كيف يؤثر التغير المناخي على زراعة الأرز

اقرأ في هذا المقال


يعتمد نصف سكان العالم على الأرز كغذاء أساسي، ومع ذلك فإن المحصول الأساسي يواجه مستقبلاً مقلقًا، حيث يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وتكثيف العواصف والجفاف وموجات الحرارة.

أثر تغير المناخ على زراعة الأرز

يقول العلماء إنه من الصعب المبالغة في تقدير خطر هذا التطور، حيث يعتبر الأرز عرضة للتغيرات المناخية المتطرفة، حيث أنه ينمو في أماكن يعاني منها بالفعل الكثير؛ أي أن هنالك اضطراب في مصدر الغذاء وهذا يمكن أن يسبب مشاكل كبيرة.

وبمجرد إلقاء نظرة على التاريخ الحديث وتحديدا في عام 2008 أدت المخاوف بشأن إمدادات الأرز إلى تفاقم أزمة الغذاء التي أدت إلى ارتفاع الأسعار، وقد أثارت الذعر الذي أعقب أعمال شغب في جميع أنحاء العالم من بنغلاديش إلى مصر إلى هايتي.

إن هذا كان قبل 13 عامًا عندما كان هناك حوالي مليار شخص أقل على هذا الكوكب، وفي غضون 13 عامًا أخرى من المتوقع أن يزداد عدد سكان العالم بمقدار مليار شخص آخر  ليصل إجمالي عدد السكان المتوقع إلى 8.8 مليار نسمة، حيث أنه في طوال الوقت سيستمر مناخ العالم في التغير وسنحتاج إلى إعادة التفكير حقًا في كيفية تنظيم أنظمتنا الغذائية.

إن الاحترار العالمي الذي يسببه الإنسان يحدث بوتيرة غير مسبوقة ويؤدي إلى الفيضانات القاتلة والحرارة والجفاف التي نشهدها بالفعل، وهذه الأحداث تشكل مخاطر كبيرة على الزراعة، حيث إن درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى زيادة التبخر، مما يؤدي إلى تجفيف التربة وزيادة إجهاد النبات وتأثيراته على الزراعة حتى في المناطق التي لا يُتوقع فيها حدوث تغيرات كبيرة في هطول الأمطار.

بحيث أنه إذا لم يتم تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فمن المتوقع أن يعاني حوالي ثلث مساحة الأراضي العالمية من جفاف معتدل على الأقل بحلول نهاية القرن بالإضافة إلى بعض التغييرات مثل ارتفاع مستوى سطح البحر محصورة بالفعل.

التهديدات التي يتعرض لها الأرز

غالبًا ما ينمو الأرز في النظم البيئية مثل مناطق الدلتا ذات الارتفاع المنخفض والمعرضة لارتفاع مستوى البحار، وينمو أيضًا في المناطق التي تعاني بالفعل من الحرارة الشديدة، ويقول العلماء إن أي زيادة إضافية في درجة الحرارة يمكن أن تدفعها إلى ما بعد العتبات التي يمكن أن يتطور فيها محصول صحي.

في عام 2018 أجريت دراسة بينت أن الزيادة في وتيرة وشدة الطقس الحار يمكن أن تقلل من غلة الأرز بنسبة تصل إلى 40٪ بحلول نهاية هذا القرن، حيث نصت هذه الدراسة على أن معظم أرز العالم يُزرع حاليًا في مناطق تكون فيها درجة الحرارة الحالية قريبة بالفعل من النطاق الأمثل لإنتاج الأرز، فلذلك فإن أي ارتفاع إضافي في متوسط درجة الحرارة أو نوبة قصيرة من ارتفاع درجة الحرارة أثناء مراحل النمو الحساسة سيكون كارثيًا.

أشارت الدراسة إلى أنه بينما يمكن أن ينمو الأرز في درجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية 104 درجة فهرنهايت فإن الإجهاد الحراري يمكن أن يضعف قدرة أزهاره على التلقيح، ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة فوق 35 درجة مئوية إلى انخفاض كبير في الغلة، كما يمكن أن تؤثر درجات الحرارة العالية ليلاً على الإنتاجية.

إن تزايد احتمالية حدوث الفيضانات والجفاف وكذلك ارتفاع منسوب مياه البحار التي يمكن أن تغمر الأراضي الزراعية المنخفضة بالمياه المالحة كلها من الأمور التي تهدد الإنتاج.

ارتفاع درجة حرارة الأرز

الخطر على الأرز مهم في عالم تتزايد فيه ترابط النظم الغذائية، حيث أنه من خصائص الأرز أن السوق ضعيف للغاية من حيث عدم وجود الكثير من فائض العرض المحتمل للطلب، لذا إذا حدث فشل في أي مكان فإنه يميل إلى التأثير بشكل جذري على السعر الدولي.

إن معظم المزارعين يعانون من اثار الطقس المختلفة وينادي معظمهم بالمساعدة في حالات الكوارث بعد فترة من العواصف الشديدة والفيضانات والجفاف، حيث إن ازدياد السنوات القليلة بالأمطار وتراكم الثلوج في معظم مناطق العالم كأميركا فإنه من المتوقع أن تزداد المساحات المزروعة بالأرز.

الآثار المترتبة على زراعة الأرز 

نظراً إلى أنه في بعض مناطق زراعة الأرز المعرضة للجفاف قد تنخفض الإنتاجية حتى خلال السنوات، وهذا لأن المزارعين الذين يخشون خسارة المحاصيل فقد يتجنبون ضخ الأموال في أشياء مثل الأسمدة والبذور الجديدة التي من شأنها أن تساعد في زيادة الغلة هذا كله حسب ما  أظهره بحث من المعهد الدولي لأبحاث الأرز.

وإنه في حالة انخفاض الغلة وضياع الدخل فقد تنتقل الأسر الزراعية أو ترسل بعض الأعضاء للعثور على عمل في مكان آخر. هذه إحدى المشكلات العديدة التي تلوح في الأفق للبلدان التي تعتمد على الأرز، ويمكن أن يؤدي الازدهار السكاني الذي تفاقم بسبب تأثيرات تغير المناخ وتحويل الأراضي لا سيما في مناطق زراعة الأرز في آسيا إضافة إلى تحديات أمام البلدان حتى تبقى  مكتفية ذاتيًا في إنتاج الغذاء.

الزراعة المبكرة وأثر التغير المناخي

زاد إنتاج الأرز بشكل كبير منذ الثورة الخضراء في الستينيات التي غيرت الزراعة العالمية وجلبت أصنافًا ذات إنتاجية أعلى وأساليب جديدة للزراعة والميكنة. حيث من المتوقع أن يصل إنتاج الأرز العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 506 ملايين طن في الفترة من 2021 إلى 2022 وفقًا لآخر توقعات وزارة الزراعة للأرز وتتوقع أن يصل الاستهلاك العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 514 مليون طن.

يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تراجع بعض هذه المكاسب خاصةً إذا أدى إلى مزيد من إزالة الغابات أو فقدان الأراضي الرطبة ووجود حاجز ضد ارتفاع مستوى سطح البحر ومصارف طبيعية لثاني أكسيد الكربون، حيث إن هذا التحول الكامل في المناظر الطبيعية من شأنه أن يعرض المشروع الاقتصادي البشري بأكمله للخطر.

ولتجنب هذه المشاكل يعمل الباحثون على جعل النظم الغذائية أكثر مرونة، ويشمل ذلك إزالة الكربون من أنظمة الري وتطوير أصناف أرز تتحمل الإجهاد وتتحمل درجات الحرارة العالية أو الفيضانات، ولكن معظمها لا يزرع أو يصل إلى نطاق الإنتاج وأضاف أن الدول لديها أيضًا برامج أبحاث الأرز الخاصة بها وتقوم باستمرار بالزراعة.

يتمثل أحد الأهداف في تطوير أصناف من البذور ذات قدرة أعلى على تحمل الجفاف أو الحرارة أو يمكنها تحمل الغمر في المناطق التي يُتوقع أن تشهد مزيدًا من هطول الأمطار وهناك أيضًا اعتراف متزايد بالأصناف الأكثر تقليدية، والتي تتمتع بمقاومة قوية للمياه المالحة ونقص المياه.

وفي نهاية ذلك يمكن أن تساعد الإدارة الأفضل للمزارع واستخدام الأرز الكثير من المياه العذبة أن يكون حلاً للمشكلة، ولكن العلماء وجدوا أنه يمكن أن ينمو بنصف الكمية النموذجية، وهذا يعني أنه يمكن للمزارعين تطبيق تقنيات توفير المياه في المناطق التي من المتوقع أن يزداد فيها الجفاف.


شارك المقالة: