الخط العربي لم يتطور دون جهود وتكاثف من العلماء الذين بذلوا كل جهد من أجل الكتابة بحروف طورت ونمت من أجل جعل الخطوط العربية بأنواعها العديدة قصة يتعلمها الصغير قبل الكبير ليستطيع من خلاله تفكيك تلك الحروف وتركيبها من أجل الخروج إما بقصة أو رواية ولربما حضارة وتاريخ كتبه ذلك الزمان.
ما هي القضايا التي واجهت الخط العربي في رحلته التاريخية؟
1- قضية رقش الحروف:
رقش الحروف ويعني استخدام نظام التنقيط للتمييز بين حروفها المتطابقة في الشكل، حيثُ أن الأبجدية العربية فيها مجموعات من الحروف ترسم بطريقة واحدة، وهي الباء، التاء، الثاء، والنون، وغيرها من الحروف العربية المتشابهة من حيث الشكل. وبدون نظام التنقيط هذا الذي يميز كل حرف عن غيره من الحروف يصبح من الصعب قراءة الكلمة صحيحة دائماً، ويصبح التصحيف أي قراءة الكلمة على غير وجهها الأول المقصود أمراً شديد الاحتمال.
ويورد عن ابن مسعود وهو صحابي جليل له، كان له مصحفه الخاص من أنه قال بخصوص التنقيط: (جردوا القرآن ليربوا فيه صغيركم ولا ينأ عنه كبيركم)؛ لذلك فإن عدم ظهور النقط في القرآن الكريم في بادئ الأمر لا يمكن أن يستدل منه على عدم معرفة العرب آنذاك به.
على أن الحاجة إلى نقط القرآن نقطاً كاملاً ما لبث أن صارت ماسة عندما ظهر التصحيف، واللحن على ألسنة الناس سواء من العرب أنفسهم، أو من دخلوا في الإسلام من البلاد المفتوحة. عند ذلك ارتفع الحرج نهائياً أمام الخطر الداهم.
أما اللحن فقد تزايد حتى فزع منه أبي الأسود الدؤلي فنشط بأمر أو بتفويض من زياد بن أبي سفيان. والي العراق في خلافة معاوية في وضع ضوابط للكتابة تعصم من اللحن، وكان يكتب النقطة فوق الحرف بمداد يختلف لونه عن لون مداد الكتابة نفسها. وإلى الكسرة فجعلها نقطة تحت الحرف، وإلى الضمة فجعلها نقطة بين يدي الحرف على خط استواء الكتابة، وأما السكون فقد أهمله، وكان إهماله في هذه الحالة يدل عليه، وبهذه الطريقة استطاع أبي الأسود الدؤلي تشكيل المصحف كله.
2- قضية التصحيف:
يبدوا أنه استمر؛ لأن ما صنعه أبو الأسود الدؤلي من ضبط لحركات الحروف ولم يكن ليحول دون الوقوع في خطأ التصحيف نتيجة لغياب النقاط من الحروف المشابهة.
وظلت الكتابة على هذا النحو إلى عهد عبد الملك مروان حتى جاء الحجاج وطلب من كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المتشابهة علامات، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بذلك، فوضع النقط أفراداً وأزواجاً، وخالف بين أماكنها بتوقيع يعضها فوق الحروف وبعضها تحت الحروف. ويعزي إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي ابتداع هذا الشكل الجديد في بواكير القرن الثاني الهجري.
3- قضية الوسائل:
مشكلة الوسائل والتي يصلح التدوين عليها فالخطاط يحتاج إلى القلم ليكتب به وإلى أداة ليكتب عليها، حيث لم يعرف العرب الأدوات التي يكتب بها إلا في أواخر القرن الثاني الهجري.
كان العرب قبل ذلك الوقت يستخدمون ما يعرف بالرقاع، والرقاع هو من الجلد وكذلك استخدموا عسب النخيل. بالإضافة إلى اللخاف وهو عبارة عن حجارة بيضاء رقيقة تصلح للكتابة عليها. كذللك استخدموا عظام الكتف العريضة، الأضلاع، القماش.
أما استخدام ورق البردي للكتابة العربية في مصر بصفة خاصة، فقد بدأ منذ الفتح العربي لمصر. لكن صناعة الورق والتي بدأت في مدينة سمرقند والتي فتحها العرب سنة 87 هجري حيث ظهر الورق في العراق.