تدوين الحديث الشريف بالخط العربي:
فيما يتعلق بالحديث الشريف فالمعتقد لدى الكثيرين أنه ظل يتناقل رواية أكثر من مائة عام، وأنه في حياة النبي عليه السلام وفي حياة الخلفاء الراشدين وفترة من الزمن طويلة مدة الخلافة الأموية، حيثُ لم يكن الحديث مدوناً، والسبب العام الذي يُعزى إليه تأخر التدوين هو كراهة أن يُضاهى بكتاب الله غيره، أو أن يشتغل عن القرآن بسواه.
أما الحديث الشريف ظل يتناقل رواية حقبة طويلة من الزمن، ولكن هذا لا ينفي بالضرورة عملية تدوينه منذ وقت مبكر، لقد اخذ عبد الله بن عمرو الرخصة في تدوين أحاديث الشريفة بالخط العربي من الرسول صلى الله عليه وسلم.
لقد بدأت عملية تدوين الحديث الشريف في نموها الطبيعي حتى بلغت غاية اكتمالها في مدونات الحديث الكبيرة الجامعة، مثل صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وغيرهما.
حيث بدأت عملية تدوين القرآن الكريم منذ اللحظة الأولى من حياة الدعوة على أيدي كتاب الوحي، ثم على يد زيد بن ثابت وجماعته التي شكلها الخليفة عثمان بن عفّان أخيراً وبصفة نهائية، لقد دونت كذلك الكثير من رسائل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي بعث بها إلى القبائل في داخل شبه الجزيرة وإلى ملوك الدول المجاورة.
لقد تم نسخ القرآن الكريم وبكثرة في عهد معاوية بن أبي سفيان، حيث برزت ظاهرة النسخ للقرآن الكريم في عهد الرسول صلى الله عليه على نطاق ضيق، وقد دوّن عبد الله بن عباس فيما دون كثيراً من التفسير بخاصة في مجال غريب الحديث وفي أسباب النزول.
وقد كان لعروة بن الزبير فضل عناية بالتاريخ القديم والمغازي، وما أكثر الروايات القديمة التي تشير إلى ما كان يكتبه في تفصيل الخبر في هذه الوقائع إجابة عن أسئلة يرسل بها إلى عبد الملك بن مروان. وكان الفضل للخط في العربية في حفظ الأنساب، حيث اعتنى العرب عناية خاصة بحفظ أنسلبهم وقد عرف عدد منهم برواية النسب فكانوا بمثابة المرجع الذي يؤولون إليه إذا اختلط به الأمر.
ومن أشهر كتب الأنساب وأقدمها كتاب (نسب قريش) لأبي عبدالله المصعب الزبيري ثم كثرت بعد ذلك المصنفات بالأنساب، أما الشعر الجاهلي فقد ظلّ يروي شفاهاً طوال العصر الجاهلي وكانت رواية الشعر الجاهلي هي الأداة الطيّعة لنشره وذيوعه، وكانت هناك طبقة تحترفها احترافاً هي طبقة الشعراء أنفسهم فقد كان يريد نظم الشعر يلزم شاعراً يروي عنه شعره، وما يزال يروي له ولغيره حتى ينفتق لسانه ويسيل عليه بنوع الشعر.
لقد أورد أبو فرج الاصفهاني سلسلة من هؤلاء الشعراء الرواة الذين يأخذ بعضهم من بعض، لقد بدأها بأوس بن حجر فعنه أخذ الشعر ورواه حتى أجاد نظمه زهير بن أبي سلمى، حيثُ كان لزهير روايتان هما: كعب ابنه والحطيئة، وعن الحطيئة تلقن الشعر ورواه بن خشرم العذري وعن هدبة أخذ جميل أخذ كثير صاحب عزة.