يجب الإشارة إلى أنَّ الجدليات في الرِّباط الزوجي لا يمكن أن تتساوى حتى في الحالة الواحدة، فيوجد في الروابط العادية بشكل دائم وجه وفاق ووجه اختلاف، يتوقف استقرار الزواج أو تصدُّعه على محصلة تفاعل القوى الفاعلة في الوضعية، إلّا أنَّ هناك بعد نوعي في الموضوع يقتضي تحديد مدى استراتيجية أوجه الوفاق أو الخلاف هذه، فالأزمات والتباينات تظل مقبولة إذا كان الرباط الزوجي يقوم على أوجه وفاق أساسية.
لم يصل علماء النفس لاتفاق من أجل تحديد مفهوم التصدع الأُسري، كذلك لم يتفقوا حول تسمية المفهوم نفسه، فمنهم يقوم باستخدام مفهوم (البيوت المحطمة)، معناها البيوت التي يقوم الطلاق أو الهجر أو موت أحد الوالدين أو كليهما بتحطيمها.
تصدع الروابط الزوجية وعلاقتها بالصحة النفسية
تبين مقومات الرباط الزوجي في دينامياتها وتحولاتها مقدار من التحديات، التي قد تواجه استقراره ونموه، كذلك الصحة النفسية الخاصة بالزوجين، كما تبين مقدار احتمالات الوفاق أو الأزمات التي يعيشها خلال مساره، ممّا يجعلنا نتكلم عن الجدارة الزوجية التي توفر أسس الوفاق، كما تعمل على التكيف مع الأزمات وبكل تأكيد تتفاوت هذه الجدارة من حالة إلى أخرى ومن مرحلة من مراحل الزواج إلى أخرى، هو ما يجعل احتمال الأزمات والمآزق أمراً ملازماً للزواج تبعاً لمختلف الديناميات والتحولات الذاتية والداخلية، مثل الصحّة النفسية من ناحية والظروف الخارجية بكل معوقاتها وضغوطاتها من ناحية أُخرى.
من الممكن أن تحدث ظروف خارجية تعمل على تهديد تماسك الرباط الزوجي المستقر، في المقابل من الممكن أن تحدث ظروف معينة تساعد على تماسك وتعزيز الرباط الزوجي غير متين البنيان، فالظروف الاستثنائية قد تؤدي إلى إدخال الرباط الزوجي في حالة مأزقية تهدد استمراره، قد تكون ضمن ديناميات وجدليات مغايرة تؤدّي إلى تناسي الصرعات والتباينات وشدّة الرباط الزوجي في حالة دفاع ضد التهديدات الخارجية.
يتاح المجال للعديد من ألوان التسويات والتكيفات والتنازلات المتبادلة، طالما بقي الثمن الوجودي المطلوب من هذا الطرف مقبولاً لقاء السعي وتحقيق الرّغبات والأهداف الأهم بالنسبة للشخص، أمّا إذا كانت التناقضات تصيب الأسس أو تبدو مكلفة فيما يتجاوز طاقة الشخص على الاحتمال، فإنّ الرباط الزوجي يتعرض لا محالة لأخطار التصدُّع على اختلاف درجاته.