القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


كرّس التجريبيين المنطقيين وأتباعهم من علماء النفس الكثير من اهتمامهم للتمييز بين ما يمكن ملاحظته وغير المرصودة، وشكل ومحتوى تقارير المراقبة، والتأثير المعرفي للأدلة الملاحظة على النظريات المستخدمة للتقييم، حيث تميز العمل النفسي في هذا التقليد بهدف فصل النظرية والملاحظة مفاهيميًا، بحيث يمكن أن تكون هذه الملاحظة بمثابة الأساس الخالص لتقييم النظرية.

القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس

في الآونة الأخيرة تحول تركيز الأدبيات النفسية بعيدًا عن القضايا الخاصة بربط كل من الملاحظة بالنظرية فقط، وارتباطها الوثيق باللغات ومنطق العلم، إلى التحقيقات في كيفية إنشاء البيانات التجريبية وتحليلها واستخدامها في الممارسة التجريبية.

ومع هذا التحول نرى أن علماء النفس يضعون جانبًا إلى حد كبير التطلع إلى أساس رصدي خالص للمعرفة العلمية، ويتبنون بدلاً من ذلك وجهة نظر العلم التي يتشابك فيها النظري والتجريبي بشكل مفيد.

في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس تعتبر أحد التطبيقات المهمة للدليل التجريبي هو استخدامه في تقييم الحالة المعرفية للنظريات العلمية، التي تناقش العمل النفسي حول دور الدليل التجريبي في تأكيد أو تزوير النظريات العلمية، وإنقاذ الظواهر وفي تقييم الكفاية التجريبية للنظريات.

استراتيجيات القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس

ويجب أن يستكشف علماء النفس من العمل النفسي مجموعة متنوعة من الطرق والاستراتيجيات التي تؤثر بها النتائج التجريبية على الحالة المعرفية لنظرية المعرفة والتنظير في الممارسة العلمية خارج النظريات، والتي يمكن توضيحها من خلال ما يلي:

1- التأكيد في علم النفس

من الطبيعي أن نعتقد أن الحوسبة ونطاق التطبيق والأشياء الأخرى من حيث العمليات المعرفية متساوية، والنظريات الصحيحة أفضل من النظريات الخاطئة، والتقريب الجيد أفضل من النظريات السيئة، والادعاءات النظرية المحتملة للغاية أفضل من تلك الأقل احتمالية، حيث أن إحدى الطرق لتحديد ما إذا كانت النظرية أو الادعاء النظري صحيحًا أو قريبًا من الحقيقة أو محتملاً مقبولاً هو التأكيد المتمثل في استنباط تنبؤات منها واستخدام البيانات التجريبية لتقييمها.

اقترح المنظرين من علماء النفس التأكيد الاستنتاجي الافتراضي أن الأدلة التجريبية تدافع عن حقيقة النظريات التي تتحقق عواقبها الاستنتاجية وضد تلك التي تزيف عواقبها، لكن القوانين والتعميم النظري نادرًا ما تستلزم تنبؤات رصدية ما لم يتم ربطها بواحدة أو أكثر من الفرضيات المساعدة المأخوذة من النظرية التي ينتمون إليها.

عندما يتبين أن التوقع خاطئ يواجه المنظرين من علماء النفس التأكيد الاستنتاجي الافتراضي مشكلة في شرح أي من الاتجاهات التي يقع عليها اللوم، فإذا كانت النظرية تستلزم تنبؤًا حقيقيًا فستستمر في القيام بذلك جنبًا إلى جنب مع ادعاءات غير ذات صلة تم اختيارها عشوائيًا، حيث يواجه المنظرين من علماء النفس التأكيد الاستنتاجي الافتراضي مشكلة في تفسير سبب عدم تأكيد التنبؤ على اللاحتمالية جنبًا إلى جنب مع نظرية الفائدة.

2- الاستدلال في علم النفس

نهج آخر للتأكيد من القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس من خلال الأدلة التجريبية هو الاستدلال على أفضل تفسير، والفكرة تقريبًا هي أن تفسير الدليل الذي يُظهر بعض الخصائص المرغوبة فيما يتعلق بمجموعة من التفسيرات المرشحة من المرجح أن يكون صحيحًا في النظرية، في هذا النهج بفضل التفسير الناجح للأدلة التجريبية، يتم دعم الادعاءات النظرية.

حظيت مناهج الاستدلال في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس للتأكيد العلمي باهتمام كبير وهي الآن منتشرة على نطاق واسع في العلوم النفسية والفلسفية، حيث يرى علماء النفس أن تأثير الدليل للأدلة التجريبية على الادعاء النظري يجب فهمه من حيث الاحتمالية أو الاحتمال الشرطي.

على سبيل المثال ما إذا كان الدليل التجريبي يجادل في ادعاء نظري قد يُعتقد أنه يعتمد على ما إذا كان أكثر احتمالية وإذا كان الأمر كذلك فما هو أكثر احتمالية، من إنكاره المشروط بوصف الدليل مع معتقدات الخلفية بما في ذلك الالتزامات النظرية، ولكن من خلال الاستدلال في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس فإن الاحتمال اللاحق لادعاء الفائدة أي احتماله بالنظر إلى الدليل يتناسب مع الاحتمال السابق لذلك الادعاء.

تعتبر كيفية تبرير اختيار تخصيصات الاحتمالات السابقة هذه هي واحدة من أكثر نقاط الخلاف شهرة بالنسبة لاستراتيجية الاستدلال في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس، إذا جعل المرء تعيين المقدمات مسألة ذاتية يقررها الوكلاء المعرفيين فليس من الواضح أنه يمكن تبريرها، حيث يعتمد استخدام المرء للأدلة لتقييم نظرية ما جزئيًا على الالتزامات النظرية.

3- الاستقراء في علم النفس

بدلاً من محاولة إلقاء جميع حالات الاستدلال بناءً على الأدلة التجريبية على أنها تنتمي إلى مخطط عالمي في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس، قد يكون النهج الأفضل هو الانتقال إلى المستوى المحلي، حيث تجادل نظرية الاستقراء المادية بأن الدعم الاستقرائي ينشأ من المعرفة الخلفية، أي من الحقائق المادية الخاصة بالمجال.

يجادل علماء النفس بأن حقيقة أن تراخيص الاستقراء هي حقيقة حول العناصر أي عيناتهم بشكل عام موحدة في خواصها القياسية، هذه حقيقة ذات صلة بالعناصر المعرفية، ومع ذلك هناك من قد يكون متشككًا في إمكانية التأكيد أو الاستقراء الناجح، بقدر ما لا يكون تأثير الدليل على النظرية حاسمًا تمامًا، طالما أنه لا يوجد مخطط عالمي واحد موثوق به يلتقط الدعم التجريبي.

ربما لا تتعلق العلاقة بين الدليل التجريبي والنظرية العلمية بالدعم بعد كل شيء، حيث إن التخلي عن الدعم التجريبي لا يعني تلقائيًا التخلي عن أي قيمة معرفية للأدلة التجريبية، بدلاً من تأكيد النظرية يمكن أن يتمثل الدور المعرفي للأدلة في التقييد، على سبيل المثال من خلال تقديم الظواهر للنظرية لتنظيمها أو للنمذجة المناسبة.

إنقاذ الظواهر في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس

يقال إن النظريات تحفظ الظواهر التي يمكن ملاحظتها إذا تنبأنا بها أو وصفناها أو نظمناها بشكل مُرضٍ، حيث لا يحتاج مدى جودة أداء النظرية لأي من هذه المهام إلى حقيقة أو دقة مبادئها الأساسية، وبالتالي وفقًا للقيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس فإن علماء النفس لا يمكنهم بأي حال من الأحوال تحقيق الأسباب الحقيقية للانتظام بين الأحداث التي يمكن ملاحظتها.

ويجب أن يكتفوا بإنقاذ الظواهر بمعنى استخدامها مهما كانت الافتراضات التي تمكّن ما يجب على المنظرين استخدام هذه الافتراضات كأدوات حساب دون إلزام أنفسهم بحقيقتهم، حيث أن القوانين التجريبية هي أوصاف قياسية عامة لنتائج التجارب التي يمكن ملاحظتها، ينتجها المحققين عن طريق إجراء عمليات القياس والعمليات التجريبية الأخرى وتعيين الرموز للنتائج المعرفية وفقًا للتعريفات التشغيلية المحددة مسبقًا.

في النهاية نجد أن:

1- القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس تتمثل باهتمام علماء النفس للتمييز بين ما يمكن ملاحظته وغير المرصودة، وشكل ومحتوى تقارير المراقبة، والتأثير المعرفي للأدلة الملاحظة.

2- في القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس تعتبر أحد التطبيقات المهمة للدليل التجريبي هو استخدامه في تقييم الحالة المعرفية للنظريات العلمية.

3- من استراتيجيات القيمة المعرفية للأدلة التجريبية في علم النفس التأكيد والاستقراء والاستدلال.


شارك المقالة: