مفارقة التشويق في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


على المستوى القياسي يشعر الناس بالتشويق عندما يخشون نتيجة سيئة، ويأملون في الحصول على نتيجة جيدة، ويكونون غير متأكدين من النتيجة التي ستتحقق، ففي الحياة الواقعية قد نشعر بالتشويق عند تقديم رسالة علمية في مكان مليء بالناس، فقد نخشى أن لا نستطيع تقديم ما لدينا من معلومات بشكل سليم ونأمل أن نكون جيدين وغير متأكدين مما سيحدث.

مفارقة التشويق في علم النفس

طرح علماء النفس المعرفي نظرية مفيدة للمعرفة يمكن أن نطلق عليها الحساب القياسي لمفارقة التشويق في علم النفس، حيث أنهم يجادلون بأن التشويق يتكون من الخوف والأمل والحالة المعرفية من عدم اليقين حيث أنهم يعرّفون الخوف على أنه شعور بالاستياء من احتمال وقوع حدث غير مرغوب فيه، ويعرّفون الأمل كشعور بالسرور حول احتمالية حدث مرغوب فيه.

يجادل علماء النفس المعرفي بأن مفارقة التشويق في علم النفس تتمثل في الخوف والأمل معًا، باعتبارها مشاعر محتملة، حيث أنهما يعتمدان على الرغبة واحتمالية حدوث نتيجة مستقبلية أو النتيجة التي لم يتم تحديدها بعد لحدث معين.

على سبيل المثال يتم تكبير الخوف مع زيادة درجة الخطر أو عدم الرغبة أو احتمال حدوث نتيجة معينة، فكلما زاد احتمال أن تكون نتيجة غير مرغوب فيها زاد الخوف من هذه النتيجة، وفيما يتعلق بالأمل فكلما كانت النتيجة مرغوبة ومرجحة كلما زاد شعورنا بالأمل.

يبدو أن شدة مشاعر التشويق لدينا تعتمد على سمتين لنتيجة الحدث تتمثل في عدم اليقين وأهمية ما هو على المحك من المعلومات المعرفة التي لدينا، حيث أنه على الرغم من أن وجهة النظر القياسية لا تدعي وجود علاقة مباشرة بين عدم اليقين وما هو على المحك والتشويق، إلا أنها تشير إلى أن التشويق الأكبر يكون محسوسًا في الحالات التي تكون فيها النتيجة غير مؤكدة والمخاطر عالية جدًا.

تخبرنا طريقة العرض القياسية في مفارقة التشويق في علم النفس أنه يمكن أن يكون لدينا تشويق بمخاطر منخفضة إذا كان هناك قدر كبير من عدم اليقين، أو مع عدم يقين منخفض إذا كانت هناك مخاطر عالية، ومع ذلك من وجهة النظر القياسية إذا لم يكن هناك عدم يقين فلا يمكن أن يكون هناك تشويق، وبالمثل إذا لم يكن هناك شيء على المحك فلا يمكن أن تكون هناك نتيجة مرغوبة أو غير مرغوب فيها، وبالتالي لا يمكن إيجاد الخوف أو الأمل وبالتالي لا يوجد تشويق من الأساس.

تتمثل مفارقة التشويق في علم النفس في العديد من الادعاءات ومنها أن التشويق يتطلب عدم اليقين، وأن معرفة نتيجة القصة تحول دون عدم اليقين، ويشعر الأفراد بالتشويق استجابة للقليل من الأحداث عندما يكون لديهم معرفة بالنتيجة، أي من خلال تكرار نفس المعلومات يصبح لدينا معرفة سابقة للنتيجة مجرد البدء في أي معرفة مما ينقص عنصر التشويق لدينا الذي يعرف بمفارقة التشويق في علم النفس.

أهمية عدم اليقين في مفارقة التشويق في علم النفس

يجادل بعض علماء النفس المعرفي بأن مفارقة التشويق في علم النفس يتطلب فقط عدم اليقين، حيث أنه في مفارقة التشويق يتم تقديم تفسير أوضح لأهمية عدم اليقين في مفارقة التشويق بأنه حتى لو كان لدينا معرفة سابقة أن الموقف أو الحدث سينتهي بشكل معين.

فلا يزال بإمكاننا أن نتخيل أثناء الاستمرار به أنه لن ينتهي بهذه الطريقة، حيث أنه بمجرد تخيل أن نتيجة حدث ما غير مؤكدة كافٍ لخلق التشويق، وبالتالي يؤهل الافتراض الأول للمفارقة فقط عدم اليقين المطروح ضروري للتشويق.

يعتبر عدم اليقين في مفارقة التشويق في علم النفس هو شيء مشابه للخيال الموجه، وهي عملية يتم وصفها بأنها أفكار مسلية أو تحمل مقترحات دون تأكيد، حيث يمكن للناس أن يعملوا بأنفسهم في مجموعة متنوعة من الحالات العاطفية من خلال مجرد تخيل المواقف التي يعرفون أنها غير صحيحة، مثل تجاوزهم للحصول على ترقية أو خداع أحد الزملاء.

في مفارقة التشويق في علم النفس يستحوذ السرد المشوق على انتباه الأفراد، مما أدى إلى تخصيص المزيد من الموارد المعرفية لعملية الانتباه وأهميتها كعملية معرفية مهمة في مفارقة التشويق، بالإضافة إلى ذلك فإن التشويق المصاحب للتهديد تجاه المعلومات المهمة للمعرفة يجذب انتباه الأفراد أكثر.

وبالتالي مع انخفاض درجة التشويق عند التعرض المتكرر يمكن أن ينخفض ​​الانتباه أيضًا كما يمكن أن يتناقص الانتباه للتعرض المتكرر للمثيرات العاطفية.

في النهاية نجد أن مفارقة التشويق في علم النفس تعبر عن مشكلة معرفية يتعرض لها الفرد عندما يجد نفسه في موقف محدد تتكرر نفس الأحداث من خلاله، مما يجعل المعلومات والمعرفة الخاصة بهذا الموقف قديمة ويمكن التنبؤ بها وبجميع الإجراءات التالية لها.

المصدر: علم النفس المعرفي، د. رافع النصير الزغلول - د. عماد عبد الرحيم الزغلولالتصور العقلي من منظور علم النفس التربوي، رجاء محمد أبو علام وعاصم عبد المجيد أحمد، 2014الوعي والإدراك، البحث في آلية عمل الدماغ البشري، عمر اسبيتان، 2009ظواهرية الإدراك، موريس مرلوبونتي، 2011


شارك المقالة: