مفهوم الترابط في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يحاول الناس الكشف عن الآثار المترتبة على أفعال الآخرين ويحاول الناس إيصال الآثار المترتبة على أفعالهم، حيث أن الناس توجد بشكل جماعي مترابط، وتوجد العديد من العلاقات التفاعلية فيما بينهم سواء العلاقات الإيجابية أم السلبية، مما يجعل من المهم التمييز بين هذه العلاقات وتحديد توجهاتها المستقبلية من خلال الكشف عنها وعن أهم عملياتها.

مفهوم الترابط في علم النفس

يعبر مفهوم الترابط في علم النفس عن الخصائص الهيكلية التي تميز التفاعلات والآثار المترتبة على الهيكل الخاص بعلم النفس البشري، في حين تركز معظم النظريات النفسية على الفرد نفسه فإن مفهوم الترابط في علم النفس يهتم بالهيكل والتفاعلات، مما يشير إلى أن الناس يتصرفون كما يفعلون بسبب تجاربهم الفريدة أو الإدراك أو الشخصيات، فإن مفهوم الترابط تعتبر العلاقات الاجتماعية بين الناس مهمة مثل الأشخاص أنفسهم، وبالتالي فإن مفهوم الترابط تمثل نموذجًا تمس الحاجة إليه لطبيعة وآثار الترابط وإنها نظرية نفسية اجتماعية حقًا.

خلفية وتاريخ مفهوم الترابط في علم النفس

طور هارولد كيلي وجون تيبوت نظرية الترابط على مدار أربع عقود بدءًا من الخمسينيات، حيث كانت صياغتها الأولية معاصرة للنقل الاجتماعي المبكر ونظريات اللعبة، والتي تشترك معها في بعض الافتراضات، حيث تحلل هذه النظرية بنية مفهوم الترابط، وتحدد الخصائص الحاسمة للتفاعلات والعلاقات الاجتماعية التفاعلية، بالإضافة إلى عمليات الترابط تشرح كيف يؤثر الهيكل على الدافع والسلوك الإنساني.

هيكل مفهوم الترابط في علم النفس

يقدم مفهوم الترابط في علم النفس تحليلًا رسميًا للخصائص المجردة للمواقف الاجتماعية، بدلاً من فحص العناصر الاجتماعية الملموسة مثل الأستاذ يعلم الطالب، تحدد النظرية عناصر مجردة مثل التبعية متبادلة أو تضارب مصالح الشركاء، ومنها فإن السؤال في أنه لماذا يتم التأكيد على الخصائص المجردة؟ على الرغم من أن حالتين قد تختلفان بطرق ملموسة، إلا أنهما قد يتشاركان في خصائص مجردة تجعل الناس يفكرون ويشعرون ويتصرفون بطرق يمكن التنبؤ بها.

الوحدة الأساسية للتجربة في مفهوم الترابط في علم النفس هي التفاعل حيث يمكن لكل شخصين أو أكثر أن يسنوا أي سلوكين أو أكثر، نتيجة لذلك يواجه كل شخص نتائج جيدة مقابل نتائج سيئة، وهي عواقب أكثر في مقابل أقل إرضاء أو تحقيق.

أبعاد مفهوم الترابط في علم النفس

يمكن وصف جميع المواقف الاجتماعية من حيث مجموعة من الأبعاد الهيكلية، وذلك بالنظر إلى أن معظم المواقف يتم تحديدها من خلال خصائصها فيما يتعلق بخصائص هيكلية أو أكثر، فإن هذه الأبعاد هي اللبنات الأساسية لهيكل الترابط، وتتمثل من خلال ما يلي:

1- مستوى الاعتماد

يصف مستوى الاعتماد الدرجة التي تتأثر بها نتائج الفرد بأفعال الآخرين، على سبيل المثال الشخص الذي يعتمد على غير بدرجة أكبر لدرجة أنه من خلال أفعاله، يمكن لهذا الشخص أن يجعله يختبر نتائج جيدة مقابل نتائج سيئة، ويكون مستقلاً عندما لا تؤثر أفعاله على سلامته، وهكذا فإن اعتماد الشخص على غيره هو عكس قوته عليه وعندما يكون أكثر اعتمادًا يكون أقوى.

2- تبادل التبعية

يصف تبادل التبعية الدرجة التي يعتمد عليها الناس بشكل متساوٍ، حيث يتواجد الاعتماد المتبادل عندما يعتمد الشخص على غيره بقدر اعتماده عليه، فالاعتماد من جانب واحد ينطوي على ضعف من جانب شخص واحد، حيث قد يتصرف الشخص الأقل اعتمادًا كما يشاء دون الاهتمام برفاهية الآخر، وتشكل التبادلية توازن القوى مما ينتج عنه فرص أقل للاستغلال وتفاعل أكثر ملاءمة.

3- أساس الاعتماد

يصف أساس الاعتماد ما إذا كان الاعتماد يعتمد على سيطرة الشريك أو الصديق في العلاقات الاجتماعية المتنوعة، حيث تخضع نتائج شخص محدد لأعمال غيره أحادية الجانب مقابل السيطرة المشتركة، حيث تخضع نتائج الشخص للإجراءات المشتركة لشخصين معاً، وتحكم الشريك المطلق والمسيطر عليه خارجيًا، حيث إن نتائج الشخص محكومة تمامًا بسلوك شريكه، والتحكم المشترك مشروط حيث أن نتائج الشخص تعتمد أيضاً على التنسيق مع شريكه على سبيل المثال إذا كان بإمكانه التنبؤ بأفعاله فيمكنه تعديل سلوكه وتحقيق نتائج جيدة.

4- تباين المصالح

تباين المصالح يصف الدرجة التي تتوافق معها نتائج الشركاء في العلاقات الاجتماعية وما إذا كانت الأحداث التي تفيد الشخص الأول مفيدة أيضًا للشخص الثاني، حيث يتراوح التباين من مواقف المراسلة من خلال المواقف ذات الدوافع المختلطة إلى المواقف ذات المصالح المتضاربة، ويكون التفاعل بسيطًا عندما تتوافق المصالح حيث يمكن للفرد ببساطة متابعة اهتماماته، مدركًا أن هذا سيؤدي أيضًا إلى نتائج جيدة لشريكه.

ويكون التفاعل بسيطًا عندما تتعارض المصالح حيث يجب أن يخسر شخص ما إذا أراد الآخر أن يكسب، لذلك يحاول كل شخص ببساطة الفوز، وتعتبر مواقف الدوافع المختلطة أكثر تعقيدًا، من حيث أنها تنطوي على مزيج من الدوافع التعاونية والتنافسية، وتجمع بين الرغبة في إفادة الآخر وإغراء الاستغلال.

5- الهيكل الزمني

يصف الهيكل الزمني حقيقة أن التفاعلات تعتبر ديناميكية وتتطور بمرور الوقت، حيث يجب فهم التفاعل ليس فقط من حيث النتائج المباشرة الناتجة عن اختيارات الشركاء، ولكن أيضًا من حيث السلوكيات والنتائج المستقبلية التي يتم توفيرها أو إلغاؤها نتيجة للتفاعل، على سبيل المثال قد يقوم شخصين بإجراء سلسلة ممتدة من الاستثمارات لتطوير علاقة ملتزمة من التفاعلات الاجتماعية أو من خلال التصرف بطريقة معينة خلال يوم محدد، وقد يخلقون فرصًا مستقبلية مرغوبة لأنفسهم أو يتقدمون في مسار لا تتوفر فيه سوى النتائج السيئة.

6- توفر المعلومات

توفر المعلومات هو البعد الهيكلي السادس في مفهوم الترابط في علم النفس، قد يكون لدى شخصين معلومات كافية مقابل معلومات غير كافية عن نتائجهما أو نتائج الآخرين لمجموعات مختلفة من السلوك، ودوافع الشريك أو إمكانيات التفاعل المستقبلية، وتؤدي المعلومات غير الكافية إلى الغموض وسوء الفهم مما يتحدى تدفق التفاعل.

عمليات الترابط المتبادل في علم النفس

تتمثل أهم عمليات الترابط المتبادل في علم النفس من خلال ما يلي:

عملية السعر

تصف عملية السعر ما يجعل الموقف ممكنًا أو قد ينشط في شركاء التفاعل، حيث تعرض المواقف المحددة للأشخاص مشاكل وفرصًا محددة، وبالتالي تشير منطقيًا إلى أهمية الدوافع المحددة وتسمح بالتعبير عن تلك الدوافع، تتيح المواقف ذات المصالح المتضاربة التعبير عن التركيز على الذات مقابل الاهتمام برفاهية الآخر، لذلك تلهم المصالح المتضاربة أنواعًا يمكن التنبؤ بها من الإدراك وتدعو إلى أشكال يمكن التنبؤ بها من الإسناد وتقديم الذات.

عملية التحول

لا يتفاعل الناس دائمًا مع المواقف بطرق تزيد من نتائجهم الفورية حيث أن عملية التحول هي العملية النفسية حيث يضع الناس جانبًا رغباتهم الفورية ويتفاعلون بدلاً من ذلك مع الموقف على أساس اعتبارات أوسع، بما في ذلك رفاهية الآخرين أو الأهداف طويلة المدى، أو القيم الشخصية الثابتة، وقد تستند عملية التحول إلى التفكير المنهجي أو العادات التلقائية فمن خلال عملية التحول يكشف الناس عن ذواتهم الاجتماعية والدوافع المستمدة من حقيقة أن الناس في بعض الأحيان لديهم ماض ومستقبل مع شركاء التفاعل.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف. الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: