المقاييس العيادية لعجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


أجريت محاولات عديدة لتطوير طرق عيادية مكتبية توفر قياساً موضوعياً لعجز الانتباه والاندفاعية، وتسمى المقاييس العيادية التي استخدمت كثيراً جداً في الأبحاث والممارسة العيادية لتقييم المتغيرات المتعلقة  بالأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة اختبارات الأداء المتواصل.

المقاييس العيادية لعجز الانتباه وفرط الحركة

1- نظام غوردون التشخيصي لنشاط اليقظة

في اختبار الأداء المتواصل الواسع الاستخدام هذا، تعرض أرقام على شاشة واحداً في كل مرة بمعدل رقم واحد في كل ثانية، ويطلب إلى الطفل أن يضغط على زر في كل مرة يتبع فيها الرقم (9) الرقم (1)، ويتم عرض النشاط لمدة تسع دقائق وتحسب النتائج إلكترونياً.

ويفرز النشاط نتيجتين أساسيتين المجموع الكلي للصواب وهو عدد المرات التي يستجيب فيها الطفل لدى ظهور المثير المستهدف، وأما النتيجة الأساسية الثانية فيه المجموع الكلي وهي عدد المرات التي يستجيب فيها الطفل لدى عدم ظهور المثير المستهدف.

وقد وجدت الأبحاث أن المجموع الكلي للصواب يتناسب عكسياً مع مقاییس عجز الانتباه، ويبدو أن نتائج المجموع الكلي للخطأ تقيس كلا من الاندفاعية وعجز الانتباه معاً، أما المجموع الكلي للخطأ الأكثر صلة بالاندفاعية فهو استجابة يتبع فيها الرقم (1) برقم آخر غير الرقم(9).

وقد وجد أن أداء الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة متدن على نحو أكثر وفقاً لنشاط غوردون لليقظة، ووفقا لمعظم أنشطة الأداء المتواصل من أداء الأطفال غير المصابين بهذا الاضطراب.

وهذا وقد تمت تقنين نشاط غوردون كثيراً على الأطفال في سن المدرسة وعلى المراهقين، وتكمن سيئة نشاط غوردون في أن نظامه الإلكتروني المطلوب لإجراء الاختبار باهظ الثمن نوعا ما.

مقاييس بديلة للأداء المتواصل لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

قد يثبت أن النماذج الأخرى لنشاط الأداء المتواصل أكثر فائدة وصدقا من نشاط غوردون، فعلى سبيل المثال، قد تكون اختيارات متغيرات الانتباه، وهي نشاط أداء متواصل مدته (22) دقيقة يستخدم مثيرات غير لغوية مفيدة لتمييز أداء الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة عن أولئك المصابين باضطرابات القراءة، حيث تتوافر هناك نماذج بصرية وسمعية لهذا النشاط، ويمكن إجراء اختبارات متغيرات الانتباه عبر الحاسوب، مما يقلل من تكاليف الإجراء.

أما النموذج الآخر الواسع الاستخدام فهو اختبار كونرز للأداء المتواصل، وهو عبارة عن نشاط مدته (14) دقيقة يتم إجراؤه عبر حاسوب، وتكمن الميزة الفريدة لهذا النشاط في أن الطفل يطلب إليه أن يستجيب لكل مثير يتم تقديمه، وأن يمنع إحداث مشكلات في الصدق البيئي الحيوي لها، كما يظهر أن المقاييس العيادية للانتباه والتحكم بالاندفاعية تعاني من مستوى محدود من الفائدة فيما يتصل بتوفير تقييم موضوعي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

فقد تكون مفيدة في الدلالة على وجود اضطراب لكنها تظل أقل فائدة في استبعاده، فقد طرحت الأبحاث تساؤلات كبيرة عن صدق هذه الأدوات، من هنا ينبغي اعتبار اختبارات الأداء المتواصل والمقاييس العيادية الأخرى أدوات من الدرجة الثانية في تقييم عجز الانتباه وفرط الحركة، والاستجابة عندما يظهر المثير المستهدف، وهذا وقد تم تقنين كلا هذين المقياسين للأداء المتواصل كثيراً على الأطفال والمراهقين.

ويمثل كل من نموذج اختبارات متغيرات الانتباه ونموذج كونرز للأداء المتواصل بدائل مهمة لنشاط اليقظة المعياري، غير أن صدقهما يحتاج لمزيد من الأبحاث للتحقق منه.

قيود المقاييس العيادية لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

على الرغم من الاستخدام الواسع لاختبارات الأداء المتواصل في الممارسة العيادية، فإن لها قيوداً جديرة بالملاحظة، تنتج هذه النشاطات عموماً نسبة متدنية نسبياً من الاستجابات الإيجابية الخاطئة، غير أنه يبدو أنها تفرز نسبة عالية من الاستجابات السلبية الخاطئة، وهذا يعني أنها تميل إلى تقليل العدد الحقيقي للأطفال المصابين باضطرابات عجز الانتباه وفرط الحركة، وقد تتفاوت نسب الاستجابات السلبية الخاطئة من (25%-80%) مع وجود نسب أعلى من ذلك لدى الأطفال الأكبر سناً.

وأما القيد الآخر فيتمثل في أن هذه النشاطات تعتبر ضعيفة نسبياً في تمييز الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة عن أولئك المصابين بإعاقات تعليمية واضطرابات عيادية أخرى، علاوة على ذلك فقد وجد أن الأداء في هذه النشاط يعتبر حساسًا للعوامل البيئية، مثل حضور الفاحص أو عدم ووقت إجراء النشاط، ويثير تأثير  العوامل البيئية تساؤلات عن التأثيرات التفاعلية لتأدية هذه الاختبارات في بيئات عبادية منظمة بدلاً من الحجر الصفية الطبيعية.

لقد كانت العلاقة بين الأداء في هذه المقاييس والأداء في الحجرة الصفية، كما تحدده أساليب تقييم السلوك موضع تساؤل، ويبدو أن هذه العلاقة تتراوح بين كونها متدنية إلى متوسطة، وصحيح أنه تم إجراء معظم الأبحاث عن نشاط غوردون لليقظة، لكن يرجع معاناة نموذجي اختبارات متغيرات الانتباه واختبار كونرز للأداء المتواصل من القيود ذاتها التي يعاني منها نشاط غوردون، والبيئة غير الطبيعية لنشاطات اليقظة والتي يرجح أن تستمر في إحداث مشكلات في الصدق البيئي الحيوي لها.

كما يظهر أن المقاييس العيادية للانتباه والتحكم بالاندفاعية تعاني من مستوى محدود من الفائدة فيما يتصل بتوفير تقييم موضوعي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فقد تكون مفيدة في الدلالة على وجود اضطراب، لكنها تظل أقل فائدة في استبعاده.

فقد طرحت الأبحاث تساؤلات كبيرة عن صدق هذه الأدوات، وينبغي اعتبار اختبارات الأداء المتواصل والمقاييس العيادية الأخرى أدوات من الدرجة الثانية في تقييم عجز الانتباه وفرط الحركة.

آخذين بعين الاعتبار ارتفاع نسبة حدوث المشكلات الأكاديمية بين الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فإن تطور هذا الاضطراب يتطلب تقييماً للأداء في الميادين الرئيسة للمهارات الأكاديمية، ويتطلب تحديداً للعوامل التي قد تسهم في مواطن العجز للمهارات، كما يتطلب شرحاً للاستراتيجيات التي قد تكون مفيدة لتحسين مستوى التقدم الأكاديمي.

وتعتبر الاستبيانات التي يملأها المدرسون والوالدان طرق كشف مفيدة تكشف عن المشكلات الأكاديمية الكامنة، وتشير إلى الميادين التي تحتاج تدخلاً علاجياً من جهة أخرى، يعتبر التقييم المختصر الذي يتضمن مقاييس مباشرة للأداء الأكاديمي مفيداً عموماً في تحديد استراتيجيات التدخل العلاجي.

وتحديد مدى الحاجة لتقييم نفس تربوي شامل، وقد تكون إجراءات التقييم المعتمد على المنهاج مفيدة جداً للعياديين لتحديد فيما إذا كان بمقدور الطفل التعامل بكفاءة مع المواد التعليمية التي تقدم في الصف.

ولتحديد مدى الحاجة لتقييم وتدخل مكثفين من جانب آخر، تدعو الحاجة لإجراء تقييم نفس تربوي شامل، متضمنا منظومة كاملة من الاختبارات المعرفية والتحصيلية محكية المرجع؛ وذلك من أجل استقصاء طبيعة ومدى مواطن العجز في المهارت الأكاديمية.

ومن أجل تحديد الأهلية للوضع في التربية الخاصة، إضافة إلى ذلك، قد تدعو الحاجة لتقييمات إضافية مثل اختبار النطق واللغة والاختبار العصبي النفسي، وذلك من أجل التخطيط للتدخل العلاجي.

وفي الختام قد يكون للمقاييس العيادية لعجز الانتباه والاندفاعية بعضاً من الفائدة في تقييم مشكلات تتعلق باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، غير أن مساهمتها في تقييم هذا الاضطراب تعتبر ثانوية بالنسبة لإجراء المقابلات العيادية، ولمقاييس التقدير المتصلة بالمدرس والوالد وللملاحظات المباشرة للطفل في بيئات متعددة.


شارك المقالة: