النجاح مقابل الفشل في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


نجاحاتنا التي تأتي بعد الفشل أو نجاحاتنا المباشرة مهمة بالنسبة لنا لأسباب نفسية عميقة، من وجهة نظر العقل اللاواعي فإن نجاحنا يُمثل أكثر من مجرد إنجازات خارجية، أي إنه يقف كدليل على قوتنا وكفاءتنا وقدرتنا، أي إنها بمثابة طمأنينة بأن لدينا الموارد النفسية اللازمة لتحقيق النجاح في هذا العالم يخبرنا أننا بأمان ويمكننا البقاء على قيد الحياة.

النجاح مقابل الفشل في علم النفس

من وجهة نظر التحليل النفسي ترتبط نجاحاتنا بإيمان أساسي في صلاحنا، فبالنسبة للعقل اللاواعي أن يكون الشخص ناجحًا يعني أن يكون جيدًا، وأن يكون جيدًا يعني أن يكون مستحقًا جديرًا بالوجود، ومستحقًا للاستمرار في العيش، وجديرًا بالبقاء، وعلى المستوى الأعمق لا يزال أن نكون صالحين يعني أننا نستحق أن نكون محبوبين، وأن يكون الشخص محبوبًا في النهاية هو ما يهمنا أكثر هذا هو الحال مع إخفاقاتنا.

لأن الحقيقة هي أننا يمكن أن نحتفل بالتقدم في حياتنا بشكل جيد بنفس القدر من خلال إخفاقاتنا كنجاحاتنا، نتذكر جميعًا بشكل حاد تجارب الفشل في تشكيل الحياة، مثل السقوط من على الدراجة، والرسوب في الامتحان، وعدم القدرة على تكوين الفريق، وعدم اتخاذ القرار الصحيح أو الحصول على المقابلة أو التاريخ أو الوظيفة أو النتيجة الجيدة أو صفقة الكتاب أو العلاقة السعيدة الدائمة، حيث تشكل تجارب الفشل هذه شكلنا مثل أي نجاحات نحققها على الإطلاق.

مثل النجاح فإن الفشل يرمز لشيء أعمق؛ أي أنها أكثر من مجرد انتكاسة أو خيبة أمل أو فرصة ضائعة، حيث أنه تحت هذه المشاعر المؤلمة الواعية، يرتبط الفشل دون وعي ببعض المعتقدات المزعجة للغاية عن أنفسنا، ببساطة فإن مفهوم الفشل يعزز اعتقادنا الأساسي بأننا لسنا صالحين، ويجعلنا نشعر بالعجز والخجل والسوء، ويرتبط الفشل ارتباطًا وثيقًا بالاعتقاد بأننا لا نملك ما يلزم لتحقيقه في العالم، وأن ما نقوم به دائمًا ما يقصر عن تحقيق الخير أو يسممه أو يفسده.

مثلما يضر الفشل بمشاعرنا الجيدة تجاه أنفسنا فإنه يمكن أن يشوه أيضًا إيماننا بوجود خير في الآخرين وفي العالم هناك، حيث يمكن أن تجعلنا ننظر إلى عالمنا من خلال عدسة قاسية ساخرة، ويمكن أن يحول نظرتنا إلى العالم إلى مكان قاس وخطير وجليدي ومضطهد، وفي لحظات الفشل قد نشعر أنه لا يوجد خير يمكن العثور عليه في الداخل أو الخارج.

تجارب الفشل عندما لا تكون مهيمنة أو ساحقة يمكن أن يكون لها مكانة خاصة في النمو النفسي الاجتماعي، في حين أننا لا نرحب بهذه التجارب أو نشجعها فإن لديها شيئًا جيدًا تقدمه لنا، إذا سمحنا لها بذلك، حيث أنها تعتبر بمثابة تحديات لنا بشكل فريد لفحص أنفسنا عن كثب، وتجبرنا على أن نسأل أنفسنا كيف ساهمت في هذه النتيجة؟ إذا لم نكن في النهاية قاسيين جدًا في مراجعتنا الذاتية، فيمكننا الإجابة على هذا السؤال بصدق وتنمية أنفسنا من خلال تجاربنا الصعبة.

بالإضافة إلى ذلك يمنحنا النجاح والفشل فرصة لفحص العالم من حولنا والسؤال كيف ساهمت العوامل الأخرى في هذه النتيجة؟ إذا تمكنا من تجاوز لعبة اللوم في الفشل، فقد نتعلم شيئًا مهمًا للغاية هنا أيضًا، كما نرى نحن البشر نميل إلى الاعتقاد بأننا مركز الكون، ولكن عندما نفكر حقًا في تجاربنا بالتفصيل الجيد والسيئ والقبيح، فقد نبدأ في رؤية أن هناك عوامل تتجاوزنا أيضًا عوامل ليس لها علاقة كبيرة بنا على الإطلاق.

من خلال هذا التحليل الذاتي قد ننضج في تفكيرنا للحصول على رؤية أفضل للواقع، بحيث أننا لدينا فرصة للتطور إلى ما هو أبعد من المفاهيم الخاطئة المضمنة بأن الناس ينجحون لأنهم صالحين أو يفشلون لأنهم سيئين، حيث أن الحياة أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير، فمن خلال العمل التأملي من خلال تجاربنا في كل من النجاح مقابل الفشل في علم النفس، يمكننا أن نظهر على الجانب الآخر بفهم جديد أكثر واقعية لأنفسنا ولعالمنا.

أسباب النجاح والفشل في علم النفس

هناك عدد من الأسباب المختلفة لكل من النجاح والفشل، بعضها مثل الحظ الذي خارج عن سيطرتنا إلى حد كبير، لكن بعضها تحت سيطرتنا بشكل أكبر، جزء من المشكلة لكل من النجاح والفشل في علم النفس هو كيفية تعريفنا للمصطلحات، على سبيل المثال ما هو النجاح؟ بالنسبة للبعض منا إنه تحقيق هدف، بالنسبة للآخرين هو تحقيق الشعبية أو تحقيق الثروة أو الشهرة، لكن في بعض الأحيان يكون الهدف الذي نريد تحقيقه أكبر مما يمكننا فعله بشكل واقعي، فهل هذا يعني أننا فشلنا؟ أم أننا بحاجة إلى إعادة تعريف ما نعنيه بالنجاح؟

وبعد ذلك يجب أن نسأل ما هو الفشل؟ بالنسبة للبعض فهو لا يحقق هدفًا، بينما بالنسبة للآخرين لا يعني ذلك إنجاز صديق أو منافس، ولكن بالنسبة للآخرين غيرهم فهو تعريف للشخصية كما لو أن الشخص إذا فشل في شيء معين فهو فاشل كشخص.

ما يجب مراعاته في النجاح والفشل في علم النفس

من الواضح أن تعريفات كل من النجاح والفشل في علم النفس نفسها يمكن أن تخلق مشاكل، لذلك إذا كان الفرد يشعر أنه لا ينجح، سيكون من الجيد مراجعة الطريقة التي تحدد بها النجاح، ولكن هناك العديد من القضايا الأخرى التي يجب مراعاتها في مفهوم النجاح والفشل أيضًا وتتمثل من خلال ما يلي

معرفة كيفية التعلم

قد يبدو الأمر بسيطًا لكن الكثير منا يعتقد أنه من المفترض أن نعرف الكثير لدرجة أننا لا نأخذ الوقت الكافي للتعرف أو الاعتراف بما لا نعرفه، فلا أحد يبدأ عملاً جديدًا أو نشاطًا جديدًا يعرف بالفعل كيفية القيام بذلك، بالطبع كل شخص يجلب المهارات والمعرفة معه ولكنه لا يعرف تلك الوظيفة المحددة، أو تلك الشركة أو المنظمة أو الفريق المعين عندما يبدأ، ويعتبر الاعتراف بما لا يعرفه الشخص يمكن أن يكون مخيفًا، ولكنه يمكن أن يكون أيضًا أداة قوية لتعلم كيفية النجاح.

معرفة الفرق بين النجاح والكمال

الساعي للكمال ليس الشخص الذي يحقق الكمال؛ لأن هذا هدف مستحيل، حيث أن الكمال هو الشخص الذي يعتقد أنه لكي يكون ناجحًا يجب أن يكون مثاليًا، مما يعني أنه إذا كان كذلك فمن المحتم عليه أن يشعر دائمًا بالفشل، هل يجب أن يكون هو الأفضل في كل جانب من جوانب وظيفته أو مهنته أو نشاطه أو حياته والعلاقات الاجتماعية حتى يشعر أنه ناجح؟ لأن الرغبة والتوقع بأن يكون الشخص مثاليًا هي وصفة مثالية للشعور بأنه لن ينجح أبدًا.

وجود أحاديث داخلية

كتب العديد من المعالجين النفسيين وعلماء النفس بدءًا من فرويد عن مخاوف غير واعية مخاوف لا تدرك أنها تعمل في نفسية الشخص، والتي تتداخل مع قدرتنا على النجاح، على سبيل المثال اعتقد فرويد أن الأولاد غالبًا ما يخافون النجاح؛ لأنهم يخشون دون وعي انتقام والدهم لتجاوزهم

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: