السيطرة الحقيقية للسلاجقة في عصر طغرل بك

اقرأ في هذا المقال


السيطرة الحقيقية للسلاجقة في عصر طغرل بك:

كانت السيطرة الحقيقية للسلاجقة الذين يعودون في أصولهم إلى الغُزّ من الترك، وكان لهم دين للإسلام، ولا يأخذون الرأي إلا من أهل السنة والجماعة، ويعود بداية حياتهم وعاداتهم إلى سلجوق بن تقاق الذي هرب من بلاد الترك خوفاً على نفسه من سلطان الترك الذي أوغرت صدره زوجته لما رأت من محبة الناس لسلجوق وطاعتهم له.

ولمّا دخل سلجوق بلاد المسلمين اعتنق الإسلام مع جماعته بل بدأ يُغير على بلاد الترك الذين كانوا لا يزالون على الكفر، وكانوا إذا ما هاجمهم غازٍ ورأوا أنهم لا طاقة لهم به دخلوا المفاوز وتحصنوا بالرمال فلا يصل إليهم أحد. وكان سلجوق إذا دخل أيضاً ضمّها إلى بلاد الإسلام.

زوال الدولة السامانية:

استعان السامانيون بسلجوق في رد غارات الترك على بلادهم، فأرسل إليهم قوةً بإمرة ابنه أرسلان الذي استطاع أن يسترد من الترك ما أخذوه من بلاد السامانيين. وتوفي سلجوق بعد أن بلغ من العمر (107) سنة. كما قتل ابنه ميكائيل وهو يغزو في بلاد الكفر من الأتراك، وكان لميكائيل هذا ولدان برزا من بعده هُما طغرل بك محمد، وداود جعفر بك، ودانت لهما جماعتهما بالطاعة والولاء.

وانتقلا بمن معهم نحو صحارى بُخارى حيث أقاموا هناك فخافهما أميرها فساروا إلى بلاد بوغراخان ملك التركستان ولم يلبث أن وقع الخلاف بينه وبينهما فسجن الملك (بوغراخان) طغرل بك غير أن داود قد داهم بمن معه بوغراخان وأنقذ أخاه طغرل بك ومن ثم انتقلوا إلى بلاد الدولة السامانية حيث استقروا هناك، غير أن الدولة السامانية قد كانت في أواخر عهدها، وكانت تبرز قوة جديدة هي قوة الغزنويين وقد اصطدموا معهم.

وانتهت حالات الصدام بسجن أرسلان بن سلجوق وهو عم طغرل بك، ثم حدث صلح بين السلاجقة والغزنويين بحيث تولى زُعماء السلاجقة إمرة بعض المدن والمناطق، وطلب أبناء الأخ من الغزنويين إطلاق سراح عمهم أرسلان بن سلجوق. زالت الدولة السامانية عام (395 هجري).

ودخل الغزنويون خراسان على حين دخل إيلك خان بلاد ما وراء النهر، ورجع الخلاف مرةً أُخرى بين الغزنويين والسلاجقة فتمكن طغرل بك أن يستولي على مرو عام (429 هجري)، وذكر اسمه في خطبة الجمعة باسم ملك الملوك، ثم استولى على نيسابور عام (432 هجري)، وعلى جرجان وطبرستان عام (433 هجري)، كما ضم كرمان وبلاد الديلم إليه في العام نفسه، ثم استولى على خوارزم عام (434 هجري).

الصراع مع دولة البويهيين في عصر طغرل بك:

سارت الصراعات والنزاعات فأصبح مع البويهيين، فسار طغرل بك إلى أصبهان عام (438 هجري)، كما عَمِلَ على الاتفاقيات معهم وتزوج طغرل بك ابنة أبي كاليجار البويهي، كما تزوج أبو منصور ابن أبي كاليجار ابنة داود أخي طغرل بك عام (439 هجري). انتقل طغرل بك إلى الصراع مع الروم فاتجه إلى دياربكر، وقاتل الروم، وانتصر عليهم، وعقد هدنة معهم واشترط بناء مسجد في القسطنطينية فأقيم، وأقيمت فيه الصلاة، وخطب لطغرل بك فيه.

عملوا السلاجقة على تقسيم البلاد الشاسعة التي لديهم فيما بينهم، كما انتخبوا ملكاً عليهم جميعاً طغرل بك ولم يكن له أولاد، واتخذ مدينة الريّ حاضرةً له، وقد اختير ابن أخيه ألب أرسلان بن داود ليكون مع عمه طغرل بك مُساعداً له، ونتيجة ما قدّم طغرل به من خدمات، ونتيجة مُراسلاته مع الخليفة فقد ذكر اسمه في الخطبة وعلى السكة قبل السلطان البويهي الملك الرحيم، ثم استأذن طغرل بك الخليفة القاكم ودخل مدينة بغداد عام (447 هجري).

بداية عصر السلاجقة في عهد طغرل بك:

وطلب الخليفة القائم من السلطان البويهي الملك الرحيم أن يتبع ويخضع لطغرل بك، وبذا انتهى عهد البويهيين وجاء دور السلاجقة. اضطر طغرل بك أن يُقاتل أخاه لأمه (إبراهيم ينال) الذي تمرّد عليه، أو أن البساسيري قد أوقع بينهما، كما اشتغل داود أخو طغرل بك بقتال الغزنويين فاستغل البساسيري هذا الموقف ودخل بغداد عام (450 هجري).

غير أن داود قد عقد صُلحاً مع سلطان الغزنويين إبراهيم بن مسعود، وانتصر طغرل بك على أخيه إبراهيم وقتله فصفا الأمر للسلاجقة واتجه طغرل بك إلى بغداد فدخلها عام (451 هجري)، وقضى على البساسيري الذي لم ينعم بالتفرد بالسلطة في بغداد، وسجن الخليفة بأكثر من سنة. وكان الخليفة قد تزوج خديجة بنت داود أخي طغرل بك. ثم خطب طغرل بك ابنة الخليفة عام (454 هجري)، وتزوجها بعد ترد وتمنّع من الخليفة.

واتجه طغرل بك إلى الريّ فمرض في الطريق ثم توفي عام (454 هجري)، بعد أن وصل إلى الريّ. وكان وزيره عميد الملك منصور بن محمد أبي نصر الكندري. كان طغرل بك عاقلاً حليماً من أشد الناس احتمالاً وأكثرهم كتماناً لسره، وكان يُحافظ على الصلاة، ويصوم يومي الاثنين والخميس. وكان يلبس الثياب البيض، وكان كريماً.

وكان طغرل بك قد قام بوصاية بمن بعده لابن أخيه سُليمان بن داود إذ أن أمه كانت عنده، وقد جلس على كرسي السلطنة بمساعدة الوزير الكندري، غير أن أخاه ألب أرسلان بن داود قد ثار عليه وانتصر عليه وتسلّم السلطة وقبض على الوزير الكندري وأرسله إلى مرو حيث سجن فيها ثم قتل عام (457 هجري).

ولعل أهم حدث خلّد ذكر ألب أرسلان انتصاره الحاسم على الروم في ملاذكرد، وكان جيش الروم يزيد على مائتي ألف ويضمّ الروم، الروس، والكرج، والأرمن، والخزر، والفرنجة وكثيراً من القبائل الغزية التي لا تزال على كفرها على حين أن جيشه لم يكن ليزيد على عشرين ألف مقاتل، كما أسر أمبراطور الروم في هذه المعركة التي جرت عام (463 هجري).

وكان هذا الأمبراطور هو (ديوجنيس رومانوس) ففداه السلطان، وأطلق سراحه مع جماعة من أُمرائه وقواده بشرط أن يطلق سراح كل أسير مسلم بيد الروم، وأن يرسل إليه عساكر الروم وقت طلبها. وتمكن أحد قادة ملكشاه بن ألب أرسلان في هذا العام أن يفتح بيت المقدس والرملة وينقذها من أيدي العبيديين. وفي عام (465 هجري)، سار ألب أرسلان على رأس مائتي ألف مقاتل باتجاه بلاد ما وراء النهر وقصد الصين، ولكن خرج له كمين فقتله.

كان رحمه الله كريماً عادلاً عاقلاً، وكان رحيم القلب مُقراً بأنعم الله عليه، وكان يتصدّق على الفُقراء ولا سيما في شهر رمضان الذي كان يتصدق فيه بخمسة عشر ألف دينار. وكان وزيره نظام الملك أبو الحسن علي بن إسحاق. واستمر سلطان السلاجقة حتى سيطر على مناطق نفوذهم الخوارزميون عام (590 هجري)، واستمر ذلك حتى جاء المغول، ثم دخل هولاكو بغداد عام (656 هجري)، فزال سلطان الدولة العباسية.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر الجزء الثاني صفحة (211 – 214)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: