ما هي القواعد الفقهية الحاكمة على ربا الديون؟

اقرأ في هذا المقال


الربا من الأساليب المالية المحرّمة في المعاملات المالية الإسلامية، وتم العمل على محاربته ومنع التعامل فيه، لما فيه من أضرار مالية على أرزاق الناس، إضافة لأضرار اجتماعية تولّد الحقد والكراهية بين الناس، لذلك تم العمل على تحرير قواعد فقهية إسلامية، لضبط المعاملات المالية وعدم التعامل بالربا بكافة أشكاله سواء كان في الديون أو البيوع، وهنا سنتحدّث فقط عن القواعد الحاكمة على ربا الديون.

القواعد الفقهية الحاكمة على ربا الديون:

أوّلاً: ربا الجاهلية موضوع:

تعتبر هذه القاعدة من أكبر الضوابط الفقهية للمعاملات المالية الإسلامية، وجاء فيها نصوص صريحة من السنة النبوية، حيث يدخل تحت حكمها كثير من أشكال الربا التي كانت في الجاهلية. وتقوم هذه القاعدة على حكمين أساسيين، تنبني عليهما كثير من الأحكام الخاصة بأشكال ربا الجاهلية، وهما:

  1. الحكم الأول: أن ربا الديون محرّم، مهما كان قليلاً أم كثيراً، ويُقصد بربا الديون هنا ربا الجاهلية، وهو معروف بهذا الاسم.
  2. الحكم الثاني: إبطال الزيادة التي يتم اشتراطها، على الديون والقروض والمستحقات التي يتم تأجيلها.

وبناءً على هذه القاعدة فإنّ الفوائد العائدة من البنوك على الودائع محرّمة، وعلى المودع ردّها وعدم خلطها بماله، كما أن شهادات الاستثمار تعتبر من أشكال ربا الجاهلية، وكذلك الفوائد الناتجة عن صناديق التوفير، والفوائد المكتسبة من الاعتمادات المستندية وسندات القروض الصادرة من البنوك الربوية.

ثانياً: أحل البيع وحرم الربا:

وهذه قاعدة من الضوابط الفقهية القرآنية، والتي تُسيطر على المعاملات المالية في الفقه الإسلامي، وتم التصريح بها في القرآن الكريم، وهي هنا تفيد تحليل معاملة البيع فالأصل في البيوع الجواز سواء كانت بالعاجل أم الآجل، وتحريم الربا بكافة أشكاله. وتتولّى هذه القاعدة مهمة التفريق بين البيوع الحلال، وبين البيوع التي دخلت في نطاق الربا، حيث كلاهما معاملات ومبادلات تعود بالكسب والربح على صاحبها.

ثالثاً: كل زيادة مشروطة في الدين نظير الأجل فهي الربا:

هذه القاعدة مبنية على القاعدتين السابقتين، وفيها تحليل لما تم ذكره فيهما، فكلمة كل هنا تعني أنّ كافّة أشكال الزيادة على الدين محرّمة، كثيرها أم قليلها، سواء من جنس المال أو من غير جنسه، وهذا ما أجمع عليه الفقهاء المسلمون.

رابعاً: كل قرض جر نفعاً فهو ربا:

وتعتبر هذه القاعدة ضابطاً مكمّلاً للقاعدة السابقة، فكل قرض تُشترط فيه المنفعة مقدّماً، يندرج تحت مضون الربا وأشكاله، وتتعدّد صور المنفعة على القروض والديون المؤجّلة، ولكنها جميعها محرّمة.

خامساً: لا يحل سلف وبيع:

هذه قاعدة ثابتة وذكر فيها نص صريح من السنة النبوية الشريفة، وتعني عدم جواز البيع المشروط بالقرض، كأن يبيع شخص سلعة لآخر مقابل الحصول لى قرض منه، فهو هنا جمع بين عقد معاوضة وعقد تبرّع في نفس الوقت.

سادساً: لا بيعتان في بيعة:

أصل هذه القاعدة الحديث الشريف الذي نهى به النبي _عليه الصلاة والسلام_ عن بيعتين في بيعة، وفي الحديث عن معنى هذه القاعدة نجد أن العلماء اختلفوا في تفسيرها، إلّا أنه كان اختلاف فقط في تنوّع الصور والأشكال للمعاملة، حيث ذكر كل واحد من العلماء صورة مختلفة عن الآخر. وكان من أخطر هذه الصور التي ذكرها العلماء بيع العينة، وهو بيع سلعة مقابل ثمن مؤجّل، ثمّ شرائها من المشتري من قِبل البائع نفسه بسعر معجل وأقل من السعر الأول.

سابعاً: لا يُباع الكالئ بالكالئ:

وبيع الكالئ بالكالئ هو بيع الدَّين بالدَّين وهوعقد بيع فاسد وغير مشروع بكافة صوره وأشكاله، ولا يجوز التعامل به، لأنّه يفضي إلى الربا في الديون.

ثامناً: كل حيلة على دين حيلة على الربا:

نعني بالحيلة في الشرع أن يتسبب الفرد في إسقاط الواجب أويُبيح ما حكمه محرم باستخدام أساليب الحيلة والخداع، والحيل التي تتسبب في تحويل الواجب إلى غي واجب أمام الناس والتظاهر في تحليل ما هو محرّم، هي أفعال وتصرفات محرّمة ولا يجوز العمل بها.

تاسعاً: الربا لا يجوز قليله ولا كثيره وليس كالغرر:

الربا والغرر هي أكبر المفسدات في المعاملات المالية، حيث دعا الإسلام إلى محاربتهما وعدم التعامل بهما، والربا من التصرفات المحرّمة وغير المشروعة، سواء قليلة أو كثيرة، أمّا الغرر فلا حرج على قليله إن كان لذلك ضرورة، فهو أقل درجة ضرر من الربا.

عاشراً: الربا لا تجوز إباحته في الشرع تبعاً:

الربا من الأفعال الأكثر ضرراً وفساداً على الأفراد وأموالهم وأنفسهم، وسار الشرع في تحريمه تبعاً لهذه الأضرار من باب سد الذرائع، وتتفق هذه القاعدة مع القاعدة السابقة الربا لا يجوز قليله ولا كثيره.

أحد عشر: الديون تقضى بأمثالها:

لا تؤدّى الديون الثابتة في الذمة بقيمتها، سواء كانت حقوقاً مؤجلة أو قروضاً، فمن الواجب آدائها بمثلها من حيث الوزن أو المكيال أو العدد، دون أخذ تغيّر القيمة ارتفاعاً أو انخفاضاً بعين الاعتبار، أمّا إذا تعذّر على المقترض رد الدًّين بمثله، فعليه تقدير سعر الدين يوم استحقاقه وليس يوم ثبوته في ذمته.


شارك المقالة: