تعتمد بيئة الشركات على علم النفس التنظيمي بشكل كبير، يزداد التنافس في بيئة العمل كل يوم، أصبح إيجاد طرائق واستراتيجيات من التحديات التي يواجهها أصحاب العمل اليوم، فمن أهم الأساليب التي تساعد على إيجاد نتيجة جيدة هي؛ سيكولوجيا الشركات أو كما تسمّى في اللغة العربية بعلم النفس التنظيمي.
علم النفس التنظيمي:
يقوم علم النفس التنظيمي على تحسين جودة الحياة؛ حتى يكون العمال قادرين على استغلال كافة الفرص الخاصة بالعمل بشكل أسهل، يعرّف علم النفس التنظيمي الذي يسمى كذلك بعلم نفس الشركات بأنّه أحد المجالات العلمية التابعة لمجالات علم النفس الذي يهتم بالأمور التي تتعلق بالأعمال.
يقوم علم النفس التنظيمي بالعناية بالشركات والتركيز على ما يحتاجه العاملين، بهذا يمنح هذا العلم لأنّ حياة وظروف أفضل للأشخاص الذين يعملون في الشركات، بحيث يقوم بمساعدتهم ليصبحوا منتجين في أعمالهم.
المعادلة سهلة جداً في هذا العلم، فعندما يرى العاملون بأنّهم على ما يرام وكل شيء جيد في بيئة العمل، سيساعد ذلك على إنتاج المزيد ويحافظون كذلك على نوعية رائعة جداً، يوجد العديد من العوامل التي تؤثر في ذلك، مثل أن يحترم الموظفون أوقات الاستراحات والراحة.
أيضاً الشعور بالحماية والأمان في بيئة الشركة، مع وجود علاقات جيدة بين العاملين والموظفين من ناحية، كذلك بينهم وبين الإدارة من ناحية أخرى، جميع هذه العناصر عندما يتم احترامها ومراعاتها كما يجب، تزيد من شعور العامل بالسعادة وراحة البال أثناء العمل.
المجالات التي يعمل فيها علم النفس التنظيمي:
اختيار المرشحين للوظائف:
عندما نقوم بالتفكير في وظيفة عالم النفس ضمن الشركات، نبدأ بالتفكير في موضوع جذب الأشخاص الذين يتم ترشيحهم للعمل المهم الذي تلزمه الشركة، فهذا العامل يمتلك المعرفة التي تساعده على أن يكتشف المميزات والإمكانات بداخل كل مرشح من المرشحين إلى الشواغر المختلفة.
كذلك تقييم إذا كان ملائم حقاً للوظيفة أو الشاغر أم لا، خلال عمليات ومراحل اختيار المرشحين للمناصب والوظائف في الشركة، يطبّق عالم النفس جميع معارفه وخبراته التي اكتسبها من اختصاصه في مجال علم النفس Psychology.
من الخبرات التي يطبّقها عالم النفس هي مقابلات التوظيف التي يقوم بها وديناميكيات المجموعة، كذلك الاختبارات والفحوصات النفسية التي يقوم بها، تقوم هذه الطرق والأساليب بالسماح لجمع المعلومات الكافية لاختيار المرشح الذي يتناسب بصورة كبيرة وأكثر من غيره مع المنصب الشاغر، بحيث ينسجم كذلك مع ثقافة المنظمة.
عمليات البحث التي تتعلق بالمناخ التنظيمي:
أهم الأدوات الاستراتيجية الخاصة بتحسين إدارة شركة من الشركات، هي أن نحدد الجو التنظيمي فيها بشكل جيد، تقوم هذه العملية بالسماح بالكشف عن نقاط الصعوبة أو عدم الرضا التي تكمن ضمن المجموعة، كذلك التنسيق وتنظيم الأمور بين الثقافة التي حددتها الشركة لها، مع الأعمال والإجراءات التي يتم تطويرها واتخاذها في كل يوم.
إنّ التعرّف على ما يقوم به العاملون في الشركة بالشعور تجاه المواقف والأوضاع التي تمر بها الشركة، يعتبر هذا أمر أساسي وجوهري لتحسين النقاط السلبية وتعزيز النقاط الإيجابية الموجودة، فكلما يزيد رضا العاملين وحماسهم وكذلك تفاعلهم مع بعضهم، كلما زادت إنتاجية العمل.
الاختبارات السلوكية:
يوجد مجال من المجالات الذي يقوم علم النفس التنظيمي بالدخول فيها؛ هو أن نطبّق الاختبارات على السلوكات، يمكن أن نستفيد من هذه الاختبارات في أن نتعرّف على المميزات الرئيسية ووصفات الشخصية التي يمتلكها كل عامل من العاملين، بهذا الأسلوب يمكن أن نضمن تنظيم العاملين ووضعهم في الأماكن والوظائف التي تتناسب معهم ومع صفاتهم.
تقييم الأداء:
حتى يستطيع العاملون والشركة أن يصلوا إلى الأهداف والنتائج التي يرجونها، من الضروري جداً أن يتعرّفوا على نقاط القوة والجوانب التي تحتاج إلى تحسينات، هذا تماماً يتحقق بمجرد تقييم الأداء، يتم اختبار وتحليل الأداء بصورة فردية وكذلك جماعية (ضمن الفريق الواحد)، يمكن استخدامها سواء لاختيار عاملين جدد أو لاختيار العاملين الذين يستحقون ترقية معينة ضمن الشركة.
التمارين والتنمية الشخصية:
يوجد مجال من المجالات يقوم علم النفس التنظيمي بالدخول فيه، هو تدريب الموظفين الذي يعد من الأمور التي لها تأثير على تطوير الشركة بشكل كلّي، كذلك طريقة ظهورها والمكان الذي تحتله في السوق، في ظل تزايد تنافسية السوق كما ذكرنا، من الجوهري أن تستثمر الشركات والمنظمات في تأهيل وتدريب العاملين من خلال عقد الدورات والتدريبات المكانية لهم، كذلك التدريبات أونلاين، مع إجراء المحاضرات واللقاءات والاجتماعات وغيرها من الأدوات والمعدات.
لماذا لا يمكن الاستغناء عن علم النفس التنظيمي في الشركة؟
يوجد العديد من المزايا والفوائد لعلم النفس التنظيمي في بيئة العمل، فهو يحل المشاكل التي تتكون في بيئة العمل بكفاءة عالية، يتم الوصول لهذه الحلول بالعديد من الطرق الجماعية، من خلال مساعدة العاملين جميعهم، كما يقدّم علم النفس في الشركات العديد من الطرائق والأساليب التي تساعد على تحسين جودة الحياة خلال العمل، مثل توفير التمارين لوضعية العمود الفقري ككل، مع حل النزاعات الناشبة بين العاملين وتحسين ظروف العمل.
يوجد عامل مهم وهو أنّ هذا العلم يساهم في رسم الثقافة التنظيمية أو ثقافة الشركة، مع القيام بوضع الاستراتيجيات التي تعزز هذه الثقافة، هذا يؤدي بشكل كبير في إصلاح أي مشكلة أو ضغوطات في بيئة العمل ويجعلها سليمة، جميع هذه العوامل تساعد على تقليل الخسائر التي تتحملها الشركة عندما تكون بحاجة إلى تبديل وتغيير العاملين فيها بشكل سريع، كما تزيد من إنتاجية العاملين وتقلل التكاليف.
حتى نستطيع بشكل فعلي تطبيق هذا العلم في الشركة، فمهم جداً أن نقوم بإعداد فريق عمل يتكون من مجموعة من علماء نفس والأشخاص الذين يعملون في الموارد البشرية، يوجد خيار آخر وهو أن نتعاقد مع جهة استشارية خارجية وتقوم بالعمليات والإجراءات التي تنصحنا بها هذه المجموعة، لكن من المهم أن نتذكر أنّ الهيئة الاستشارية تقوم باقتراح فقط ما يجب القيام به، لكن يتوجب علينا اختيار ما يتلاءم مع الشركة بالفعل وينسجم مع هويتها وثقافتها.
لا يهم إذا كانت الشركة تريد إعداد فريق عمل داخلي أو تعتمد على جهة استشارية، فيوجد بعض التكاليف التي لا يمكن أن نتهرب منها عند تطبيق هذه الإجراءات من خلال خبراء النفس في الشركة، كما يجب أن نأخذ بعض التكاليف في عين الاعتبار في هذا السياق؛ مثل الأجرة والتكاليف والاختبارات التي يطلبونها، إلّا أنّه في المقابل سوف نعوض جميع هذه التكاليف والنفقات عندما تزداد الإنتاجية في الشركة وتتحسن ظروف العاملين التي يعيشونها.