النسبية الحقيقية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


كانت النسبية في جميع أشكالها المختلفة واحدة من أكثر المذاهب النفسية والفلسفية شهرة في عصرنا، حيث يرى المدافعين عنها نذيرًا للتسامح والموقف الأخلاقي والمعرفي الوحيد الذي يستحق المنفتح الذهني والتسامح، بينما يرفضها منتقدوها بسبب عدم الاتساق المزعوم والتساهل الفكري غير النقدي، مما تتخلل النقاشات حول النسبية مجموعة كاملة من الفروع وأهمها النسبية الحقيقية.

النسبية الحقيقية في علم النفس

تعتبر النسبية الحقيقية في علم النفس في أبسط صورها هي الادعاء بأن ما هو صحيح لفرد أو مجموعة اجتماعية قد لا يكون صحيحًا بالنسبة لفرد أو مجموعة اجتماعية ثانية، ولا توجد وجهة نظر مستقلة عن السياق للفصل في الأمر فما هو صحيح أو خطأ هو دائمًا مرتبط بإطار مفاهيمي أو ثقافي أو لغوي.

تعتبر النسبية الحقيقية في علم النفس هي الأكثر مركزية من بين جميع المواقف النسبية منذ التقسيمات الفرعية الأخرى للأطروحات النفسية للنسبية، مع استثناء محتمل لبعض الإصدارات المحددة بدقة من النسبية المفاهيمية مثل اللاواقعية، التي يمكن اختزالها من حيث المبدأ، على سبيل المثال يمكن إعادة صياغة النسبية حول المنطق كوجهة نظر تكون بموجبه مكانة الحقائق المنطقية بما في ذلك الحقائق حول العلاقات التبعية ذات صلة بالثقافات أو المخططات المعرفية.

يمكن النظر إلى النسبية الحقيقية في علم النفس على أنها ادعاء بأن حقيقة الأحكام الأخلاقية إذا وجدت مثل هذه الحقائق مرتبطة بالسياق أو الثقافة، حيث أنه إذا كان ينبغي النظر إلى الحقيقة على أنها قابلة للتطبيق بشكل متساوٍ على جميع مجالات الخطاب وأيضًا الوحدوية بدلاً من مجال محدد أو متعدد.

فإن النسبية الحقيقية ليست فقط شكلًا قويًا من النسبية العالمية ولكنها تستلزم أيضًا إنكار إمكانية وجود المزيد من الأشكال المحلية للنسبية؛ لأن جميع الادعاءات النسبية المحلية هي أيضًا محاولات لإضفاء الطابع النسبي على الحقيقة على ما يبدو في مجال معين من الخطاب.

الادعاء المركزي في النسبية الحقيقية في علم النفس هو أن كلمة أو عبارة صحيح، على الرغم من المظاهر التي تشير إلى عكس ذلك ليست على الأقل في بعض مجالات الخطاب ذات الصلة مكانًا واحدًا، بل مسندًا من مكانين مثل أن الموقف هو صحيح، التي تُفهم بشكل صحيح على أنها اختلافات النموذج في طرق معينة لتطوير هذه الفكرة اختصار لماهية الثقافة من حيث مخطط مفاهيمي وإطار معتقد.

في النسبية الحقيقية في علم النفس يعتبر أحد الالتزامات المشتركة لإضفاء الطابع النسبي على مسند الحقيقة هو أن الادعاءات يمكن أن تكون صحيحة وفقًا للإطار الثقافي وخاطئة في الإطار العلمي، وتتمثل إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه النسبيين في شرح ما تعنيه كلمة صحيح بالنسبة لشيء في الواقع، وكيف يجب فهم صواب على أنه مرتبط بمسند الحقيقة المطلقة الأكثر شيوعًا.

النسبية الحقيقية وتهمة دحض الذات في علم النفس

التهمة الأقوى والأكثر ثباتًا والموجهة ضد جميع أنواع النسبية ولكن النسبية الحقيقية في علم النفس العالمية على وجه الخصوص هي اتهام دحض الذات، هنا على سبيل المثال فإن تعتبر تهمة عدم الاتساق هذه أصعب مشكلة تواجه النسبية، وتجدر الإشارة إلى أن محاولات التغلب على المشكلة من خلال اللجوء إلى فكرة الحقيقة النسبية يبدو أنها لم تنجح.

ومنها تعتمد العديد من إصدارات النسبية الحقيقية في علم النفس على مثل هذه الفكرة ولكن من الصعب جدًا فهمها، حيث إن التأكيد على أن الاقتراح الصحيح بالنسبة للفرد أو صحيح بالنسبة لأعضاء ثقافيين مقابلين يُفهم بسهولة على أنه ادعاء يتعلق بما يؤمن به هذا الفرد ومخططاته أكثر مما يؤمن به باعتباره الادعاء ينسب إلى هذا الافتراض نوعًا خاصًا من الحقيقة ويمكن القول أنه يتجاوز الموارد المفاهيمية المتاحة للنسبية.

تعتبر النسبية الحقيقية وتهمة دحض الذات في علم النفس ضمنيًا على الأقل ملتزمة بالحقيقة العالمية أو الموضوعية للنسبية، حيث أنه من وجهة النظر هذه يطرح علماء النفس السؤال نيابة عن المفهوم المطلق للحقيقة من حيث العداد النسبي، في أن يقبل بالفعل أن عقيدة الفرد تعتبر خاطئة بالنسبة لأولئك الذين يقبلون الحكم المطلق ولكنهم يستمرون في الاعتقاد بأن عقيدته صحيحة بالنسبة له.

يمكنه أيضًا محاولة إقناع الآخرين بأن يصبحوا نوع المفكرين الذين تعتبر النسبية صحيحة دون التورط في تناقض الذات، ومع ذلك فإن مثل هذا الجهد في الإقناع يمكن أن يشرك الفرد في تناقض أدائي حيث لا تستطيع النسبية أن تفترض أن حججها جيدة لإقناع الآخرين، وعادةً ما يُلزمنا فعل الدفاع عن موقف خاص بالحركة لمحاولة إقناع محاورينا بالقيمة السامية لما ندافع عنه.

في النسبية الحقيقية وتهمة دحض الذات في علم النفس لا يستطيع النسبي أن يقدم مثل هذا الالتزام، وبالتالي فإن محاولاته لإقناع الآخرين بقبول موقفه قد تكون دحضًا ذاتيًا عمليًا، حيث يمكن للنسبي أن يتجنب الاتهام القياسي لدحض الذات من خلال قبول أن النسبية لا يمكن إثبات صحتها بأي معنى غير نسبي، بمعنى أن النسبية نفسها كموقف نفسي هي في أحسن الأحوال صحيحة فقط بالنسبة للسياق الثقافي أو التاريخي.

وبالتالي يمكن أن تكون خاطئة في أطر أو ثقافات أخرى، لكن مثل هذا الاعتراف سيقوض محاولة النسبية لإقناع الآخرين بموقفها؛ لأن فعل الجدل نفسه كما هو مفهوم بشكل عام لدحض الذات هو محاولة لإقناع أولئك الذين يختلفون معنا بزيف موقفهم.

النسبية الحقيقية وطبيعة الحقيقة في علم النفس

يركز الخيط الثاني من حِجَة دحض الذات في النسبية الحقيقية في علم النفس على طبيعة الحقيقة ودورها، حيث جادل بعض علماء النفس بأن الاستبداد الأخلاقي هو شرط لمفهوم متماسك للحقيقة وأن الادعاء بتأثير لا توجد حقائق مطلقة هو دحض ذاتي مطلق، لكن النسبيين يرفضون الخطوة السريعة التي تفترض مسبقًا مفهوم الحقيقة ذاته الذي يجاهدون لتقويضه وقدّموا مناهج دفاعية متطورة.

من الأمثلة الجيدة على مثل هذا الدفاع هو الدفاع الذي يستخدم عامل التشغيل للحقيقة لتمثيل ما هو صحيح في بعض المنظورات ولتمثيل ما هو صحيح في جميع النظريات؛ من أجل إثبات أنه يمكن أن يكون هناك بالفعل منطق نسبي ثابت يتجنب تهمة دحض الذات.

في النسبية الحقيقية وطبيعة الحقيقة في علم النفس قد زُعم أيضًا أن النسبية الحقيقية تؤدي إلى ما يعرف عمليًا بدحض الذات والمحادثة من خلال الاستهزاء بواحد أو أكثر من قواعد الخطاب الحاسمة وبالتالي تقويض إمكانية كبيرة لخطاب متماسك.

في النهاية نجد أن:

1- النسبية الحقيقية في علم النفس هي نوع خاص من النسبية بشكل عام التي ميز اللغة والثقافة الاجتماعية للأفراد في تبرير الحقائق المعرفية والاجتماعية وتأكيدها من خلال التجربة.

2- تتعلق النسبية الحقيقية بمفهوم دحض الذات من حيث ما يمكن للفرد أن يستخدم من وسائل للتقليل من شخصيته الحقيقية.

3- النسبية الحقيقية بطبيعة الحقيقة التي تعتبر من خيوط التخلص من دحض الذات والاستقلالية.


شارك المقالة: