مازلنا نجول في سِيَر المحدّثين التّابعين الّذين اجتهدوا في تحصيل الحديث عن الصّحابة رضوان الله عليهم، ذلك الجيل الّذي صحب أصحاب رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم وكانوا الطّبقة الثانية في سند الحديث النّبويّ الشريف، لم يحظوا بصحبة نبيّنا عليه صّلاة لكنذهم لحقوا بمن حظيَ بالصحبة، وكان لهم دور كبير في مسيرة تدوين الحديث النّبويّ الشّريف ونقله لمن جاء بعدهم، نتكلم عن محدّث منهم، كان له شأن بين أقرانه التّابعين، ألا وهو أبو صالح السّمان فتعالوا معنا في سيرته العَطِرة.
نبذة عن السّمان
هو التّابعيّ المحدّث أبو صالح، ذَكوان بن عبدالله ، كان مولى لأم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، ويعتبر من علماء المدينة المنوّرة في عهده، ولد بعد وفاة النّبي صلّى الله عليه وسلّم في خلافة الفاروق عمر، وسميّ بالسّمان لعملة في السّمن وجلبه إلى الكوفة، شهد أحداث الفتنة في عهد عثمان بن عفّان رضي الله عنه ومَقْتَلِه، وكان من المشتغلين بالبحث عن الحديث، وكانت وفاته في العام الأوّل بعد المئة من الهجرة بعد حياة مليئة بصحبة الصّحابة والتّابعين المحدّثين.
روايته للحديث
كان الإمام التّابعيّ ذكوان بن عبدالله من الّذين لحقوا بركب الصّحابة وروى عنهم وممّن روى عنهم الحديث النبوي الشريف من الصّحابة: عائشة بنت أبي بكر أمّ المؤمنين وسعد بن أبي وقّاص وعبدالله بن عبّاس وأبي هريرة وعبدالله بن عمر وغيرهم رضوان الله عليهم جميعاً وروى الحديث من طريقة كثير منهم: الأعمش وابن شهاب الزّهريّ وعبدالله بن دينار وغيرهم رحمهم الله، وقد وثّقه كثير من أهل الجرح والتعديل وعلم الرجال، واورد له معظم أصحاب السنن.
من رواية السّمان للحديث
ممّا ورد من الحديث النّبويّ الشّريف من طريق أبي صالح السّمان ما أورده الإمام مسلم في صحيحه : ((عن أبي صالح السّمان عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( اللّهمّ أصلح لي دينِي الّذي هو عِصْمَة أمري وأصْلِح لي دنيايَ الّتي فيها مَعاشِي وأصلِحْ لي آخرتي الّتي فيها مَعادِي واجعل الحياة زِيادة لي في كلِّ خير واجعل الموت راحةً لي من كلّ شر) كتاب الذّكر ، رقم الحديث 2720)).