لا زلنا نجوب في سِيَر المحدّثين التّابعين الّذين أخذوا الحديث عن صحابة النبي محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك الجيل الّذي حمل لواء الحديث النّبويّ الشريف عن خيرة الخلق بعد نبي الرحمة محمد عليه الصّلاة والسّلام وظَهرَ فيهم جهابدة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والتّفسير والفقه، ومازلنا نبحر في سِيَرِهم حتى وصلنا إلى ابنٍ لعبدالرحمن بن عوف ذلك الصّحابي الجليل المحدّث، تابعي روى الحديث النبوي الشريف وروى له أكثر أصحاب السنن، فتعالوا معنا في سيرة أبي سلمة بن عبدالرّحمن بن عوْف.
نبذة عن أبي سلمة
هو التّابعي الجليل، أبو سلمة، قيل اسمه عبدالله، وقيل اسمه هو الكنية، من أخوال النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وخالته من الرّضاعة عائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر الصّديق رضي الله عنهما، كانت ولادته بعد العشرين من الهجرة في المدينة المنوّرة وأصبح من رواة الحديث بصحبته للصّحابة رضوان الله عليهم، تسلّم القضاء في مدينة رسول الله صلّى عليه وسلّم سنة ثمانٍ وأربعين للهجرة وعاش أكثر من سبعين عاماً وقد كانت وفاته في العام الرّابع والتّسْعين من الهجرة رحمه الله تعالى.
روايته للحديث
كان أبو سلمة من رواة الحديث الشّريف وقد روى عن عدد من الصّحابة رضوان الله عليهم كأبي أيوب الأنصاريّ وأمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر خالته من الرّضاعة وأبي هريرة وعبدالله بن عبّاس وعبدالله بن عمر وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك والمُغيرة بن شعبة وغيرهم من الصّحابة عليهم رضوان الله وروى الحديث من طريقه كثير من الرّواة كعروة بن الزّبيروابن شهاب الزّهري وعطاء بن السّائب وأبو بكر بن حفص وغيرهم عليه رحمة الله، كما وثّقَه كثيرٌ من علماء الجرح والتّعديل وروى له جماعة الحديث.
من رواية أبي سلمة للحديث
ممّا ورد من رواية أبي سلمة للحديث ما أورده الإمام مسلم في صحيحة ما أخبر به أبو سلمة وسعيد بن المسيّب ابنَ شهاب قال: (كان أبو هريرة يُحَدّثُ أنّهُ سَمِعَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( ما نَهَيْتُكُم عنهُ فاجْتَنِبُوه وما أَمرتُكُمْ به فافعلوا منه ما استَطَعْتُم، فإنّما أهْلَكَ الّذين من قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مسائلِهِمْ و اختلافِهِمْ على أنْبِيائِهمْ)، من كتاب الفضائل رقم الحديث 1337)).