للشخص أو للجماعة، ونظر أيضاً إلى ما به من جمال يبهر الناظر إليه، فالفن مرتبط في جميع الحضارات بالمنفعة المرجوة منه، ولهذه المنفعة تأثير كبير في الحكم على الجمال فاختلفت الآراء حول الجميل أنه هو النافع، فبعض الآراء يؤكد أن النفع شرط أساسي في الجميل، والبعض الآخر يؤكد ذلك.
- الأساس التعليمي: هو الأساس الذي يقوم على ضرورة قيام الفن بتوصيل رسالة تحتوي على الفكر العلمي، أو الوجداني، أو الإنساني، من خلال الاستمتاع بهذا الفن ونقده، فالأساس التعليمي ذو اهتمام أكثر مضمون العمل الفني، وما ينتج عنه من معرفة؛ فيحكم على جمال الفن بقدر ما يوصله من معارف وقيم تعليمية والنقد من خلال هذا الأساس يبقى نسبياً تبعاً لنسبة الرسائل المعرفية الصادرة عنه، والأشخاص المتقبلين للعلم الناتج عنه. ومن الملاحظ أن الأساس التعليمي يقل في مجال الفن التشكيلي، وإنما يتشكل بشكل كبير في ميدان الأدب والشعر.
- الأساس الأخلاقي: هو الأساس الذي يربط الفن بالأخلاق والدين، وقد كانت الغريزة الجمالية عند الإغريق تختلط بالشعور الديني، لذلك يرجع مولد هذه النظرية الأخلاقية إلى الهدف الذي وضع الفن من حيث أنه يدعو إلى الخير، وينبذ الشر، ويعمل على تهذيب السلوك، ورفع الروح المعنوية في المجتمع، والإجتهاد، ونشر الفضائل. أما بالنسبة للعقيدة الإسلامية كان لها أثر في قبول الجمال في الفن، فالجمال في العقيدة الإسلامية هو وعي وتفكير معرفي يقود إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى. أما في الوقت الحالي فيلاحظ أن الناقد الذي ينظر للفن من الناحية الدينية قل وجوده عن ذي قبل.
- الأساس الجمالي: الأساس الجمالي يقع تركيزه على الموضوع إلى الشيء ذاته، وعناصر الجمال في العمل الفني الجميل لا تهتم بالعوامل الخارجية عنها، وإنما تكمن الغاية فيها، وبمعرفة العناصر تكون متعة جمالية بحتة. وأشار أحد النقاد إلى أن ما يعطي موضوع جميل للعمل الفني إنما هي عناصر التكوين الذي هو: صنع أشياء من جميع عناصر وخامات البيئة الطبيعية، فالدور الذي يقوم به هو تنظيم عناصر العمل الفني بأسلوب يراه مناسب له. ويعتمد أيضاً النقد الفني في هذا الأساس على مدى قدرة المتلقي على تقبل بناء العمل الفني الشكلي، إذ يصبح عملاً يمكن تذوقه جماليا وبسهولة، والنقد على هذا الأساس يهتم بالشكل المكون من عناصر التصميم وأسس وعلاقات مترابطة وما ينتج عنها من تفاعل.
- الأساس النفسي: الأساس النفسي بنفسية الفرد؛ فحالة المتلقي النفسية تؤثر في اندماجه أو ابتعاده عن العمل الفني، وتحدد حكمها عليه، إذ يعمل علم النفس على المساعدة في فهم العوامل التي من شأنها أن تؤثر على الحكم الجمالي، وفي تحقيق الفن لذاتية الإنسان، والأساس النفسي للنقد يعتبر الفنان متميزاً بشعوره وأحاسيسه، إذ يقوم علم النفس أيضاً بدراسة أثر الحالة النفسية والإبداع فيه. إضافةً إلى ذلك يتطلب من الناقد في الأساس النفسي الربط بين تحليل الأعمال وتفسيرها بالمشاهد ونفسيته، وكذلك ربطها بحياة الفنان، وتاريخه وحاضره الفني، وعلى الناقد أن يكون مُلماً بالنظريات النفسية التي تمكنه من معرفة ظروف الفنان والمتلقي النفسية، والنقد على هذا الأساس يعتمد على الذاتية في التقويم الجمالي وإبداء الرأي، والتحليل، والتأويل، والتفسير، وهذا من شأنه أن يبتعد عن الموضوعية.
- الأساس الاجتماعي: مهمة المدرسة الاجتماعية هي توضيح الغاية التي يقوم بها الفن في المجتمع، فالفن وظيفة للمجتمع، ولها أهمية كبرى في المحافظة على البيئة الاجتماعية، والواجب على الفن في هذا الأساس تنمية المشاركة الوجدانية في المجتمع، إذ أكد أن هذا الأساس يتضح أنه يربط بين الفن والأساس التعليمي والأخلاقي، وفي ميدان الحكم النقدي يرفض الحكم الاجتماعي كل الأعمال الفنية التي تتصف بالفردية، ولا تنشأ بينها وبين أفراد المجتمع أي علاقة؛ لذا فالأساس الاجتماعي إذن يربط بين العمل الفني وظروف الحياة. وتؤكد أحد النظريات أن الفرد يتأثر بالمتغيرات الإجتماعية والحضارية بما يتناسب مع البيئة، وما يجعل من تقبل الفن والجمال شيئا متقبلاً في المجتمعات المعاصرة إنما هي التغيرات الثقافية السريعة.