ما هو العمل الجيولوجي للأمطار؟

اقرأ في هذا المقال


العمل الجيولوجي للأمطار:

إن الطاقة الشمسية تملك دوراً هاماً في العمليات الخارجية والتي هي ذات تأثير على القشرة الأرضية بشكل عام، فإذا أردنا أن نحدد دور الطاقة الشمسية بشكل أهم وأساسي فهو دورها في تبخير الماء من الغلاف المائي ومن ثم يعمل على نقله بصورة بخار ماء باتجاه الأعلى في الغلاف، كما أن التيارات الهوائية تعمل من بعد ذلك على تحريك أبخرة الماء ومن ثم تتجمع على هيئة سحب وتتساقط في الأخير بصورة أمطار أو ثلوج، إن المطر هو عبارة عن تساقط قطرات الماء التي تكون قادمة من قواعد السحب باتجاه سطح الأرض، وذلك يحدث عندما تكون درجة حرارة السطح والغلاف الجوي الذي يكون قريب منه أعلى من درجة الصفر المئوي.
إن ماء المطر المتساقط يتوزع على سطح اليابسة وذلك بأشكال عدة، حيث أن جزء من الأمطار تتبخر بشكل مباشر ومن ثم يعود مجدداً إلى الغلاف الجوي، وجزء آخر من المطر يجري على المنحدرات وتتشكل منه الأنهار والسيول وهذا الجزء يتم تسميته بالماء السطحي أو باسم الماء الجاري، والجزء الأخير يتخلل إلى سطح القشرة الأرضية بحيث يصل إلى الصخور المتواجدة تحت سطح القشرة الأرضية، حيث يسمى بالماء المتخلل وهو المكون الأساسي للمياه الجوفية، كما أن كمية الأمطار على الأرض تختلف وذلك بسبب اختلاف نسب توزيعها داخل الغلاف الجوي وهذا التوزيع يتحكم به عدة عوامل.
من أهم العوامل المتحكمة في توزيع الأمطار على سطح الأرض هو التبخر، حيث أن كمية الماء المتبخر تعتمد على عدة عوامل أيضاً وهي درجة حرارة الهواء ورطوبته بالإضافة إلى شدة الرياح، كما أن كمية التبخر وذلك بفعل الزيادة في درجة الحرارة وأيضاً الزيادة في سرعة الرياح تقل بفعل زيادة نسبة الرطوبة في الهواء، أما نوعية تضاريس سطح القشرة الأرضية والخضرة فإنها تتزايد انحداراً مما يسبب زيادة في كمية المياه الجارية على سطح الجبال الأرضية لكننا نعلم أن سطوح الجبال العادية تعمل على الزيادة في شدة جريان الماء عليها وتعمل على تقليل نسبة تبخر الماء منها، وإذا تمت الزيادة في تخضير سطح القشرة الأرضية فإنها تعمل على تقليل من شدة جريان الماء.
وفي النهاية تؤدي هذه الزيادة إلى امتصاص الماء داخل أعماق سطح القشرة الأرضية، أما بالنسبة لطبيعة الصخور التي تقع تحت سطح القشرة الأرضية فإنها تؤثر على نسبة الماء التي تكون متخللة أو تكون جارية على سطح الأرض وتؤثر عليها تأثيراً مباشراً، أي أن طبقت السطح المتكونة من صخور طينية، حيث أن نسبة الماء الجاري فيها تزداد عليها مقارنة بسطوحٍ أخرى، وفي نفس الوقت تقل نسبة الماء المتخلل لكن التبخر يزداد وعلى عكس هذه الحالة تحدث في حال كانت طبقة السطح تتشكل من الرمال، إن علماء الجيولوجيا أكدوا بوجود ثلاثة أنواع من الماء على سطح الأرض، يعرف النوع الأول بأنه ماء سماوي، حيث يكون ساقط على هيئة أمطار.
أما النوع الآخر (النوع الثاني)، فهو عبارة عن الماء المقرون ويكون هذا الماء عبارة عن ماء حبيس بين مسامات الصخور ويرجع مصدره إلى تسرب ماء البحار داخل طبقات الصخور الرسوبية، والنوع الثالث والذي يسمى بالماء الصهاري وهو عبارة عن الماء القادم من باطن الأرض والذي اندفع مع صعود الماغما خلال النشاط البركاني.
إن الأمطار تقوم بعمل جيولوجي عظيم جداً خلال سقوطها وفي حال اصطدمت في صخور القشرة الأرضية فإنها تسبب في حت الصخور ومن ثم تعرية سطح القشرة وتجريدها من المواد الفتاتية والركامية والحطامية التي تكون متجمعة على سطح القشرة الأرضية فإن شرح عملية التعرية يتم من خلال استخدام آليتين وهما آلية الإصطدام وآلية الجريان.
حيث أن آلية الإصطدام تتلخص في حالة سقوط قطرات من المطر قادمة من قواعد السحب والتي تكتسب أثناء سقوطها طاقة حرارية تتزايد في حال ارتفعت السحب وهي تقل مع مقاومة الهواء لهذه القطرات وفي حال وصول هذه القطرات إلى سطح الأرض، فإنها تصطدم بها بقوة وقد تسبب في هذه الطريقة تفتت المواد التي تشكل هذه السطوح، ومن بعد ذلك تتناثر هذه الفتاتات وفي حال حدثت عملية الإصطدام على سطح منحدر نجد أن الفتات يتساقط أسفل المنحدر، وهنا يكون تأثير عملية الحت من خلال الإصطدام أكثر ما يمكن داخل المناطق التي تملك سطوحاً غير مغطاة بغطاء نباتي مثل المناطق الصحراوية مما يترتب على هذه الطريقة تطاير في ذرات الطين ويسبب في إتلاف التربة في حال سقطت عليها أمطار غزيرة.
إن عملية الإصطدام وما تسببه من تناثر في دقائق التراب ومن ثم تندفع إلى الحركة وعند سطوح المنحدرات أو الهضاب تقوم مياه الأمطار الغزيرة بسحب طبقة الطين إلى الأسفل وبسبب ذلك إن النتيجة تكون في غطاء سطح القشرة الأرضية حين يتعرض للإنجراف أثناء سقوط الأمطار الغزيرة على هذه المنحدرات والهضاب، لكن الإنجرافات التي تتشكل على سطوح الهضاب فتكون أحياناً من الشدة والقوة حيثُ أنها تعمل على جر كميات كبيرة من الركامات والحطامات الصخرية، ويمكننا كجيولوجيين وصف حركة هذه الحمولة على سطح الأرض من خلال الإستفادة بتوضيح المظاهر الخاصة بالإنجرافات الأرضية مثل (الزحف، الإنزلاقات).
ويمكن تمثيل عملية الزحف بالحركة البطيئة للمواد التي تكون على سفوح المنحدرات ومن الممكن أن يتواجد من ضمن هذه المواد الزاحفة كميات كبيرة من التراب والطين وفي بعض الأوقات تتحرك معها كميات كبيرة من الصخور، ومن الأدلة على مقدار القوة التي تسببها عملية الزحف هو ما نلاحظه من ميل أعمدة الهاتف والأشجار المزروعة على هذه السحوف، بالإضافة إلى عدم قدرة النباتات على تثبيت جذورها بالأرض وبالاعتماد على كمية الأمطار الساقطة وعلى كمية المياه الجارية على السفوح والمنحدرات فإن كمية التراب الزاحفة تزداد وهذا الزحف يتخذ شكلين فالشكل الأول هو الزحف الترابي.
حيث أن الزحف الترابي يتشكل عند زيادة كمية المياه الساقطة والتي يرافقها انفصال جزء من الركام الذي يكون سطح الأرض ومن ثم حركته لمسافة قصيرة ابتعاداً عن موضوعه الأصلي لذلك تم تسمية هذه العملية بالزحف الترابي، والنوع الثاني من الزحف هو الزحف الطيني، حيث أنه عندما يزداد تشبع التراب في المياه فإن كميات التراب المنسابة في عملية الزحف تزداد ويسبب هذا في إحداث تحرك طيني وهذا التحرك يشبه حركة السوائل والمحاليل ومن الأمثلة التي تبين ذلك هو حركة طبقات الطين التي تحدث عند سفوح البراكين، وفي حال تم الحديث الجيولوجي عن الانزلاقات فقد تم تعريفها على أنها حركات اندفاعية واندفاعات سريعة تكون مفاجئة للصخور الأساسية ومفاجئة للركامات الكبيرة المتواجدة على سطح الأرض.
تم مشاهدة نوعان من الانزلاقات بواسطة الجيولوجيين بالاعتماد على حركات الصخور الأساسية النوع الأول هو الانزلاقات الأرضية (الصخرية) والتي تتشكل بسبب سقوط أو انفصال كتلة صخرية عن الصخور الأساسية ومن ثم يحدث انزلاق لهذه الكتل إلى أسفل المنحدرات، وفي أثناء ذلك فإن هذه الكتلة تتحطم وتتفتت ثم تنتشر على شكل فتات في الوديان وداخل المناطق المنخفضة.
وفي الغالب فإن هذه الإنزلاقات الأرضية تحدث عند السطوح الأرضية التي تكون ضعيفة في صخورها وتماسكها، والنوع الآخر هو ما يسمى بالانهيارات والتي تتشكل في الحالات التي ينتشر فيها عدد كبير من الصخور وتكون فوق بعض الطبقات الضعيفة.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014


شارك المقالة: