المنهج المقارن في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعبر المنهج المقارن في علم النفس عن طريقة بحث تجريبية لتحليل ومقارنة سلوك الأنواع المختلفة من الحيوانات غير البشرية، والثقافات المختلفة للإنسان، والفئات العمرية المختلفة للإنسان والحيوانات الأخرى من أجل تحديد أوجه التشابه والاختلاف وفهم العديد من الظواهر المثيرة للاهتمام.

المنهج المقارن في علم النفس

منذ القرن الثامن عشر تم تحدي احتكار علم النفس العام من قبل العديد من علماء النفس، التي أكدت مبدأ النمو العضوي في العالم الطبيعي وفي البيئات الثقافية، ونظرية التطور الداروينية، حيث اعتبرت كلتا الحركتين التباين كمبدأ طبيعي أساسي قدمت العلاقات الشخصية ونظرية التطور المناخ الفكري لظهور مناهج نفسية جديدة جعلت الاختلافات موضوع دراستها في المنهج المقارن في علم النفس، والتي تم بناء العديد من الاتجاهات من خلالها.

تم ظهور علم نفس الحيوان المصنف ضمن المنهج المقارن في علم النفس، الذي يقوم بمقارنة سلوك وذكاء الأنواع بما في ذلك الجنس البشري، حيث اعتمد الكثير من هذا العمل على افتراض التطور العقلي أي زيادة تدريجية في الذكاء من الحيوانات الدنيا إلى البشر، والتطور السلوكي أي الغرائز الأولية مثل الحب أو الكراهية، تنتقل من إنسان ما قبل التاريخ إلى البشر المعاصرين والغرائز الثانوية المكتسبة بشكل فردي.

ثم بدأ علم نفس الطفل بدراسة التغيرات العقلية والسلوكية لدى البشر خلال السنوات الأولى من الحياة، ثم امتد لاحقًا ليشمل علم النفس التنموي الذي يغطي مدى الحياة بالكامل، ففي البداية غالبًا ما كان لعلم نفس الطفل خلفية تطورية وخاصة في المنهج المقارن في علم النفس، حيث تم تفسير نمو الطفل على أنه تكرار لتطور الجنس البشري، وفي وقت لاحق فقدت نظرية التطور تأثيرها الرئيسي واستمرت دراسة التنمية البشرية باهتمام عام بالتغيرات التي تحدث خلال حياة الناس.

بالتالي قام علم النفس الاجتماعي بتوثيق وعكس الاختلافات في الإدراك والعادات والقواعد التي تُعزى إلى الثقافة والمجموعات الاجتماعية داخل الثقافات على سبيل المثال الأسرة، لقد أجرى المنهج المقارن في علم النفس مقارنات عبر الثقافات للهياكل الاجتماعية، وقبل كل شيء اللغة والفن والعادات والسلطة والتعليم والقرابة، حيث كانت الموضوعات المفضلة هي تطور الهياكل الاجتماعية أي الداروينية الاجتماعية وكذلك تأثير العوامل الخارجية على سبيل المثال الجغرافية على الحياة الاجتماعية.

كان علم النفس الجماعي الذي ينسب إلى الحشود يهتم في فقدان العقلانية والوعي، حيث تم وصف الحشود بأنها عاطفية ومعبرة وغير مسؤولة ومعتادة للسلوك القيادي، والذي اقتصر فيها المنهج المقارن في علم النفس الاجتماعي على تحليل ثلاث قضايا أساسية تتمثل في مقارنة العلاقات الاجتماعية والإدراك الاجتماعي على سبيل المثال المواقف والصور والأفكار النمطية، والعمليات الاجتماعية على سبيل المثال الاتصال وحل مشاكل المجموعة.

أدوار المنهج المقارن في علم النفس

نشأ من خلال المنهج المقارن في علم النفس سيكولوجية الفروق الفردية من نظريات الكليات البشرية، الفكرية على سبيل المثال التفكير، والأخلاقية على سبيل المثال الإيثار في السلوك الإيجابي، حيث استفادت دراسة الفروق الفردية من القياسات الاجتماعية التي قيمت توزيعات تواتر السلوك المعادي والدخل وما إلى ذلك في السكان، ومنها تم العثور على مقاييس الذكاء والتحفيز والأداء لتوزيعها على شكل منحنى على شكل جرس مع المتوسط ​​الذي يمثل الحالة الأكثر شيوعًا.

ومن وجهة النظر الوراثية تمت مقارنة مواقف الوالدين وذريتهم في التوزيعات، حيث يمكن أن تُعزى الارتباطات الواضحة بين الآباء وأطفالهم إلى عوامل وراثية، ومع ذلك العوامل الاجتماعية والثقافية في المنهج المقارن في علم النفس على سبيل المثال النمط التعليمي تم فحصها أيضًا كأسباب لانتقال التصرفات العقلية والسلوكية عبر الأجيال.

لقد عدلت الدراسات حول الاختلافات التصنيفات والنماذج من علم النفس العام لمراعاة الفروق بين الأفراد وداخلهم في المنهج المقارن في علم النفس، ومنها تم بناء نماذج جديدة تأخذ بعين الاعتبار العوامل الوراثية، والتطور، والاجتماعية، والفردية التي تحكم الاختلافات العقلية والسلوكية، وهكذا صمم علم النفس التنموي والمنهج المقارن في علم النفس نماذج مرحلية للتغيرات الجينية والتطورية، وقد طور علم النفس الاجتماعي والمنهج المقارن في علم النفس نماذج لتشكيل المجموعة وتماسك المجموعة.

من الناحية المنهجية أجرت المناهج التفاضلية في المنهج المقارن في علم النفس تجارب، ولكنها جمعت أيضًا مجموعة كبيرة من البيانات من خلال الملاحظات والمسح الميداني على سبيل المثال الدراسات الطولية في علم النفس التنموي.

ففي المنهج المقارن في علم النفس تم تقديم وصف لأوجه التشابه والاختلاف في القدرات السلوكية والنفسية لمختلف الأنواع، دون اعتبار لعلاقتها التطورية، يكشف هذا النهج عن اتجاهات واسعة في التطور النفسي تتجاوز سلالات معينة، ووصف لأوجه التشابه والاختلاف في الأنواع التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعنى التطوري، بهدف محاولة تفسير تطور سلوك معين، ووصف السلوك النموذجي للأنواع للحيوانات في الحقل، والذي يكشف عن التكيفات الخاصة بكل نوع في بيئتها المعتادة، ونهج النموذج الحيواني.

البحث في التفكير وحل المشكلات في المنهج المقارن في علم النفس

تتمثل إحدى الأفكار الرئيسية للمنهج المقارن في علم النفس، المستمدة مباشرة من داروين (1909) ونظرية التطور، في إنكار الخلق المنفصل لكل نوع من أنواع الحيوانات المختلفة وقبول التطور والتطور النسبي.

حيث أن الفكرة هي أن البشر مثل الأنواع المعقدة الأخرى، تطوروا من كائنات أبسط وأن علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء والسلوك الإنساني البشري هم من نواح كثيرة نتاج عملية تطورية تنتج تعقيدًا وتمايزًا متزايدًا في شكل الحيوان، لذلك يمكن للمرء أن يتوقع إيجاد أوجه تشابه بنيوية ووظيفية بين الأنواع، وتطويره في المنهج المقارن في علم النفس، في الواقع ساعدت دراسة التفكير والسلوك عند الحيوانات الدنيا بشكل كبير في تحديد الطبيعة العامة للعمليات الرمزية البشرية.

الفكرة الثانية المهمة من النظرية التطورية في البحث عن التفكير وحل المشكلات في المنهج المقارن في علم النفس هي أن الكائنات الحية إلى حد ما، قادرة على التكيف مع المتطلبات البيئية، فهذا الكائن الحي الأكثر تجهيزًا للتغيير أو للتكيف مع مجموعة متنوعة من الظروف هو الأفضل للبقاء على قيد الحياة وإدامة شكله وأنواعه، ساعد هذا المبدأ في التركيز على العلاقة المهمة بين التركيب البيولوجي والوظيفة النفسية.

قضى فرانسيس جالتون (1874) عالم الطبيعة البريطاني العظيم سنوات عديدة في دراسة قدرات البشر على التكيف، من بين مساهماته العديدة تبدو ثلاثة منها ذات أهمية خاصة لعلم النفس والمنهج المقارن، أولاً ابتكر غالتون مجموعة متنوعة من الاختبارات للقدرة العقلية البشرية، مع التركيز على الأداء البشري بدلاً من الأحداث العقلية غير الملموسة.

ثانيًا أكدت نتائجه على أهمية الاختلافات الفردية بين البشر، مما أدى إلى ابتعاد علم النفس عن تركيزه السابق الحصري على العقل العام، ثالثًا طور غالتون بعض التقنيات الكمية الأصلية حقًا لوصف وتحليل السلوك، حيث كان لكل من هذه المساهمات إرث كبير في تطوير علم النفس المعرفي الحديث.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: