لغة الجسد في الفنون

اقرأ في هذا المقال


يرى العلماء أنّ “داروين” هو أول من وضع نظرية تربط بين لغة جسد البشر والحيوانات، ولكن إن نظرنا إلى التاريخ، سنجد أنّ الأشخاص المبدعين في مجال الفن والرسم والشعر كانوا يدركون نظرية التواصل عن طريق لغة الجسد طيلة الوقت، فقد قاموا على توظيف لغة الجسد في شعرهم وفي رسمهم وفي الفنون الصامتة التي قاموا على تقديمها، ليكونوا سبّاقين على استغلال نظريات لغة الجسد التي أصبحت حاجة ملحّة في وقتنا الحاضر.

كيف تم توظيف لغة الجسد في الفنون؟

لوحة الموناليزا التي رسمها الفنّان الشهير “ليوناردو دافنشي” في بداية العقد الأول من القرن السادس عشر هي واحدة من أكثر اللوحات غموضاً وإثارة للجدل عبر التاريخ كونها نموذجاً في توظيف لغة الجسد، فظلّ الدراسون يتجادلون حول ابتسامة المرأة في اللوحة وما هي دلالتها؟ وهل هي ابتسامة حقيقية أم مصطنعة؟، وهل هذه المرأة سعيدة أم منزعجة بسبب وقوفها في وضع معيّن حتّى يفرغ ذلك الفنان من رسمها؟ وهل هذه الابتسامة تدلّ على الحبّ أم أنها ابتسامة متكلّفة؟.

للوهلة الأولى، لا تبدو ابتسامتها مصطنعة، ولكن بتدقيق النظر، سنلاحظ أنه على الرغم من أن زوايا فمهما مرتفعة لأعلى بدلأً من أن تكون في خطّ أفقي، كون الابتسامة التي ترتفع فيها زوايا الفم لأعلى دليل على أنها ابتسامة حقيقية صادقة، فإنّ باقي وجهها غير مبتسم، وعيناها على وجه الخصوص هما ما كشفتا ذلك، فأطراف عينها ثابتة كونها ليست مجعّدة لأعلى كما تكون عندما تكون الابتسامة حقيقية وتعبّر عن سعادة بالغة، ولذلك فتلك السيدة قد وقفت بصبر في وضع معيّن حتّى يرسم لها الفنان لوحته، وربّما لم تكن تلك السيدة مسرورة بذلك.

لغة الجسد في الفنون تبوح بأسرار الواقع:

ربّما كان الأمر سيكون بسهولة تامة لو تمّ مشاهدة تلك المرأة التي في اللوحة على وجه الحقيقة، وقتها سيتم شرح تعابير وجهها وحقيقة ابتسامتها بشكل حقيقي، فلغة الجسد التي تم توظيفها في الرسم كانت لغة رائعة جعلت من المحلّلين والدارسين يحلّلون مجرد صورة لقرون وما زالوا كذلك، فالمهمّ هنا هو أنّ الشيء الذي يميّز ابتسامة الموناليزا ليس كونها سعيدة أم حزينة أم منزعجة، ولكنّ “دافنشي” كان يعرف في ذلك الوقت أنّ الابتسامة تستطيع أن ترسل أو تخفي مشاعر مختلفة لا يمكن أن يفهمها إلا من يُحسن قراءة لغة الجسد بشكل جيّد.

المصدر: لغة الجسد النفسية، جوزيف ميسينجر.لغة الجسد، بيتر كلينتون، 2010.لغة الجسد في القرآن الكريم، الدكتور عودة عبدالله.ما يقوله كل جسد، جونافارو، 2010.


شارك المقالة: