الخصوصية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يستخدم مصطلح الخصوصية في علم النفس بشكل متكرر في اللغة العادية وكذلك في المناقشات النفسية والتنظيمية والقانونية، ومع ذلك لا يوجد تعريف واحد أو تحليل أو معنى للمصطلح في الجذور التاريخية الواسعة وفي المناقشات الاجتماعية حول مدى اتساع نطاق تقديرها والحفاظ عليها في مختلف الثقافات.

الخصوصية في علم النفس

ظهرت الفرضيات المؤكدة حول الخصوصية في علم النفس مع تنمية وتعهد الخصوصية في القوانين العامة من تسعينيات القرن التاسع عشر فصاعدًا، وتم تبرير حماية الخصوصية إلى حد كبير على أسس أخلاقية، حيث تساعد هذه الأدبيات في التمييز بين الحسابات الوصفية للخصوصية، ووصف ما هو محمي في الواقع على أنه خاص، من الحسابات المعيارية للخصوصية التي تدافع عن قيمتها والمدى الذي ينبغي حمايتها.

حيث يتعامل البعض من علماء النفس مع الخصوصية على أنها مصلحة ذات قيمة أخلاقية، بينما ينظر إليها البعض الآخر منهم على أنها حق أخلاقي يجب أن يتم الحفاظ عليه، فمن الواضح أن المرء يمكن أن يكون غير حساس لمصالح خصوصية الآخرين دون انتهاك أي حق في الخصوصية الذاتية إن وجد.

فرضيات الخصوصية في علم النفس

هناك العديد من الفرضيات المتشككة والمنتقدة بما يتعلق بالخصوصية في علم النفس، حيث أنه وفقًا لإحدى الفرضيات المعرفية لا يوجد حق في الخصوصية ولا يوجد شيء خاص بشأن الخصوصية؛ وذلك لأن أي مصلحة محمية على أنها خاصة يمكن تفسيرها بشكل جيد وحمايتها من خلال مصالح أو حقوق أخرى، وعلى الأخص حقوق الملكية والأمن الجسدي.

بينما تجادل انتقادات أخرى في الفرضيات التي تقول بأن مصالح الخصوصية ليست مميزة لأن المصالح الشخصية التي تحميها غير فعالة بشكل عام أو أنها لا تستند إلى أي عقيدة أساسية مناسبة، ومع ذلك يرى معظم المنظرين من علماء النفس أن الخصوصية مفهوم مفيد وقيِّم، حيث أصبحت المناقشات النفسية المتعلقة بتعريفات الخصوصية بارزة في النصف الثاني من القرن العشرين، وتأثرت بشدة بتطور حماية الخصوصية.

في فرضيات الخصوصية في علم النفس يدافع البعض عن الخصوصية على أنها تركز على التحكم في المعلومات المتعلقة بالنفس، بينما يدافع البعض الآخر عنها كمفهوم أوسع مطلوب لكرامة الإنسان أو حاسم للعلاقات الشخصية.

ويدافع آخرين عن الخصوصية باعتبارها مهمة لتنمية العلاقات الاجتماعية المختلفة، أو باعتبارها القيمة التي تمنحنا القدرة على التحكم في وصول الآخرين إلينا، أو كمجموعة من المعايير الضرورية ليس فقط للتحكم في الوصول ولكن أيضًا لتعزيز التعبير الشخصي والاختيار، أو مزيج من هذه معًا في مناقشة المفهوم معقدة بسبب حقيقة أن الخصوصية تبدو شيئًا نقدره لتوفير مجال يمكننا من خلاله التحرر من تدخل الآخرين.

تنمية الخصوصية في علم النفس

إن تمييز العالم أرسطو بين المجال العام للفرد والنشاط العادي الذي يقوم به والمجال الخاص له أسريًا واجتماعيًا هو إشارة كلاسيكية إلى تنمية الخصوصية في علم النفس، حيث يُؤخذ التمييز العام أو الخاص أحيانًا للإشارة إلى المجال المناسب لقدرة الفرد القيادية بدلاً من المجال المخصص للتنظيم الذاتي، على غرار الخطوط التي وصفها العالم جون ستيوارت ميل عن الخصوصية.

حيث تم تنمية الخصوصية في علم النفس بتنقل معلوماتها المتنوعة بين العديد من علماء النفس والفلاسفة، فمنهم من أكد بأنها مهمة لكيفية قدرة الفرد لامتلاك السمات المتنوعة من حيث الحقوق والواجبات له ولغيره، وتنمية الخصوصية في علم النفس من حيث الثقافات التي تتنوع فيما بينها في منح الاستقلالية للأفراد من حيث السمات الأخلاقية والمعرفية والتنشئة الأسرية.

الاختزالية مقابل التماسك في الخصوصية في علم النفس

تتمثل إحدى طرق فهم الأدبيات المتنامية حول الخصوصية في النظر إليها على أنها مقسمة إلى فئتين رئيسيتين والتي قد نسميها الاختزالية والتماسك، حيث ينتقد المختزلين بشكل عام الخصوصية بينما يدافع المتماسكين عن القيمة الأساسية المتماسكة لمصالح الخصوصية، حيث أن هناك شيء أساسي ومتكامل ومميز بشأن الاهتمامات التي يتم تجميعها تقليديًا معًا تحت عنوان مشكلات الخصوصية.

ولمعارضة هذا الموقف جادل البعض بأن القضايا التي تحمل اسم قضايا الخصوصية متنوعة ومتباينة، وبالتالي فهي مرتبطة اسميًا أو سطحيًا فقط، وجادل آخرين بأنه عندما يتم الدفاع عن ادعاءات الخصوصية أخلاقياً، يجب أن تشير التبريرات في النهاية إلى المبادئ التي يمكن وصفها بشكل مستقل تمامًا عن أي اهتمام في الخصوصية، وبالتالي يستمر الجدل ولا يوجد شيء مميز أخلاقيًا حول الخصوصية.

من حيث النظر إلى الموقف القائل بأن هناك شيئًا مشتركًا في معظم ادعاءات الخصوصية على أنه أطروحة التماسك، يجادل المنظرين من علماء النفس الذين ينكرون كل من أطروحة التماسك وأطروحة التميز بأنه في كل فئة من ادعاءات الخصوصية، حيث توجد قيم متنوعة على المحك من النوع المشترك في العديد من القضايا الاجتماعية الأخرى وأن هذه القيم تستنفد مطالبات الخصوصية.

قد يُشار إلى هؤلاء المنظرين الأخيرين الذين يرفضون كل من أطروحة التماسك وأطروحة التميز، على أنهم اختزاليين؛ لأنهم ينظرون إلى ما يسمى مخاوف الخصوصية على أنها قابلة للتحليل أو قابلة للاختزال إلى ادعاءات من أنواع أخرى، مثل إلحاق الضيق في المشاعر أو المصالح الذاتية، وإنهم ينكرون وجود أي شيء مفيد في اعتبار الخصوصية مفهومًا منفصلاً، ويستنتجون أنه لا يوجد شيء متماسك أو مميز أو منير بشأن اهتمامات الخصوصية.

على الجانب الآخر جادل المزيد من المنظرين بأن هناك شيئًا أساسيًا ومميزًا ومتماسكًا حول الادعاءات المختلفة التي تم تسميتها بمصالح الخصوصية، من وجهة النظر هذه للخصوصية قيمة كمفهوم متماسك وأساسي ويدركه معظم الأفراد كمفهوم مفيد أيضًا، أولئك الذين يؤيدون هذا الرأي قد يطلق عليهم الاتساق.

هل يمكن تفسير الخصوصية ثقافيًا في علم النفس

يشير بعض علماء النفس إلى أن مسألة ما إذا كانت الخصوصية نسبيًا ثقافيًا أم لا يمكن تفسيرها، حيث يشير أحد الأسئلة هو ما إذا كانت الخصوصية تعتبر ذات قيمة لجميع الثقافات أو ما إذا كانت قيمتها مرتبطة بالاختلافات الثقافية فقط، بينما يعتبر السؤال الثاني هو ما إذا كانت هناك جوانب من الحياة خاصة بطبيعتها وليست تقليدية كذلك أم لا.

وللإجابة على هذه الأسئلة اتفق معظم علماء النفس على أنه بينما يبدو أن جميع الثقافات تقريبًا تقدر الخصوصية، فإن الثقافات تختلف في طرقها في البحث عن الخصوصية والحصول عليها، وربما تختلف في المستوى الذي يقدرونه للخصوصية وحساسون بشكل خاص للطرق التي تؤثر بها الالتزامات من الثقافات المختلفة على تصورات الخصوصية.

في النهاية يمكن التلخيص أن:

1- الخصوصية في علم النفس تُستخدم على أنها مصلحة ذات قيمة أخلاقية، وأنها حق أخلاقي يجب أن يتم الحفاظ عليه، وأن يكون المرء حساس لمصالح خصوصية الآخرين دون انتهاك أي حق في الخصوصية الذاتية.

2- هناك العديد من الفرضيات المتشككة والمنتقدة بما يتعلق بالخصوصية في علم النفس فمنها ما يعتبر معرفي ومنها يعتبر ذاتي حسب المنتقدين لهذه الخصوصية سواء بشكل اختزالي أو متماسك.

3- اتفق معظم علماء النفس على أنه بينما يبدو أن جميع الثقافات تقريبًا تقدر الخصوصية، فإن الثقافات تختلف في طرقها في البحث عن الخصوصية والحصول عليها.

المصدر: المنطق وعلم النفس، مدحت عبد الرزاق الحجازي، 2020التشابك الكمي والعقل الباطن الجماعي، محمد مبروك أبو زيدالعقل الكمي، دكتور صبحي رجبتحولات السببية دراسة في فلسفة العلم، أفراح لطفي عبد الله


شارك المقالة: