اقرأ في هذا المقال
- عمليات التجريب الدوائي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة
- وقف العلاج الدوائي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة
تعتمد تفاصيل التجريب الدوائي على العقار الدوائي، فمع أن التجارب النموذجية لأغراض بحثية تتضمن جرعات متعددة وعقاقير زائفة، فلا تتوافر هذه العقاقير الزائفة بسهولة لدى العياديين المحليين، فضلاً عن ذلك هناك عدة عوامل أخرى يمكن أخذها بعين الاعتبار للمساعدة في اتخاذ قرار مناسب، فيما يتعلق باستمرارية العلاج الدوائي في بيئة الرعاية الأولية.
عمليات التجريب الدوائي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة
1- يجب أن تكون الأعراض المستهدفة واضحة للعيادي والوالدين والمراهق أو من هو قبل سن المراهقة، ويجب تحديد أربعة أو خمسة من الأغراض المستهدفة والمهمة وذلك أثناء عملية التقييم، وقد يلجأ العيادي إلى مد يد العون للأسرة للكشف عن الأهداف المناسبة، إذ أن وجود سلوكيات مستهدفة محددة وواقعية يساعد كل المعنيين في التركيز على تأثيرات العلاج الدوائي خلال فترة التجريب على نحو أكثر دقة.
2- ينبغي أن يطلب العيادي من الوالدين والمدرسين تغذية راجعة مكتوبة منتظمة، وتكون على شكل مقياس تقدير وليس مجرد الاستفسار عن انطباعهم عن مستوى الفعالية، فمع أن الانطباعات تعتبر كافية للدلالة على وجود استجابة إيجابية من مستجيب مثار، فقد تكون غير محددة للغاية لدرجة تتعذر فائدتها في التمييز بين الجرعات المثلى، وإضافة إلى ذلك تقل احتمالية تأثر تقديرات سلوكيات محددة ضمن مدة زمنية معينة بسلوكيات غير طبيعية أو سلبية منفصلة وبأحداث مفردة.
وهذا بخلاف حال الانطباعات العامة من جانب آخر، قد يكون مقياس التقدير منزلياً، بحيث يكون جزءاً من التقرير اليومي عن الطفل أو قد يكون مقياساً جاهزاً ومختصراً ومحدود المدى، وإذا ما تم تحديد سلوكيات مستهدفة غير مشمولة في مقياس التقدير الذي تم اختياره فيمكن إضافتها إليه، وحتى تتأتى الفائدة القصوى من مقاييس التقدير، فيجب إنجازها قبل أسبوع أو أسبوعين من بدء العلاج الدوائي، وكذلك فإن جعل المدرس ينجز مقياس التقدير مرة أو مرتين كل أسبوع ولمدة أربعة إلى ستة أسابيع عقب الشروع في العلاج الدوائي، يتيح عملية تجريب كافية للتعديلات على الجرعة الدوائية.
3- ينبغي أن يكون الوالدان على دراية بجميع تأثيرات العلاج الدوائي، وذلك حتى يصبح مشاركين فعالين في عملية اتخاذ القرار، فعلى سبيل المثال فإن استخدام جرعة صباحية أو جرعة وقت الغداء من عقار منيه قصير المفعول لا يتيح للوالد فرصة لمراقبة تأثيرات هذا الدواء، بالتالي عندما يلاحظ المدرسون حدوث تأثيرات إيجابية في حين يلاحظ الوالدان تفاقم فرط الحركة أو الكآبة انقضاء مفعول الدواء، فليس من المحتمل وصولهم إلى اتفاق حول نجاح هذا العلاج الدوائي.
وقد يؤثر هذا الخلاف في مقدرتهم على التعاون من أجل مصلحة الطفل، ومن هنا تتمثل إحدى طرق ضمان حصول الوالدين على خبرة كافية في جعل الوالدين يقدمان الدواء للطفل خلال إجازة نهاية الأسبوع أثناء الفترة التجريبية، أو أن يقدما له جرعة ثالثة من أجل إنجاز الواجبات المنزلية، ومن أجل تحسين السلوك في بداية الفترة المسائية.
4- ينبغي تجريب مجموعة من الجرعات أو في بعض الحالات عقاقير منبهة مختلفة، وذلك لتحديد الوسيلة المثلى فقد تنتاب بعض الأطفال انفعالية زائدة بسبب جرعة متدنية جداً، ومن هنا فإنه يوصى بتقديم جرعة واحدة في كل أسبوع، ولا يعزى ذلك إلى حاجة العقار إلى هذه الفترة من الوقت لتحقيق فعاليته، ولكن لإتاحة فترة ملاحظة كافية ومعبرة للوالدين والمدرسين، إذ أن مفعول العقاقير المنبهة يعتبر سريعاً، وقد تصل نسبة الأطفال الذين تتحسن استجابتهم لعقار منبه دون آخر إلى (60%)، بالتالي فمن المنطقي أن يتم تجريب عقار منبه آخر في حالة وجود نتائج غير كافية للعقار الأول.
وقف العلاج الدوائي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة
قد يكون وقف العلاج الدوائي إما فترة تعليق للدواء أو وقفاً دائماً له، فمنذ سنوات عديدة يتمثل الإجراء النموذجي في وصف عقاقير منبهة لغاية الاستعمال خلال ساعات الدوام المدرسي، وغير أنه بعد إدراك التأثيرات الإيجابية للأداء الوظيفي التشخيصي مع الأقران وأعضاء الأسرة، وشرع العديد من العلماء في وصف المنبهات؛ لكي تستعمل خلال إجازة نهاية الأسبوع وخلال الإجازات الأخرى أيضاً، وإضافة إلى ذلك وعلى الرغم من التأثيرات الموثقة جداً على الأداء الوظيفي السلوكي والأكاديمي قصير المدى.
ولم يتم إثبات فعالية المنبهات في تغيير المخرجات بعيدة المدى على نحو جوهري في تلك الميادين، ويعتقد أن أحد أسباب ذلك هو الافتقار إلى معالجة فعالة خلال الأوقات غير الصفية، وأخيراً فقد تمت الإشارة إلى أن الاستعمال الأكثر ثباتاً للدواء قد يقلل من بعض التأثيرات الجانبية، من مثل حدوث تقلصات لا إرادية غير أنه لا يتوافر دليل واضح يؤيد هذه الفرضية أو ينفيها، وأما أحد التأثيرات الجانبية التي من المؤكد أن لها علاقة ما بالاستعمال المتزايد للدواء فهو بطء زيادة الوزن والنمو الخطي وغير أنه لا يمكن اعتبار ذلك أمراً شائعاً.
وفي حالة كون سلوكيات الاستجابة المستهدفة والمحددة مسبقاً مشكلة أيضاً في إجازة نهاية الأسبوع، فربما تكون مصلحة الطفل العليا تقتضي تناول دواء في نهاية الأسبوع، فذلك قد يساعد في تحسين مهمة إنجاز الواجبات المنزلية وعلاقات الأسرة والسلوك أثناء اللعب والتفاعلات الاجتماعية وأداء الطقوس الدينية، وأما في بعض الحالات الأخرى فقد تدعو الحاجة إلى جرعة أقل من تلك المطلوبة عادة للمدرسة، وذلك لتحسين الفعالية، وقد تتاح خلال الصيف للطفل المشاركة في الرياضة أو المعسكر الصيفي أو التعليم الخاص أو
المدرسة الصيفية.
وفي هذه الحالة قد تحقق هذه المشاركة نجاحاً أكثر فيما لو استمر الطفل في تناول الدواء، وتعتبر فترة ثلاثة أو أربعة أسابيع من تناول الدواء خلال إجازة الصيف أمراً معقولاً في حالة وجود مشكلات في النمو، أو في حالة الحاجة إلى إعادة تقييم لتأثير الدواء على الأداء الوظيفي خارج نطاق المناهج المدرسية، وهناك بعض الطلبة لا يعانون من وجود سلوك فوضوي ذي شأن ويظل أداؤهم الوظيفي محافظاً على المستوى ذاته دون تناول دواء نهاية الأسبوع.
يظل معظم الأطفال الذين يستفيدون من العلاج الدوائي يستجيبون لذلك العلاج لسنوات عدة، فقد كان يعتقد أن المنبهات تفقد فعاليتها بعد سن البلوغ، غير أنه تم البرهنة على إمكانية الاستفادة من المنبهات من قبل المراهقين والراشدين، فمع أن هناك احتمالية أن تقل أعراض اضطرابعجز الانتباه وفرط الحركة مع الوقت وخصوصاً فرط الحركة الخارجي الظاهر سيستمر أغلبية الأفراد في التعرض لبعض الأعراض حتى سن الرشد.
وفي الختام يتوقف قرار وقف الدواء على مدى وجود أعراض متبقية فإن وجدت، فإن القرار يعتمد على مدى الخلل الوظيفي الذي تسببه وعلى مدى إمكانية علاجها بالتدخلات غير الدوائية، وينبغي على العيادي الذي يصف الدواء إعادة تقييم فعالية ذلك الدواء دوري خلال مدة مراقبة العلاج والمتابعة.