السببية العامة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تتمثل السببية العامة في علم النفس أن تكون القواعد الأخلاقية أو السياسية التي تنظم حياتنا المشتركة بمعنى ما مبررة أو مقبولة من جميع الأشخاص الذين تزعم القواعد أن لها سلطة عليهم، إنها فكرة لها جذور في أعمال العالم إيمانويل كانط، وقد أصبحت مؤثرة بشكل متزايد في الفلسفة الأخلاقية والسياسية المعاصرة في علم النفس الأخلاقي.

السببية العامة في علم النفس

غالبًا ما يقدم أنصار السببية العامة في علم النفس الفكرة كتضمين لمفهوم معين عن الأشخاص على أنهم أحرار ومتساوين، حيث أن كل واحد منا حرّ بمعنى أنه لا يخضع بشكل طبيعي للسلطة الأخلاقية أو السياسية لأي شخص آخر، ونحن متساوون في الموقف فيما يتعلق بهذه الحرية من السلطة الطبيعية للآخرين، من حيث أنه يمكن فرض بعض القواعد الأخلاقية بشكل صحيح علينا جميعًا، خاصة إذا افترضنا وجود خلاف عميق ودائم بين الأشخاص حول مسائل القيمة والأخلاق.

بالنسبة لمؤيدي السببية العامة في علم النفس فإنه يعتبر بأن مثل هذه القواعد يمكن أن تُفرض بحق على الأشخاص، عندما يمكن تبرير القواعد من خلال اللجوء إلى الأفكار أو الحِجَج التي يؤيدها أو يقبلها هؤلاء الأشخاص، على مستوى معين من المثالية، لكن العقل العام أو السببية العامة في علم النفس ليس فقط معيارًا يمكن من خلاله تقييم القواعد الأخلاقية.

يمكنه أيضًا توفير معايير للسلوك الإنساني الفردي؛ لأننا نطالب بعضنا البعض بمطالب أخلاقية، إذا أردنا الامتثال لمبدأ السببية العامة في علم النفس يجب علينا الامتناع عن تأييد أو دعم القواعد التي لا يمكن تبريرها لأولئك الذين ستُفرض عليهم القواعد، يجب علينا بدلاً من ذلك أن يصر البعض فقط دعم تلك القواعد التي نعتقد بصدق أنه يمكن تبريرها من خلال الاستئناف للاعتبارات العامة أو المشتركة بشكل مناسب.

على سبيل المثال القيم الثقافية والنفسية والإنسانية المعتمدة على نطاق واسع مثل الحرية والمساواة والامتناع عن اللجوء إلى الحِجَج المعرفية غير المبررة، أو غيرها من الآراء المثيرة للجدل التي يُفترض أن الأشخاص العقلانيين بشأنها للمعارضة، بهذه الطريقة يمكن تقديم السببية العامة في علم النفس كمعيار لتقييم القواعد والقوانين والمؤسسات والسلوك الإنساني.

لماذا السببية العامة في علم النفس

يبدو أن فكرة السببية العامة في علم النفس تسكن أرضية مشتركة بين معيارين مألوفين للتقييم في الفلسفة الأخلاقية وعلم النفس الأخلاقي، حيث أنه من ناحية هناك موافقة حيث يجادل بعض الفلاسفة على سبيل المثال بأن الشرعية السببية تتطلب الموافقة الفعلية أو الضمنية للأفراد، ومن ناحية أخرى هناك حقيقة يمكننا ببساطة أن نسأل عما إذا كان أي مبدأ أخلاقي مزعوم صحيحًا.

السببية العامة في علم النفس لا تهدف إلى الموافقة أو الحقيقة، بل تتطلب بدلاً من ذلك أن تكون مبادئنا الأخلاقية مبررة أو مقبولة بشكل معقول، لجميع الأشخاص الذين يُقصد بتطبيق المبادئ عليهم، حيث يجب أن يجد تفسير السببية العامة في علم النفس طريقة ما لإعطاء منظور الأفراد دورًا مهمًا، دون السماح لهذا بالانهيار إلى موافقة.

السببية العامة في علم النفس ليست مجرد وسيلة لتحديد تلك المبادئ التي يوافق عليها الناس بالفعل، ولكن بشكل متساوٍ يجب ألا تحدد السببية العامة في علم النفس تلك المبادئ التي يمكن تبريرها أو قبولها لكل شخص على أنها مجرد تلك المبادئ الصحيحة، وفي كلتا الحالتين فإن فكرة العقل العام أو السببية العامة في علم النفس لن تؤدي عملاً مستقلاً.

قد تبدو هذه الأرضية الوسطية الواضحة بين الموافقة والحقيقة محيرة من عدة جوانب في السببية العامة في علم النفس، فأحد الأحجية هو ما إذا كانت هناك في الواقع طريقة متماسكة ومستقرة لتفسير مفهوم القبول أو التبرير المعقول، ولكن حتى لو افترضنا أن فكرة السببية العامة متماسكة، يمكننا أن نسأل بشكل معقول لماذا يجب علينا قبول هذه الفكرة، أي وجود الأساس لاعتماد السببية العامة كمعيار مناسب لتقييم القواعد ولتحكم السلوك الفردي.

عادة ما يتم الجمع بين كل من المواقف في السببية العامة في علم النفس مع افتراض حول التعددية أو الخلاف المعقول حول مجموعة واسعة من المسائل الأخلاقية، وهذا يعني أن جميع مؤيدي السببية العامة في علم النفس تقريبًا يفترضون أن هناك خلافًا عميقًا ومستعصًا على الحل بين بعض الناس، وهذا الخلاف ليس مجرد نتيجة اللاعقلانية أو التحيز أو المصلحة الذاتية، بل ينشأ نتيجة للأداء الطبيعي للتفكير البشري في ظل ظروف مواتية بشكل معقول.

هذا الافتراض حول التعددية أو الاختلاف هو جزء أساسي من الأساس المنطقي في السببية العامة في علم النفس؛ لأنه بدونه من الصعب أن نفهم لماذا يجب أن تكون مبادئنا الأخلاقية مبررة أو مقبولة للآخرين، بدلاً من مجرد كونها صحيحة والحقيقة اللاحقة للتعددية المعقولة، على الرغم من أن هذا الحساب مثير للجدل وقد تعرض لانتقادات واسعة النطاق.

العقلانية والأخلاق في السببية العامة في علم النفس

يقدم بعض الفلاسفة من علماء النفس الأخلاقي فكرة السببية العامة في علم النفس أو الاستخدام العام لها كجزء أساسي ومركزي من طبيعة الخطاب العقلاني حول المعايير الأخلاقية، حيث قدم البعض تفسير مؤثر لأخلاقيات الخطاب على أنه يؤسس مفهوم السببية العامة في علم النفس بهذه الطريقة.

وفقًا لوجهة النظر هذه لا يمكن إثبات صحة المعايير الأخلاقية إلا من خلال ممارسة الجدل بين الذات والمثالية، فقط من خلال عملية خطابية شاملة وغير إجبارية حيث يكون جميع المشاركين في موقع متساوٍ يمكن أن تظهر معايير صالحة حقًا، وهكذا يقترح علماء النفس الأخلاقي مبدأً حواريًا للعالمية في السببية العامة في علم النفس.

في السببية العامة في علم النفس يمكن قبول كل فرد بشكل مشترك من قبل جميع المعنيين دون إكراه، حيث ينبع هذا المبدأ من الافتراضات المسبقة للخطاب الأخلاقي العقلاني، وبالتالي في تفسير واحد على الأقل فإن الانخراط في حِجَة أخلاقية منطقية مع الآخرين يعني الالتزام بشيء مثل فكرة السببية العامة؛ لإلزام المرء بإيجاد معايير يمكن قبولها بشكل مشترك من قبل جميع المعنيين دون إكراه.

بناءً على هذا الحساب ترتكز السببية العامة في علم النفس على طبيعة الحِجَة الأخلاقية المنطقية، حيث لا يمكن للمرء دون تناقض تجنب فكرة السببية العامة في علم النفس بقدر ما يريد المرء الانخراط في حِجَة أخلاقية منطقية مع الآخرين.

يجادل آخرون بأن فكرة السببية العامة في علم النفس تنبع من بعض السمات الأساسية لممارساتنا الأخلاقية اليومية ومواقفنا التفاعلية، إلى جانب ادعاءات معينة حول طبيعة الأسباب، من وجهة النظر هذه تتضمن الأخلاق الاجتماعية نوعًا معينًا من العلاقات الشخصية، مكان ندعي فيه المكانة لتقديم مطالب للآخرين، وحيث في ظل الظروف المناسبة نعترف بمكانة الآخرين لتقديم مطالبنا.

في النهاية نجد أن:

1- السببية العامة في علم النفس هي تعبر عن الاستخدام العام للعقل وأن تكون القواعد الأخلاقية أو السياسية التي تنظم حياتنا المشتركة بمعنى ما مبررة أو مقبولة من جميع الأشخاص.

2- السببية العامة في علم النفس لا تهدف إلى الموافقة أو الحقيقة، بل تتطلب بدلاً من ذلك أن تكون مبادئنا الأخلاقية مبررة أو مقبولة بشكل معقول، لجميع الأشخاص الذين يُقصد بتطبيق المبادئ عليهم.

3- في السببية العامة في علم النفس يمكن قبول كل فرد بشكل مشترك من قبل جميع المعنيين لهم، حيث ينبع هذا المبدأ من الافتراضات المسبقة للخطاب الأخلاقي العقلاني.


شارك المقالة: