ملخص حياة الفيلسوف برتراند راسل

اقرأ في هذا المقال


كان برتراند آرثر وليام راسل (1872–1970) فيلسوفًا ومنطقيًا وكاتب مقالات وناقدًا اجتماعيًا بريطانيًا اشتهر بعمله في المنطق الرياضي والفلسفة التحليلية، وتشمل مساهماته الأكثر تأثيرًا مناصرته للمنطق (وجهة النظر القائلة بأنّ الرياضيات بمعنى ما يمكن اختزالها إلى المنطق).

كما أنّ صقله لحساب التفاضل والتكامل الأصلي لجوتلوب فريج (الذي لا يزال يشكل أساس معظم أنظمة المنطق المعاصرة)، ودفاعه عن الوحدوية المحايدة (وجهة النظر القائلة بأنّ العالم يتكون من نوع واحد فقط من المواد التي ليست عقلية حصرية ولا مادية بشكل حصري)، ونظرياته عن الأوصاف المحددة والذرية المنطقية والأنواع المنطقية.

كيف يرى المفكرون وراسل نفسه؟

كانت المحاولات لتلخيص حياة راسل عديدة وأحد أشهر هؤلاء هو فيلسوف أكسفورد ألفرد جولز آير، الذي كان قد كتب آير: “إنّ المفهوم الشائع للفيلسوف باعتباره شخصًا يجمع بين التعلم الشامل واتجاه السلوك البشري كان أكثر رضاءًا من قبل برتراند راسل أكثر من أي فيلسوف آخر في عصرنا”.

وهناك تعليق آخر مؤثر يأتي من فيلسوف ويلارد فان الأورمان كواين: “أعتقد أنّ كتب راسل انجذبت إلى مهنتنا، وكتب مجموعة من الكتب للجمهور المتخرج حيث من شخص عادي إلى متخصص، ولقد أذهلنا الذكاء والشعور بالوضوح الجديد فيما يتعلق بالسمات المركزية للواقع”.

على الرغم من مثل هذه التعليقات ربما يكون التلخيص الأكثر تميزًا عن حياة راسل وعمله يأتي من راسل نفسه كما يخبرنا راسل:

“سيطرت على حياتي ثلاث عواطف بسيطة لكنها قوية للغاية وهي: التوق إلى الحب، والبحث عن المعرفة، والشفقة التي لا تطاق على معاناة البشرية، وهذه المشاعر مثل الرياح العاتية قد هبت بي هنا وهناك في مسار ضال، وفوق محيط عظيم من الألم وصلت إلى حافة اليأس”.

“لقد سعيت إلى الحب أولاً لأنّه يجلب النشوة، أي نشوة عظيمة لدرجة أنني كنت سأضحي في كثير من الأحيان ببقية حياتي لبضع ساعات من هذا الفرح، ولقد سعيت إليه بعد ذلك لأنّه يخفف من الشعور بالوحدة، وتلك الوحدة الرهيبة التي ينظر فيها المرء إلى وعي مرتجف على حافة العالم إلى هاوية باردة بلا حياة لا يسبر غورها، ولقد سعيت إليه أخيرًا لأنني في اتحاد الحب رأيت في مصغرة صوفية رؤية مسبقة للسماء تخيلها القديسون والشعراء، وهذا ما سعيت إليه وعلى الرغم من أنّه قد يبدو جيدًا جدًا لحياة الإنسان وهذا ما وجدته أخيرًا”.

“مع نفس الشغف سعيت للمعرفة، ولقد تمنيت أن أفهم قلوب الرجال، ولقد أردت أن أعرف لماذا تتألق النجوم، وقد حاولت فهم قوة فيثاغورس التي يتحكم بها الرقم فوق التدفق، ولقد حققت القليل من هذا ولكن ليس الكثير”.

“المحبة والمعرفة بقدر ما يمكنهما قادا إلى الأعلى نحو السماء، ولكن دائما شفقة جلبت لي مرة أخرى إلى الأرض، وأصداء صرخات الألم تتردد أصداؤها في قلبي، فالأطفال في المجاعة، والضحايا الذين يعذبهم الظالمون، وكبار السن العاجزون عبئًا مكروهًا على أبنائهم، والعالم بأسره من الوحدة والفقر والألم يجعلون استهزاء بما ينبغي أن تكون عليه الحياة البشرية، فأتوق للتخفيف من هذا الشر لكنني لا أستطيع فأنا أيضًا أعاني”.

“كانت هذه حياتي، ولقد وجدت أنّها تستحق أن أعيشها وسأعيشها بكل سرور إذا أتيحت لي الفرصة”.

راسل الفيلسوف والكاتب السياسي:

بأي معيار فإنّ راسل عاش حياة كاملة بشكل هائل، بالإضافة إلى عمله الفكري الرائد في المنطق والفلسفة التحليلية فقد أشرك معظم حياته في السياسة، وفي وقت مبكر من عام 1904 تحدث بشكل متكرر لصالح الأممية، وفي عام 1907 ترشح للبرلمان ولكن دون جدوى.

وعلى الرغم من أنّه وقف كمستقل فقد أيد البرنامج الليبرالي الكامل لعام 1907، كما دعا إلى توسيع نطاق الامتياز ليشمل النساء بشرط أن يتم إدخال مثل هذا التغيير السياسي الجذري من خلال وسائل معترف بها دستوريًا، وبعد ثلاث سنوات أي عام 1910 نشر كتابه القلق المناهض للعضوية.

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى انخرط راسل في أنشطة مناهضة للحرب، وفي عام 1916 تم تغريمه 100 جنيه إسترليني لتأليف كتيب مناهض للحرب، وبسبب إدانته تم فصله من منصبه في كلية ترينيتيكامبريدج (هاردي 1942).

بعد ذلك بعامين أدين للمرة الثانية ولكن هذه المرة لأنّه أشار إلى إمكانية استخدام القوات الأمريكية لترهيب المضربين في بريطانيا، وكانت النتيجة هي خمسة أشهر في سجن بريكستون كسجين رقم 2917.

في عامي 1922 و 1923 ركض راسل مرتين أخريين للبرلمان، ومرة أخرى دون جدوى ومع زوجته الثانية دورا أسس مدرسة تجريبية كانوا يديرونها في أواخر عشرينيات القرن الماضي و أوائل الثلاثينيات (راسل 1926 وبارك 1963).

ولربما ليس من المستغرب أنّ بعض أنشطة راسل الأكثر راديكالية (بما في ذلك دعوته للممارسات الجنسية ما بعد الفيكتورية) كانت مرتبطة في أذهان العديد من الناس بإلحاده، والتي اشتهرت جزئيًا من خلال مناظرته في بي بي سي (BBC) عام 1948 مع الفيلسوف اليسوعي فريدريك كوبليستون حول وجود الله.

على الرغم من أنّ راسل أصبح إيرل (وهو لقب إنجليزي ويعني أنّه أصبح نبيل بريطاني يحتل مرتبة أعلى من فيكونت وتحت مركيز) راسل الثالث بعد وفاة شقيقه في عام 1931، إلّا أنّ تطرف راسل استمر في جعله شخصية مثيرة للجدل حتى منتصف العمر.

أثناء التدريس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة في أواخر الثلاثينيات عُرض عليه تعيين مدرس في سيتي كوليدج في نيويورك، وتم إلغاء التعيين بعد سلسلة من الاحتجاجات وقرار قضائي عام 1940 وجده غير لائق أخلاقياً للتدريس في الكلية، واستند القرار القانوني جزئيًا إلى إلحاد راسل وجزئيًا على شهرته كمدافع عن الحب الحر والزيجات المفتوحة.

في عام 1954 ألقى راسل بثه الشهير (خطر الرجل – Man’s Peril) على بي بي سي (BBC)، حيث أدان اختبارات القنبلة الهيدروجينية في بيكيني، وبعد عام أصدر مع ألبرت أينشتاين بيان راسل-أينشتاين الذي يدعو إلى تقليص الأسلحة النووية.

في عام 1957 أصبح منظمًا رئيسيًا لمؤتمر بوجواش (Pugwash) الأول، والذي جمع عددًا كبيرًا من العلماء المهتمين بالمسألة النووية، وأصبح الرئيس المؤسس لحملة نزع السلاح النووي عام 1958 والرئيس الفخري للجنة المائة عام 1960.

في عام 1961 تم سجن راسل مرة أخرى، وهذه المرة لمدة أسبوع بسبب الاحتجاجات المناهضة للأسلحة النووية، ولم تؤد التغطية الإعلامية المحيطة بإدانته إلّا إلى تعزيز سمعة راسل وإلهام المزيد من الشباب المثاليين الذين كانوا متعاطفين مع رسالته المناهضة للحرب وللأسلحة النووية، ابتداءً من عام 1963 بدأ العمل في مجموعة متنوعة من القضايا الإضافية، بما في ذلك الضغط نيابة عن السجناء السياسيين تحت رعاية مؤسسة بيرتراند راسل للسلام.

الأعمال الأدبية التي شارك بها راسل:

طوال معظم حياته رأى راسل نفسه في المقام الأول على أنّه كاتب وليس فيلسوفًا، حيث وضع كلمة المؤلف على أنّها مهنته في جواز سفره، وكما يقول في سيرته الذاتية: “لقد عقدت العزم على عدم تبني مهنة ولكن على تكريس نفسي للكتابة”، وعند حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1950 استخدم راسل خطاب القبول مرة أخرى للتأكيد على الموضوعات المتعلقة بنشاطه الاجتماعي.

على مر السنين عمل راسل كموضوع للعديد من الأعمال الإبداعية بما في ذلك:

1- السيد أبولينكس (Mr Apollinax) لتوماس ستيرنز إليوت عام 1917.

2- الرجل الأعمى (The Blind Man) لديفيد هربرت لورانس 1920.

3- كروم يلو (Chrome Yellow) لألدوس هكسلي عام 1921.

4- العالم كما وجدته (The World as I Found) لبروس دوفي عام 1987.

5- لوجيكوميكس (Logicomix): بحث ملحمي عن الحقيقة عام 2009 وهي رواية مصورة لأبوستولوس دوكسياديس وكريستوس باباديميتريو.

أعمال تناولت حياة الفيلسوف راسل:

يتم تشجيع القراء الذين يرغبون في الحصول على معلومات إضافية حول حياة راسل على الرجوع إلى مجلدات السيرة الذاتية الخمسة التي كتبها راسل وهي:

1- صور من الذاكرة ومقالات أخرى (A1956b).

2- تطوري الفلسفي (1959).

3- سيرة ذاتية لبرتراند راسل (3 مجلدات ، 1967 ، 1968 ، 1969).

4-بالإضافة إلى ذلك يقدم جون سلاتر الذي يمكن الوصول إليه برتراند راسل (1994) مقدمة قصيرة ولكنها غنية بالمعلومات عن حياة راسل وعمله وتأثيره.

5- تشمل المصادر الأخرى لمعلومات السيرة الذاتية الموثوقة لرونالد كلارك عن حياة برتراند راسل (1975)، ومجلدين لراي مونك وهما: برتراند راسل: روح العزلة (1996) وبرتراند راسل: شبح الجنون (2000)، والمجلد الأول من أندرو إيرفين برتراند راسل: التقييمات النقدية (1999).

المصدر: PORTRAITS FROM MEMORY and Other Essays, by BERTRAND RUSSELL, SIMON AND SCHUSTER NEW YORK,1956.The Philosophical Importance of Mathematical LogicAN OUTLINE OF PHILOSOPHY, By Bertrand Russell, LONDON GEORGE ALLEN & UNWIN LTD MUSEUM STREET, First published in Great Britain 1927 AMERICAN BINDERY TOPEKA, KANSAS MAY 21 195T, Printed in Great Britain ly R. & R. CLARK, LIMITED Edinburgh.THE AUTOBIOGRAPHYOF BERTRAND RUSSELL, 1914-1944, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, PRINTED IN THE UNITED STATES OF AMERICA.THE AUTOBIOGRAPHY OF BERTRAND RUSSELL, 1872-1914, An Atlantic Monthly Press Book LITTLE, BROWN AND COMPANY BOSTON TORONTO, FIRST AMERICAN EDITION. BERTRAND RUSSELL OUR KNOWLEDGE OF THE EXTERNAL WORLD AS A FIELD FOR SCIENTIFIC METHOD IN PHILOSOPHY, GEORGE ALLEN & U N WIN LTD RUSKIN HOUSE, 40 MUSEUM STREET, LONDON,


شارك المقالة: