منذ أقدم فترات التاريخ وحتى بداية القرن التاسع عشر كانت النار مصدر الضوء الأساسي للإنسان، تم إنتاج هذا الضوء بوسائل مختلفة كالمشاعل والشموع ومصابيح الزيت والغاز، مع الخطر الذي يساهم به اللهب المكشوف، فإنّ مصادر الضوء هذه تقوم بتوفير إضاءة غير كافية، قام الكيميائي السير همفري ديفي بالمحاولات الأولى لاستعمال الضوء الكهربائي.
تاريخ صناعة لمبات الضوء:
تم استخدام مصابيح القوس أو المصابيح الكهربائية بشكل أساسي في الإضاءة الخارجية، كان السباق لا يزال بين عدد كبير من العلماء من أجل اكتشاف مصدر جيد للإضاءة الداخلية، كانت الصعوبة الأساسية في إعاقة تطوير الضوء المتوهج القابل للتطبيق تجاري هي العثور على عناصر متوهجة مناسبة، وجد ديفي أنّ البلاتين هو المعدن الوحيد الذي يمكن أن ينتج حرارة بيضاء لأي فترة زمنية.
استُعمل الكربون ولكنه يتأكسد بشكل سريع في الهواء، كان الجواب هو تطوير فراغ يجعل الهواء بعيداً عن العناصر، وبالتالي يقوم بالحفاظ على المواد التي تنتج للضوء، قام إديسون بالعبث في المكونات الأخرى لنظام الإضاءة بما في ذلك بناء مصدر الطاقة الخاص به وابتكار نظام أسلاك متطور يمكنه التعامل مع عدد من اللمبات المشتعلة في نفس الوقت، مع ذلك كان اكتشافه الأكثر أهمية هو اختراع خيوط مناسبة.
كان هذا سلك رقيق للغاية يشبه الخيوط ويوفر مقاومة عالية لمرور التيارات الكهربائية، احترقت معظم الخيوط المبكرة بسرعة كبيرة، مما جعل هذه اللمبات عديمة الفائدة تجارياً، لحل هذه المشكلة بدأ إديسون مرة أخرى في تجربة الكربون كوسيلة للإضاءة وأخيراً اختار خيوط من القطن ومكربنة كمادة خيوطه تم تثبيت الخيوط على أسلاك بلاتينية تحمل التيار من وإلى الفتيل.
ثم تم وضع هذه المجموعة في لمبة زجاجية ودُمجت في الرقبة، عملت مضخة التفريغ على إزالة الهواء من اللمبة وهي خطوة بطيئة ولكنها جيدة، تمّ وصل أسلاك الرصاص بالتيار الكهربائي البارز من اللمبة الزجاجية، في 19 أكتوبر 1879 أجرى إديسون أول اختبار له لهذا المصباح الجديد واستمر لمدة يومين و40 ساعة، بالطبع خضع هذا المصباح الأصلي لعدد من التنقيحات.
كان أكثر من 20 مخترع يعود تاريخهم إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، قد أنتجوا مصابيح كهربائية متوهجة بحلول الوقت الذي دخل فيه توماس إديسون البحث، كانت سبعينيات القرن التاسع عشر العقد الحاسم، حيث اجتمعت تقنيات الإنتاج وقوى الطلب لجعل البحث عن ضوء كهربائي مجدٍ تجاري هو سباق التكنولوجيا الفائقة والمخاطر العالية في ذلك العصر.
أنشأ إديسون مختبره الخاص بالأبحاث في ريف مينلو بارك في منتصف الطريق بين مدينة نيويورك وفيلادلفيا، تمّ تشييد مبنى المختبر والعديد من المباني الملحقة في عام 1876 بأرباح حققها إديسون من خلال اختراعات التلغراف، كان في البداية يفكّر في أخذ مشاريع من أي مستثمر يساعده ويواصل ومواصلة العمل على أفكاره الخاصة في أنظمة التلغراف والهاتف.
كيفية تصنيع لمبات الضوء:
تتراوح استخدامات اللمبات الكهربائية من مصابيح الشوارع إلى اللمبات الأمامية للسيارات إلى اللمبات الكهربائية، لكل استخدام يختلف المصباح الفردي في الحجم والقوة الكهربائية، مما يحدد مقدار الضوء الذي يصدره المصباح (لومن)، ومع ذلك تحتوي جميع المصابيح المتوهجة على ثلاثة أجزاء وهي الفتيل والمصباح والقاعدة، تم تصنيع المصباح يدوياً في الأصل وأصبح الآن آلي بالكامل تقريباً.
نسيج الخيوط:
يتم تصنيع الفتيل من خلال عملية تُعرف بالرسم، حيث يتم خلط التنجستن بمادة رابطة وسحبها عبر قالب إلى سلك رفيع، بعد ذلك يتم لف السلك حول قضيب معدني يسمى مغزل من أجل تشكيله في شكله الملفوف المناسب، ثم يتم تسخينه في عملية تعرف باسم التلدين، تعمل هذه العملية على تليين السلك وتجعل هيكله أكثر اتساق ثم يتم إذابة المغزل في الحمض.
اللمبة الزجاجية:
يتم إنتاج المصابيح أو الأغلفة الزجاجية باستخدام آلة الشريط، بعد التسخين تتم عملية تصنيع اللمبة الكهربائية بالكامل تلقائياً ويتم نفخ المصابيح الزجاجية بواسطة آلة شريطية يمكنها إنتاج أكثر من 50000 مصباح في الساعة، بعد أن يدخل الفتيل والساق في اللمبة، يتم التخلّص من الهواء داخل اللمية ويتم وضع النيتروجين وخليطه فيه ويتم إحكام غلق القاعدة.
يتحرك الشريط الزجاجي على طول حزام ناقل وتقوم فوهات الهواء المحاذية بدقة بنفخ الزجاج من خلال الفتحات الموجودة في حزام النقل إلى قوالب، مما يؤدي إلى تكوين الأغلفة، يمكن لآلة الشريط التي تتحرك بسرعة قصوى أن تنتج أكثر من 50000 مصباح في الساعة، بعد نفخ الأغلفة يتم تبريدها ثم قطعها من آلة الشريط، بعد ذلك يتم طلاء الجزء الداخلي من المصباح بالسيليكا لإزالة الوهج الناجم عن خيوط متوهجة.
ثم يتم وضع ختم الشركة وكم تساوي قوة المصباح على الجزء الأمامي الخارجي من كل غلاف، يتم كذلك عمل قاعدة المصباح باستعمال القالب وهي تصنع من فجوات على صورة برغي، بحيث يمكن أن نضعها بسهولة في مقبس وحدة الإضاءة.
مجسم اللمبة:
بعد صناعة الخيوط والقاعدة والمصباح، تُركّب معاً باستعمال الآلات، أولاً يثبّت الفتيل على الساق مع نهاياته مثبتة بسلكين موجودين، ثمّ نخرج الهواء داخل اللمبة ويوضع فيه مزيج الأرجون والنيتروجين، تسهم هذه الغازات بزيادة عمر الفتيل، بالتالي سيتبخر التنغستن ويؤدي إلى إنكساره وعندما يتبخر، فإنه يقوم بترك ترسب داكن على المصباح يسمى اسوداد الجدار.
أخيراً يتم تسكير القاعدة والمصباح وتنزل القاعدة إلى نهاية المصباح الزجاجي، بحيث لا نحتاج إلى أي مواد من اجل تجميعها معاً، بدلاً من ذلك تقوم أشكالها المطابقة بالسماح للقطعتين؛ لأن تربط معاً بإحكام مع حدوث التماس في أسلاك الرصاص بقاعدة الألومنيوم، من أجل ضمان الاتصال الكهربائي المناسب، بعد الاختبار توضع المصابيح في عبواتها وتشحن للمستهلكين.
مراقبة الجودة:
يتم اختبار مصابيح الإضاءة لكل من عمر المصباح وقوته من أجل تقديم نتائج سريعة، يتم تثبيت المصابيح المختارة في أرفف اختبار الحياة وتضيء بمستويات تتجاوز بكثير قوة الاحتراق العادية، يوفر هذا قراءة دقيقة حول المدة التي سيستغرقها المصباح في الظروف العادية، يُجرى الاختبار في كافة مصانع التصنيع وكذلك في العديد من أماكن الاختبار الخاصة، يصل متوسط عمر اللمبات الكهربائية المنزلية بين 750 إلى 1000 ساعة حسب القوة الكهربائية.
مستقبل اللمبة المتوهجة غير مؤكد، في حين أن إحماء الفتيل حتى يتوهج هو بالتأكيد طريقة كافية لإنتاج الضوء إلا أنه غير فعال بشكل كبير، تتحول حوالي 95% من الكهرباء التي يتم توفيرها لمصباح كهربائي نموذجي إلى حرارة وليس ضوء في عالم تتضاءل فيه الموارد، حيث يكون الحفاظ على الطاقة أمر حيوي بشكل متزايد، قد يؤدي عدم الكفاءة هذا في النهاية إلى جعل المصباح المتوهج غير عملي.