ما هي مأساة الرفاه؟

اقرأ في هذا المقال


كانت كارثة بحرية حدثت خلال الحرب العالمية الثانية حيث وقعت مجرياتها في 1941، عندما غرقت سفينة الشحن المحايدة التابعة لدولة تركيا، التي كانت تنقل جنوداً أتراكاً من مرسين في تركيا إلى بورسعيد في مصر شرق مياه البحر الأبيض المتوسط، بعد ذلك ​​من خلال طوربيد انطلق من غواصة مجهولة ونجا 32 فقط من 200 عسكري وبحار كانوا على متن السفينة.

خلفية مأساة الرفاه:

لقد قامت تركيا بالمحافظة على حيادها حتى العام الأخير من الحرب العالمية الثانية، لكن نظراً لقربها من ساحات القتال وقررت حشد جيش قوي للدفاع عن الدول في حالة تعرضها لهجوم، ففي المراحل الأولى من المعركة أمرت الحكومة التركية ب 4 غواصات و 4 مدمرات واثنتي عشرة سفينة إنزال وطائرة لأربع رحلات جوية من المملكة المتحدة.
لقد تأخر تسليم هذه المعدات بسبب صعوبات الحرب، ومع ذلك قررت بريطانيا إتاحة الغواصات والطائرات خوفاً من ميول السياسيين الأتراك لدعم ألمانيا، حيث كان من المخطط تسليم الجيش وتدريبه في إنجلترا والسفر جواً مباشرة من تركيا إلى إنجلترا يعني المرور عبر أوروبا التي كانت تسيطر عليها ألمانيا النازية، لذلك تقرر أن يذهب الجيش بحراً إلى مصر التي كانت تحت السيطرة البريطانية في ذلك العصر ثم إلى إنجلترا جواً.
لقد طلب البريطانيون وصول البعثة التركية إلى ميناء بورسعيد بحلول الخامس والعشرين من يونيو على أبعد تقدير؛ من أجل الانضمام إلى القافلة البريطانية العائدة إلى الوطن.

التطورات السياسية غير المتوقعة:

في 18 يونيو 1941 وقعت ألمانيا النازية وتركيا على ميثاق عدم اعتداء الألماني التركي، الذي أعقب دعوة من أدولف هتلر خلال خطابه في 4 مارس 1941 إلى الرئيس التركي مصطفى عصمت إينونو، ففي هذه الأثناء غزت القوات الألمانية النازية كل البلقان وكانت تقف على أبواب تركيا، في حين أغضبت هذه الاتفاقية الحكومة البريطانية بدأت ألمانيا النازية وحلفاؤها وفنلندا الهجوم في 22 يونيو على الاتحاد السوفييتي في عملية تسمى عملية بربروسا اعتماداً على أمن الجبهة الجنوبية.

حادثة مأساة الرفاه:

لقد وصل عدد الأطراف في المهمة العسكرية التركية إلى 171 شخص، حيث تضمنت القائمة على 19 ضابط في البحرية التركية و72 من صغار الضباط و58 بحار و20 طالب في أكاديمية القوات الجوية التركية، بالإضافة إلى مدنيين، وقد كانت السفينة تقل 28 من أفراد الطاقم كما ركب ضابط اتصال بريطاني على متن السفينة قبل مغادرتها مباشرة، وقد منح قائد السفينة عزت دالجاكيران البيانات اللازمة لمسار السفينة.
في الثالث والعشرين من يونيو في تمام الساعة 5:30 بالتوقيت المحلي رفعت سفينة الرعاية مرساتها وأبحرت باتجاه بورسعيد في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط، ​​وعلى متنها ما مجموعه 200 شخص، حيث كانت تركيا تتخذ موقفاً محايداً لذلك اعتبرت الرحلة آمنة، ولم تكن هناك سفن حربية مرافقة للسفينة.
في حوالي الساعة 10:30 مساءً بينما كان الركاب يأكلون طعامهم حول السفينة وقع انفجار عندما كانت السفينة على بعد حوالي 10 أميال بحرية (19 كم) شرق قبرص، حيث أصيبت بطوربيد أطلق من غواصة مجهولة وغرقت السفينة وبدأت في الغرق.
بحسب الناجين الذين رأوا الأحداث التالية، سقط أحد قوارب النجاة في البحر ونام بعض الناس وتوقف النظام الكهربائي للسفينة عن العمل وانكسر جهاز الراديو الخاص بها، وبالتالي لا يمكن إرسال نداء استغاثة، حيث سقط بعض الركاب في الماء بينما قفز آخرون طواعية وجاء الملازم نوزت إيرول إلى قارب النجاة الآخر ومعه مسدس في يده ليدير عملية إنقاذ لـ 24 راكباً.
ومع ذلك لا يمكن أن يعمل قارب النجاة؛ بسبب فشل محطات الإرساء في العمل ففي غضون ذلك صعد بعض الأشخاص الموجودين في الماء إلى السفينة، حيث لم يتوقعوا غرقها على الفور، لذلك حاول الناس تفكيك أبواب الحمامات الخشبية وأغطية التثبيت لاستخدامها كعوامات.
قال محيتين دارجا أحد الناجين في اجتماع سنة 1983 إنهم انتظروا السفينة التي كانت تغرق حتى الساعة الثانية ثم قفزت في قارب النجاة، حيث كانت السفينة منخفضة جداً في الماء في ذلك الوقت كان قارب النجاة يلامس سقف السفينة بعد حوالي أربع ساعات من الانفجار انقسمت السفينة إلى قسمين وغرقت.

النتائج المترتبة لمأساة الرفاه:

كانت تركيا قد أعلنت حيادها في الحرب إحدى عشرة مرة قبل الحادث، ولم تعلن أي دولة مسؤوليتها عن الهجوم على السفينة التركية، حيث قال السفير البريطاني في تركيا السير هاف ناشبول هاجسن “إن الهجوم نجم عن غواصة نازية ألمانية أو إيطالية تعمل في المنطقة”.
لقد نفت وكالة الأنباء الألمانية النازية (DNB) هذا الادعاء، ولا يمكن التحقق من ادعاء آخر بأن سفينة حربية فرنسية أغرقت سفينة رعاية اجتماعية، والتي اعتقدت خطأً أنها سفينة مصرية؛ لأن الركاب لم يروا أي سفن حربية ففي النهاية اتهم البريطانيون بتدبير الحادث إما لأنهم لا يريدون توفير المعدات العسكرية التي تطلبها تركيا أو لدفع تركيا للمشاركة في الحرب إلى جانب الحلفاء.
بحسب رواية قائد القوات الجوية المتقاعد حيدر قرسان أحد الناجين أطلق طوربيدان على السفينة من غواصة فرنسية، حيث حلقت طائرة استطلاع فرنسية فوق المكان في صباح اليوم التالي دون إبلاغ السلطات التركية بالحادث.
أضاف أن ضابطا فرنسيا أبلغه في بيروت أن الفرنسيين أغرقوا السفينة وأن هذه المعلومات سجلت أيضاً من قبل المخابرات العسكرية، وبعد ظهور أنباء عن الأنشطة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، فقد اتضح أن هذه الغواصة المجهولة مملوكة لفيشي فرنسا.
في صيف سنة 1941 كانت قوات فرنسا الحرة وفرنسا الفيشية تقاتل على سوريا، واعتقدت إحدى غواصات فيشي الفرنسية أن رفح كانت سفينة تابعة لفرنسا الحرة، ثم وعلى الرغم من عدم وجود تصريحات رسمية بهذا الشأن، حيث يعتقد أن الحكومة الفرنسية قدمت غواصتين من قواتها إلى تركيا كتعويض عن الحادث.
ومع ذلك فإن المستندات التي تم الكشف عنها مؤخراً من الأرشيفات الإيطالية والألمانية تدعم حساباً مختلفاً، حيث أظهر تقرير نشرته البحرية الإيطالية الإحداثيات التي هاجمتها الغواصة الإيطالية أوندينا السفن، ويتفق موقع غرق سفينة رعاية مع هذه المعلومات.

التبعات السياسية والتعويض:

بعد أن اشتهرت الكارثة لقد أدت المناقشات في البرلمان التركي إلى إجراء تحقيق في القضية واستقال وزير النقل جودت كريم إنسيدي ووزير الدفاع الوطني سافيت أريكان من الحكومة في 12 تشرين الثاني سنة 1941، حيث أسفرت نتائج تحقيقات مجلس النواب التي انتهت في 18 كانون الأول عن براءة هذين الوزيرين وأشار مزيد من التحقيق إلى أن موظفي الخدمة المدنية المسؤولين لم تثبت إدانتهم في هذا الحادث.
لقد دفعت الحكومة التركية 4 آلاف ليرة تركية كتعويض عن كل وريث شرعي لمن قتلوا في الكارثة، كما دفعت 800 ليرة تركية لكل ضابط بحري و400 ليرة تركية لكل ضابط وطالب مبتدئ و100 ليرة عن كل ضابط وطالب لكل بحار نجا من الحادث.

المصدر: حزب الرفاه، يوسف إبراهيممأساة جيش لبنان، فؤاد ليدالحرب العالمية الثانية، رمضان لاوندالحرب العالمية الثانية، ريمون كارتييه


شارك المقالة: