قصة اختراع سيارة الإسعاف

اقرأ في هذا المقال


مقدمة عن سيارة الإسعاف:

الآن أصبحت سيارة الإسعاف أمرًا مألوفًا في جميع أنحاء العالم، مع الأضواء الساطعة وصفارات الإنذار الصارخة، لتقديم المساعدة للمرضى والمصابين، كان تقديم المساعدة للمرضى والمصابين مصدر قلق إنساني لآلاف السنين، إنّه جزء من هويتنا.

في العصر الحديث تُعتبر سيارة الإسعاف مصدرًا موثوقًا للمساعدة، نظام (EMS) الحديث (خدمات الطوارئ الطبية) هو نظام متطور للغاية، من طريقة تلقي طلبات المساعدة وإرسالها إلى الرعاية الطبية المتقدمة التي يقدمها طاقم (EMS) في الموقع، يتبع ذلك النقل السريع عن طريق الإسعاف البري أو الجوي إلى مستشفى مناسب مجهز لرعاية المريض أو المصاب، ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك دائمًا.

قصة اختراع سيارة الإسعاف وكيف كانت في العصور القديمة؟

مع تطور الحضارات، تطورت ممارسة الطب، كان تقديم المساعدة لأولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية في العصور القديمة اقتراحًا ناجحًا ومهمًا للغاية، كانت الرغبة في القيام بذلك حاضرة بلا شك، لكنّ التكنولوجيا والمعرفة الطبية كانت بالتأكيد محدودة في التطبيق العملي، كانت الأساليب المبكرة لتقديم الرعاية الطبية إلى شخص مريض أو مصاب تعني إمّا أنّ الطبيب الممارس قد ذهب مباشرة إلى موقع ذلك الشخص، أو تمّ نقل الفرد إلى الطبيب، سواءً كان يمشي أو يُحمل أو يُجر وغيرها من الطرق.

بغض النظر عن عدم تقديم رعاية كبيرة أثناء انتظار وصول الطبيب، أو أثناء نقله إلى الطبيب، ولكن منذ آلاف السنين كانت تلك هي الأساليب ​​عندما يتعلق الأمر بمعالجة حالات الطوارئ، وفرت الحروب بيئة خصبة لنمو التكنولوجيا الطبية، والتي أصبحت في النهاية مصدرًا لا يقدر بثمن للمساعدة خارج حدود منطقة الحرب، في القرن الرابع عشر، أطلق فرديناند وإيزابيلا من إسبانيا اسم (ambulancia)، كانت هذه أول مستشفيات ميدانية مسجلة، تتكون من خيام خاصة مجهزة بمعدات طبية وجراحية.

كان هذا بمثابة البداية المبكرة لسيارات الإسعاف الحديثة لدينا، من القرن الخامس عشر إلى أواخر القرن العشرين، حدثت تطويرات عديدة على سيارات الإسعاف، ووفرت الحروب بيئة خصبة لنمو التكنولوجيا الطبية، والتي أصبحت في النهاية مصدرًا لا يقدر بثمن للمساعدة خارج حدود منطقة الحرب.

أحداث مهمة في سيارة الإسعاف:

في العديد من المراجع لفني الطوارئ الطبية، يُمنح الفضل في الحصول على سيارة الإسعاف الحديثة للدكتور دومينيك جين لاري، الجراح الفرنسي في الجيش الكبير لنابليون بونابرت، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي أثناء الحروب النابليونية، رأى الدكتور لاري، وهو يعمل بالقرب من ساحات القتال، بشكل مباشر الحاجة إلى تطبيق سريع للرعاية الطبية، رأى د. لاري العربات الثقيلة القديمة المستخدمة كمستشفيات ميدانية، متمركزة في الجزء الخلفي من الجيش، غير كافية على الإطلاق.

لمعالجة هذا، شرع الدكتور لاري في تطوير عربة جديدة خفيفة الوزن، والتي يمكن أن تتحرك بسرعة عبر ساحة المعركة لإخراج الجنود بسرعة وتسليمهم إلى المستشفى الميداني، أو إحضار الجراحين إلى ساحة المعركة لتوفير الرعاية الفورية لمن يعانون من إصابات شديدة، للتحرك قبل تلقي العلاج، أصبحت هذه العربات تعرف باسم “سيارات الإسعاف الطائرة” وعملت بشكل وثيق مع “المدفعية الطائرة” لنابليون، والتي سمّيت بهذا الاسم بسبب السرعة التي يمكن أن تتحرك بها عبر ساحة المعركة.

في عام 1861م عند اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية، في أعقاب معركة بول ران الأولى، أصبحت الحاجة إلى رعاية محسنة للجرحى واضحة بشكل كبير، لم يتم نقل أي من جرحى هذه المعركة عن طريق سيارات الإسعاف إلى واشنطن لتلقي العلاج، أُجبر الكثيرون على السير لمسافة تصل إلى 27 ميلاً لتلقي المساعدة، أدّى عدم وجود مسعفين ميدانيين متخصصين إلى دفع الجنود غير المقاتلين مثل الموسيقيين في الفرقة إلى تفاقم عدد الجرحى وعدم تلقيهم للمساعدة اللازمة، عالج الجراحون رجال الفوج الذي ينتمون إليه فقط.

بقي هذا الوضع على ما هو عليه حتى عام 1862م، وفي معركة أنتيتام، أسس الدكتور جوناثان ليترمان، المدير الطبي لجيش بوتوماك، مع العديد من الضباط الآخرين أول مؤسسة إسعاف تابعة للجيش الأمريكي في سبتمبر من عام 1862م، تمّ تدريب الجنود الذين يشغلون سيارات الإسعاف على وجه التحديد على واجبهم لأول مرة، في أعقاب معركة أنتيتام، أصبح هذا واضحًا بسهولة، التدريب الجديد إلى جانب نظام جديد لإدارة الجرحى، يعني أنّ الجرحى يتلقون الرعاية الطبية بشكل أسرع، ممّا أدّى إلى عدد أقل من الوفيات.

تطورات وقرارات مهمة بخصوص سيارة الإسعاف:

أدّى نجاح أول مؤسسة إسعاف تابعة للجيش الأمريكي إلى إصدار قانون هيئة الإسعاف لعام 1864م، وبموجب هذا القانون لم تعد مؤسسة الإسعاف تعتبر جزءًا من النقل العام للجيش، أصبحت سيارات الإسعاف الآن ضمن اختصاص الدائرة الطبية، وأصبح القسم الطبي مسؤولاً عن جميع جوانب عمليات الإسعاف بما في ذلك الإدارة والموظفين والمركبات، تمّ إنشاء الزي الرسمي والشارات الخاصة لتسهيل التعرف على سيارات الإسعاف وطاقمها، وتمت محاكاة هذه التغييرات الجديدة في جميع أنحاء العالم حتى الحرب العالمية الأولى.

بعد قانون هيئة الإسعاف لعام 1864م، توسعت اتفاقية جنيف في عام 1864م في التطورات في الولايات المتحدة، بما في ذلك إنشاء الصليب الأحمر كعلامة حماية معترف بها دوليًا، تمّ منح الرعاية لمقدمي الرعاية في ساحة المعركة والمستشفيات الميدانية وكذلك تم نشر القواعد الخاصة فيما يتعلق بمعالجة الجرحى، بعد نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، تمّ تخصيص سيارات الإسعاف التي تجرها الخيول لأطباء أو جراحين، حيث كانت مجهزة بالإمدادات الطبية الأساسية.

وفقًا للسجلات تم تقديم أول خدمة إسعاف مدنية في أوهايو من قبل المستشفى التجاري المعروف الآن باسم مستشفى سينسيناتي في عام 1865، تم افتتاح خدمة إسعاف أخرى في عام 1869م من قبل الدكتور إدوارد، بحلول عام 1891م  افتتحت خمسة مستشفيات إضافية في مدينة نيويورك خدمات الإسعاف.

سيارة الإسعاف الحديثة والإمدادات الطبية المزودة لها:

ظهرت أول سيارة إسعاف آلية في عام 1899م، وتم تصنيعها في شيكاغو وتم التبرع بها إلى مستشفى مايكل ريس، في عام 1900م، حصل مستشفى سانت فنسنت في نيويورك على أول سيارة إسعاف آلية، بذلت محاولات قبل الحرب العالمية الأولى لتطوير سيارة إسعاف جوية باستخدام بالونات الهواء الساخن المصمّمة خصيصًا للمخترع الهولندي (DeMooy)، وقد تم الاعتراف بأنّه كلما تم نقل الفرد بشكل أسرع إلى مرفق طبي كامل الرعاية، زادت فرصته في البقاء على قيد الحياة.

حدث أول نقل للإسعاف الجوي خلال الحرب العالمية الأولى عندما نقلت الخدمة الجوية الفرنسية ضابطاً صربيًا من ساحة المعركة إلى المستشفى، بدأ البريطانيون في عام 1917م باستخدام الإسعاف الجوي لتقصير الوقت الذي يستغرقه نقل الجرحى إلى مستشفى مناسب لمدّة تصل إلى ثلاثة أيام، ومع ذلك  لم يتم تجهيز سيارات الإسعاف الجوي بشكل خاص حتى عشرينيات القرن الماضي للعمل كسيارات إسعاف على وجه التحديد.

في عام 1937م، تم بناء أول سيارة إسعاف مزودة بتكييف الهواء في الولايات المتحدة من قبل شركة متخصّصة في بناء سيارات الإسعاف، هيس وأيزنهاردت من سينسيناتي، أوهايو، بينما استمرت سيارة الإسعاف في التقدم بسرعة خلال أوائل القرن العشرين، ظلت الرعاية المقدمة لسيارات الإسعاف دون تغيير إلى حد كبير، شهد مجيء الحرب العالمية الثانية قفزة أخرى إلى الأمام، ليس فقط في تكنولوجيا السيارة ولكن أيضًا في الرعاية المقدمة قبل وأثناء النقل إلى المستشفى.

بعد الحرب العالمية الثانية، كان هناك انخفاض عام في عدد الأطباء الذين شاركوا في عمليات الإسعاف (المعروفة أيضًا باسم العمليات أو الرعاية قبل دخول المستشفى)، بعد ذلك بفترة بسيطة تمّ استخدام كرسي طبي معدّل مزود بأضواء وصفارات إنذار، لنقل الأفراد بسرعة إلى المستشفى، تم تقديم الرعاية للمرضى، وغالبًا ما كان يتم وضعه على نقالة، وتقديم أفضل أنواع المساعدة للمرضى من قبل موظفي الإسعاف الذين كانوا يبذلون كامل جهدهم.

بدأ الوضع يتغير عندما أصدرت ولاية تكساس في عام 1947م تشريعاً يلزم سيارات الإسعاف بتزويدها بالإمدادات الطبية الأساسية، فضلاً عن مطالبة أفراد سيارات الإسعاف بتدريبهم على الإسعافات الأولية الأساسية، على الرغم من هذا التبني المبكر لمعيار جديد من قبل تكساس، ظلّت الفلسفة الوطنية تركز على رعاية المرضى بدءًا من وصول المريض إلى المستشفى، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

مع التقدم في الإنعاش الفموي والتدليك القلبي المغلق (المعروف الآن باسم الإنعاش القلبي الرئوي أو الإنعاش القلبي الرئوي)، أصبح الأطباء على دراية متزايدة بأهمية التدخل الطبي المبكر وتأثيره على معدلات البقاء على قيد الحياة، قامت  الحكومة الفيدرالية إلى البدء في تمويل برامج خدمات الطوارئ الطبية على الصعيد الوطني، في عام 1969م، تم تقديم مزيدًا من الإرشادات حول متطلبات التصميم والمعدات لسيارات الإسعاف.

ثم في عام 1973م، تمت كتابة قانون أنظمة (EMS) وتم تمريره ليصبح قانونًا في عام 1974م، أنشأ هذا القانون إرشادات فيدرالية لسيارات الإسعاف التي تستخدمها المجتمعات التي تتلقى تمويلًا فيدراليًا لأنظمة (EMS) الخاصة بها، زاد التطور في سيارات الإسعاف بتزويدها بفنيين طبيين متخصصين في حالات الطوارئ ومسعفين مدربين تدريباً عالياً لتقديم رعاية الطوارئ في الموقع، بالإضافة إلى التدريب الأساسي الذي يجب أن يخضعوا له للحصول على الترخيص الخاص بهم.


شارك المقالة: