النقوش والكتابات الحجرية وعلاقتها بالخط في القرن الأول الهجري

اقرأ في هذا المقال


لقد تم حصر عدد غير قليل من النقوش الحجرية المختلفة والتي تعود إلى القرن الأول الهجري، ولم يكن هناك مجال للشك بأن النقوش المؤرخة هي من أهم الوثائق لغايات الدراسة التحليلية، لقد عثر على هذه النقوش في أماكن متعددة ومختلفة في العام الإسلامي.

أما عن أساليب الخط على الكتابات الحجرية فقد كانت الكتابات أسلوباً مشتركاً، وأحياناً اختلافاً بسيطاً، كما كان يلاحظ مفارقات ما بين السطور من حيثُ تحرير شكل الحرف أو خروجه من القاعدة، وكان لا بد من أن نستعرض بعض النماذج الهامة لمتابعة الأسلوب الكتابي في أقدم النماذج الهامة لمتابعة الأسلوب الكتابي في أقدم النماذج الحجرية الإسلامية.

ما هي أهم النقوش الحجرية في القرن الهجري الأول؟

  • يوجد نقش حجري وهو شاهد لعبد الرحمن بن خير الحجري وهو من أسوان وقد بلغت مساحة الحجر (38× 71 سم). حيثُ يعتبر نقش هذا الشاهد من أقدم النقوش الإسلامية الحجرية المؤرخة (13) وقد تم تنظيم هذا الشاهد بثمانية سطور تمثل أول مراحل الكتابة العربية الإسلامية، علماً بأن الكتابة على البردي أو الرق قد سبقت في اتخاذ موقعها في العشرينات من القرن الهجري الأول (14) وإن أسلوب هذا النقش يعيد عن التنظيم ودقة العمل أسلوباً وأداء.
  • كذلك نقش سد معاوية في عام 58 هجري لقد وجد هذا النقش على جدار سد بناء الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان في سنة 58 للهجرة.
  • من الطائف بالحجاز وهذا هو النقش الحجري الثاني الذي تم اكتشافه في العالم الإسلامي بعد نقش أسوان، وهذا يبدو من خلال المقارنة بين أسلوب هذا النقش وأسلوب نقش أسوان.

ما هو الفرق بين أسلوب نقش سد معاوية وأسلوب نقش أسوان؟

  • نقش سد معاوية يحمل اسم الخليفة معاوية وهو للإشادة به ولإعلاء شأنه، فيبدوا أنه كان موضع اهتمام خاص بأسلوب الخط والنحت سواء، وهذا مظهر خاص من مظاهر الارستقراطية في عهد معاوية من حيث كونه خليفة ومن حيثُ كونه معاوية.

كما ويمثل هذا النقش ستة سطور متوازية ومنسجمة تمثل الأسلوب الحجازي في الخط الذي شاع في كل من مكة والمدينة في مطلع القرن الهجري الأول، ويلاحظ أن بعض الحروف قد حظيت بالنقاط الخاصة فيها ويلاحظ في هذه الخطوط تركيزها على حرف الثاء والذي أصر الخطاط والنحات على إبراز النقاط الثلاثة فوق الحرف.

  • هذا ولقد عثر في مكان آخر من هذا السد على نقش حجري وينسجم هذا النقش والكتابة على الحجر مع أسلوب كتابي للقرن الهجري الأول، وتشبه إلى حد كبير الكتابة بالخط للمصاحف، مع أنها لا تحمل تاريخاً مقترناً بها، غير أن الإشارة إليها يعزز الأسلوب المتبع في القرن الهجري الأول خاصة في شكل حرف الألف، الدال، الكاف، الميم ،النون، وكذلك الهاء.
  • نقش كربلاء وقد كان في سنة 64 هجري، وعثر على هذا النقش قريباً من مدينة كربلاء وقد سمي حفنة الأبيض وهو على مسافة قصيرة من الأخيضر العباسي (20) وهو شاهد على حجر يحتوي ثلاثة عشر سطراً تبدأ بالبسملة وتنتهي بتاريخ النقش 64 هجري، وهذه الكتابة تمثل تطوراً لأسلوب الكتابة في النصف الثاني من القرن الهجري.

وقد لوحظ ضخامة الحروف ووضوح نحتها بحيث يبلغ طول السطر في هذه الكتابة حوالي (170) سم (21)، إن هذا النقش يؤكد أسلوب الكتابة المعتمد في العالم الإسلامي في القرن الأول وهذا انسجاماً مع ما رأيناه في كل من مصر والحجاز وله أسلوب مماثل في العراق علماً بأنه كانت فروقاً بسيطة لا يمكن أن تعتبرها تجاوزاً على الأسلوب العام للكتابة بقدر ما هي تجاوز في مقدرة الخطاطين والنحاتين ومدى مهارتهم في الخط وكذلك في النحت، ويمكن أن تلمس هذه الفروق في كتابات معاصرة وفي بلد واحد، ويبدوا أن نقش كربلاء يمثل نموذج متكامل لأسلوب مدينة الكوفة من حيث أشكال الحروف.

  • نقش شاهد عباسة ابنة حديج في أسوان لسنة 71 هجري. ويمثل أسلوب الكتابة في هذا النقش درجة كبيرة من التطور بحيث تنكر بعض المؤرخين للتاريخ المثبت في نص هذا الشاهد وذلك باعتباره متطور عن أساليب القرن الأول من حيث النص ومن حيث أسلوب الحروف 22 ويحتوى هذا النقش على أربعة عشر سطراً منتظمة منحوتة في إطار متوازن.

ويلاحظ من خلال هذه النقوش مقدار التطور النسبي للأسلوب الكتابي من حيث أسلوب الخط ومن حيث النص الأدبي والديني فكانت الحروف منتظمة وبدون انحراف مألوف، كما شهد سابقاً فالألف المستقيمة والدال المثلثة والعين المفتوحة للأعلى، وكذلك حرف الهاء المشابه لها في الكتابات الموجودة داخل زخارف قبة الصخرة الفسيفسائية والمعاصرة لهذا الشاهد، حيث أن بقية النماذج المعاصرة التي نجدها في بلاد الشام من أيام الخليفة عبد الملك بن مروان.

  • هذا ولقد وجد نقش حجري في عهد عبد الملك بن مروان، وقد عثر على هذا النقش في مواقع كثيرة في فلسطين، سوريا،ولبنان. وقد وجدت هذه النقوش الحجرية على حجارة خاصة بالطرق، عليها كتابات إعلامية للمسافات بين المدن الرئيسة وعلى الطرق التجارية في بلاد الشام 25، وكانت نماذج هذه الكتابات ذات فائدة كبيرة لبيان ما وصل إليه الخليفة في رعاية الخليفة عبد الملك بن مروان ولا شك بأن هذا الخليفة قد بذل جهده في ترك المعالم الأدبية والدينية بصورة مشرقة.

شارك المقالة: