قام العديد من الباحثين بالتركيز على مدرسة فقط خاصة بالفكر، أما الآخرين فقد اتخذوا منهج انتقائي يشمل وجهات نظر مختلفة، حيث لا يوجد منظور واحد أفضل من غيره؛ فالجميع يؤكدون ببساطة على وجود جوانب مختلفة ومتغيرة من السلوك الإنساني.
وجهات النظر في علم النفس الحديث:
امتازت أول السنوات من علم النفس بالسيطرة على سلسلة كبيرة من المدارس الفكرية المتعددة، إذا كان هناك أشخاص قد درسوا في علم النفس، فقد يتذكرون هذه المدارس التي تضمنت البنيوية والوظيفية والتحليل النفسي والإنسانية والسلوكية، مع تطور علم النفس كثُرت الموضوعات التي يبحثها علماء النفس، منذ الستينيات ازدهرت مجالات علم النفس واستمرت في التطوّر بشكل سريع، كذلك ازداد عمق واتساع الموضوعات التي درسها علماء النفس والباحثون.
في وقتنا الحالي عدد قليل من علماء النفس قاموا بتحديد نظرتهم حسب مدرسة معينة من الفكر، في حين لا نزال نجد بعض السلوكيات أو المحللون النفسيون لم يتبعوا مدرسة معينة، فإن غالبية علماء النفس بدلاً من ذلك يصنفون أعمالهم حسب لمجال تخصصهم ومنظورهم، يمكن أن ننظر في كل موضوع في علم النفس في عدد من الطرق المختلفة.
مثلاً الشخص الذي يؤكد على المنظور البيولوجي سوف ينظر في كيفية تأثير الدماغ والجهاز العصبي على السلوك العدواني، أما المحترف الذي يشدد على منظور سلوكي سوف ينظر في كيفية تعزيز المتغيرات البيئية للأفعال العدوانية.
وجهة النظر الديناميكية النفسية:
تكون المنظور الديناميكي مع عمل سيغموند فرويد، أكدت وجهة النظر هذه لعلم النفس والسلوك البشري على دور العقل اللاواعي وتجارب الطفولة المبكرة والعلاقات بين الأشخاص لتفسير السلوك البشري، كذلك معاملة الأشخاص الذين يعانون من الأمراض العقلية، أصبح التحليل النفسي أحد من القوى الرئيسية في علم النفس بفضل عمل فرويد وتأثيره.
لقد تصور فرويد العقل وكأنه يتكون من ثلاثة عناصر أساسية، مثل الأنا وهو جزء من النفسية التي تشمل جميع الرغبات البدائية واللاواعية، كذلك تتعامل مع مطالب العالم الحقيقي. أما الأنا العليا فهي الجزء الأخير من النفس وتكلف بإدارة جميع الأخلاق والمعايير والمثل العليا الداخلية.
المنظور السلوكي:
يركّز علم النفس السلوكي يركز على السلوكات التي يتم تعلمها، تختلف السلوكية عن العديد من وجهات النظر الأخرى؛ لأنه بدلاً من التركيز على الحالات الداخلية فإنها تركز فقط على السلوك الذي يُلاحظ، في حين أنّ هذه المدرسة الفكرية قامت بالهيمنة على علم النفس في بداية القرن العشرين، فبدأت تفقد سيطرتها خلال الخمسينات، في وقتنا الحالي لا يزال المنظور السلوكي مهتم بطرق تعلم السلوك وتعزيزه.
في الغالب يتم تطبيق المبادئ السلوكية في بيئات الصحة النفسية ، حيث يستخدم المستشارون والمعالجون العديد من الأساليب بهدف شرح وعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض النفسية.
المنظور المعرفي:
خلال الستينيات ظهر منظور جديد سُمي بعلم النفس المعرفي في السيطرة، يقوم هذا المجال من علم النفس بالتركيز على العمليات العقلية؛ مثل الذاكرة والتفكير وحل المشكلات واللغة وصنع القرار، فقد تأثر هذا المنظور بشكل كبير في آخر العقود بتأثير من علماء النفس؛ مثل جان بياجيه وألبرت باندورا، في الغالب يستخدم علماء النفس المعرفيون نموذج خاص بعلاج المعلومات، يقارنوا العقل البشري بالحاسوب ليصوروا كيف يتم الحصول على المعلومات ومعالجتها وتخزينها واستخدامها.
المنظور البيولوجي:
لعبت دراسة علم وظائف الأعضاء دور أساسي في تطوير علم النفس الحديث، في وقتنا الحالي يعرف هذا المنظور بعلم النفس البيولوجي، يشار إليه أحيانا باسم علم النفس الحيوي أو علم النفس الفسيولوجي، تؤكد وجهة النظر هذه على الأسس الفيزيائية والبيولوجية للسلوك، فقد ينظر الباحثون الذين يأخذون وجهة نظر بيولوجية في علم النفس إلى كيفية تأثير الوراثة على السلوكيات المختلفة أو كيفية تأثير الضرر على مناطق معينة من الدماغ على السلوك والشخصية.
يوجد العديد من الموضوعات مثل الجهاز العصبي وعلم الوراثة والدماغ والجهاز المناعي وأنظمة الغدد الصماء؛ فهي مجرد عدد قليل من الموضوعات التي يهتم بها علماء النفس البيولوجي، هذا المنظور بشكل ملحوظ خلال العقود القليلة الماضية وخصوصاًَ مع التقدم في قدرتنا على استكشاف وفهم الدماغ البشري والجهاز العصبي قد تطور واستخدم أدوات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني؛ الذي يسمح للباحثين بالنظر إلى الدماغ.
المنظور متعدد الثقافات:
يعتبر علم النفس عبر الثقافات منظور جديد إلى حد كبير، فقد تطور إلى حد كبير على مدى السنوات العشرين الماضية، ينظر علماء النفس والباحثون والمستشارون في هذه المدرسة الفكرية إلى السلوك البشري عبر الثقافات المختلفة من خلال أن ينظروا إلى هذه الاختلافات، يمكننا أن نتعرف على المزيد حول كيفية تأثير الثقافة على تفكيرنا وسلوكنا.
على سبيل المثال ركّز الباحثون في كيفية اختلاف السلوكيات الاجتماعية في الثقافات الفردية والجماعية، مثلاً في الثقافات الفردية كالولايات المتحدة يميل الأفراد إلى بذل جهد أقل عندما يكونون جزءاً من مجموعة، فهي أحد الظواهر المهمة التي تُعرف بالانسحاب الاجتماعي، مع ذلك يميل الناس إلى العمل بشكل أكبر وبجدية عندما يكونون جزء من مجموعة.
المنظور التطوري:
قام علم النفس التطوري بالتركيز على دراسة كيفية تفسير التطور للعمليات الفيزيولوجية، قام علماء النفس والباحثون بأخذ المبادئ الأساسية للتطور، بما في ذلك الانتقاء الطبيعي وتطبيقها على الظواهر النفسية جميعها، يشير هذا المنظور إلى أن ّهذه العمليات العقلية توجد بشكل فعلي؛ لأنها تخدم غرض تطوري وتساعد في البقاء والإنجاب.
المنظور الإنساني:
خلال عام 1950 تم ظهور مدرسة الفكر التي تعرف باسم علم النفس الإنساني، تأثر هذا المنظور بشكل كبير عن طريق أعمال شخصين قد برزت أعمالهم؛ مثل مثل كارل روجرز وأبراهام ماسلو، فقد أكدوا على دور التحفيز في التفكير والسلوك.
تم ظهور العديد من المفاهيم مثل تحقيق الذات؛ التي تعتبر جزء أساسي من هذا المنظور، يركز أولئك الذين يأخذون المنظور الإنساني على الطرق التي يدفع بها البشر إلى النمو والتغيير وتطوير إمكاناتهم الشخصية، كذلك علم النفس الإيجابي الذي يقوم بالتركيز على مساعدة الناس على العيش حياة أكثر سعادة وصحة، فهو أحد الحركات الحديثة نسبياً في علم النفس ولها جذور في المنظور الإنساني.
يوجد العديد من الطرق المتعددة الخاصة بالتفكير في الفكر والسلوك البشري، وهي مجموعة متنوعة من وجهات النظر في علم النفس الحديث، قام الباحثين بإعطاء الطلاب أدوات من أجل معالجة المشاكل ومساعدتهم على إيجاد طرق جديدة من أجل شرح السلوك البشري والتنبؤ به، مما يؤدي إلى تطوير مناهج علاجية جديدة للسلوكيات السلبية.