المسؤولية القانونية والأخلاقية للأسرة في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


أمر الإسلام ببعض القواعد والمبادئ المحددة لربط الأسرة المسلمة، من بينهما اختيار الزوج المناسب حسب الشريعة الإسلامية، ويكون الزواج من خلال عقد قانوني؛ لولادة أطفال شرعيين قانونيين، والحب والعاطفة والأمن والرعاية بين أفراد الأسرة مهمة للغاية، وهناك العديد من مبادئ الأسرة التي تخضع إلى العديد من الأخلاق.

المسؤولية القانونية والأخلاقية للأسرة في الإسلام

المعايير الصحيحة في اختيار الزوج في الإسلام، من أجل إحداث اتحاد سعيد ودائم ومفيد بين الزوج والزوجة المرتقبان، هي من الأمور المهمة في الأخلاق الإسلامية، ينظم الإسلام عقد الزواج، وينظم جميع الخطوات الأولية تجاهها، ويحرم الإسلام اللقاءات الوثيقة بين الجنسين؛ حتى لو تم ذلك تحت مسمى التعرف، فقد ذكر هذا واضحًا بأحاديث نبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ: “فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ”، رواه أبو داود، ولا يجوز خروج المرأة مثل السفر ألا بمَحرم؛ حتى لا يكون هناك باب للاختلاط.

وفي الشريعة الإسلامي، تبدأ الحياة الأسرية السليمة باختيار الحياة الصحيحة للشريك، واختيار الشريك المناسب، ويجب على المسلم أن يبني قراراته على الاعتبارات التالية: الدين وحسن الخلق التوافق الواقعية والاعتدال.

يعتبر التعلق بالعائلة من أكثر سمات الثقافة الإسلامية لفتًا للانتباه، الأسرة أساس المجتمع الإسلامي، فعندما تتحد الأسرة الإسلامية، فإنها تعتبر متوازنة وصحية وتعزز الروح المعنوية لها، ومن الشائع أن تعيش العائلات المسلمة مع أفراد أسرهم الممتدة أو غير الممتدة في مجتمع يُعزز الراحة والدعم والأمن، الطريقة الوحيدة التي ينقل بها المسلمون قيمهم وأخلاقهم هي من خلال التعاليم السلمية والأخلاقية داخل المنزل.

وتقع على عاتق الوالدين مسؤولية تعليم الأبناء قيم الدين الإسلامي وأخلاقياته، وإذا توفي الولي يصبح من واجب الأسرة الممتدة تعليم الأطفال العقيدة الإسلامية، ودور الأب في الأسرة هو أن يكون مصدر الدخل وضمان استمرار بالالتزام بالدين والتربية الإسلامية داخل الأسرة، وواجب الأم تربية الأبناء ضمن عقيدة الله تعالى.

وبصفتهم آباء مسلمين، فإنهم يتحملون المسؤولية لغرس جميع الأخلاق والتقاليد الجيدة عند أطفالهم، كلًا حسب جنسه، حيث إن الأمر يختلف بالنسبة للفتيات والفتيان في العبادات، ومثال على ذلك الصلاة، فالغرض الأساسي من الصلاة في الإسلام هو الوقوف أمام الله تعالى وطلب الهداية على الصراط المستقيم والطريق الصحيح في الحياة، وشكر الله تعالى وتسبيحه وحمده وتمجيده.

الصلاة هي من أهم الأركان في الدين الإسلامي؛ فهي عمود الدين، فهي فرضت في السماء لأهميتها، وإن أهم العبادات عند المسلمين هي أركان الإسلام الخمسة، والأركان الخمسة هي: الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج، والصلاة هي أول عبادة فرضها الله تعالى على المؤمنين، يجب على الوالدين التركيز على تعليم أبنائهم منذ الصغر، ومع الأسف مع تغير المجتمع، أصبح من الصعب على العائلات المسلمة الحفاظ على الصلاة.

الحرص على تعليم الأبناء الأخلاق والقيم الإسلامية

إن الآباء حريصون على تعليم أبنائهم الأخلاق والقيم الإسلامية في سن مبكرة لضمان استمرار المعتقدات الإسلامية، من خلال تعليم الفتاة قيم العقيدة الإسلامية وأخلاقها، سيساعد هذا على تعويد الفتاة على الحجاب، يساعد هذا على تعليم الفتاة قيم الحياء.

إن دور الوالدين هو تثقيف أطفالهم حول أخلاقيات وقيم الدين الإسلامي في سن مبكرة، عندما يتعلم الأطفال في سن مبكرة؛ فإنهم يجعلون هذا روتينًا لبقية حياتهم، والحجاب للفتاة والصلاة من الأخلاق الهامة للغاية في العقيدة الإسلامية، ويُشكل الحجاب الحصن المانع للفتاة خارج البيت، وإن تعليم الأطفال معتقدات وممارسات الدين الحنيف؛ يضمن استمرارهم في تطبيق الدين وممارساته في حياتهم.

من الضروري أن يأخذ الآباء في الاعتبار بعض الأشياء التي أكد عليها القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا من أجل أنفسهم وأطفالهم، ليس من الصعب التحلي بالأخلاق الحميدة وتجنب المنكرات، فمن السهل وضع الأخلاق موضع التنفيذ وتجنب الأعمال غير الأخلاقية في فترة زمنية قصيرة، هذا الأمر سيقوي الزواج أيضًا، وزيادة الحب المتبادل بين الزوجين والأبناء، يكون هذا الزواج السعيد عبرة للآخرين، الالتزام المتبادل بالأخلاق سيخلق جوًا من الحب والمودة، مثل السلام والأمن، ويجعل كل جوانب الحياة مبهجة، وقد أثنى القرآن الكريم في عدة آيات على الرسول الكريم على حسن مزاجه وتمسكه بهذه الصفة.

قال تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”، آل عمران، 159، إن النبل وحسن الأخلاق مهمين للغاية لدرجة أن نبي الإسلام الكريم صلى الله عليه وسلم أعلن أنهما سبب في كونه اختاره الله تعالى نبي له.

إن الأخلاق الحميدة صفة من صفات الله تعالى، وهي طريق الأنبياء والأئمة الطاهرين، وسبب الخير والبركات لمن يحمل هذه الصفات، والمزاج السيء والسلوك السيء صفة الشيطان وهما سببان لاضطراب الحياة وانعدام الأمن والانفصال وكراهية الناس؛ والتي تفسد الحياة في الدنيا  والآخرة، وحسن الأخلاق صفة يجب أن يلتزم بها أي زوجين من أجل تقوية علاقتهما، ومواصلة حبهما والعاطفة بينهما.

لقد أسس الله تعالى المحبة في قلوب الأزواج والزوجات، وجعل الأخلاق بينهم هي التي تحمي هذا الحب، الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، الروم، 21.

إن هذا الحب والعاطفة المبكرة في الزواج وحتى قبل مراسم الزواج الشرعي، في فترة الخطوبة وينمو حتى يصل إلى الزواج، يقع على عاتق كلا الشريكين في الزواج، ومسؤولية الحفاظ على هذه البركة الممنوحة من الله تعالى، وهذه الحالة الروحية الجيدة المليئة بالحب؛ هي السبب الرئيسي للسعادة والمتعة في الحياة، يمكن أن يتم ذلك من خلال الدعم المتبادل، والتسامح، والتعاون، والاحترام المتبادل، وتجنب المشاكل والخلافات العائلية.

تجنب ما يضر العلاقات الزوجية

يجب على الزوجين تجنب ما قد يضر بعلاقتهما العاطفية، يجب أن يعلموا أن أي محاولة للحفاظ على علاقة حب تعتبر عبادة، وأي فعل قد يضر بأساس الحب ذنب يستحق العقاب عليه من الله تعالى،  ويسبب هذا حزنًا وجرحًا في هذه الحياة للأطفال والزوجين، إذا لم تكن هناك أسباب فكرية أو دينية مشروعة بين الزوجين، فإن تحويل الحب والعاطفة إلى كراهية وأحقاد وعِداء يعتبر جحودًا على نعمة الله تعالى، وإن الحفاظ على علاقة المحبة ومدّ الحب للآخرين سبب من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة.

ويطلب الدين الإسلامي من الإنسان أن يكون لطيفًا مع كل الناس الذين يستحقون لطفه وحبه وعاطفته،  طبعًا فإن الأزواج والأطفال هم الأقرب ويحتاجون هذا الحب والعاطفة أكثر من غيرهم، إن حب الرجل للمرأة وحب المرأة للرجل من آيات الله تعالى التي توضع في القلب، والأخلاق بين الزوجين هي إحدى علامات وجود الله تعالى الخاصة، إن الأخلاق والحب هي أفضل سبب لإقامة حياة متبادلة صحية واستمرارها، وإنهما سبب السعادة والراحة في الحياة الدنيا، لذلك من الضروري الحفاظ عليهما ومحاولة تقويتهما وتجنب الأعمال التي قد تضر بهما.

المصدر: التعامل الأسري وفق الهدى النبوي، حنان قرقوتي،2013المجتمع والأسرة في الإسلام، محمد طاهر الجوابي، 2020الإرشاد الأسري، عبد العزيز، 2011أخلاقيات التعامل الأسري في السيرة النبوية، عبد الله بن ناصر السدحان، 1434


شارك المقالة: