الوجوه والنظائر في القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


بحر القرآن الكريم واسعٌ جداً متفرعٌ، من يغوص فيه لا يخرج منه حتى يجمع منه كنوزاً عديدةً، فمن بعد مواضيع كثيرةٍ فإن موضوع الوجوه والنظائر موضوع كبير نجمع منه مجموعات كبيرة من المصطلحات والكلمات التي تحتاج لشروحات كثيرة لوجود معاني مختلفة منها، فالقرآن الكريم  خالد إلى يوم الدين وسيبقى يزودنا بمواضيع وأخبار كثيرة، وعلم الوجوه والنظائر نشأ على يد المفسر مقاتل بن سليمان البلخي.

تعريف الوجوه والنظائر

هو ذكر الكلمة الواحدة في القرآن الكريم بأكثر من موضع بلفظ واحد وحركة واحدة، وفي كل مكان تذكر في القرآن العظيم تذكر بمعنى مختلف.

مصطلح النظائر

فهي الكلمات التي تذكر في موضع وتذكر نظائرها في مواضع أخرى، فتكون اسم الألفاظ هي المراد من النظائر.

مصطلح الوجوه

هي الكلمة التي تفسر بأكثر من معنى في أكثر من موضع، وتكون اسم المعاني هي المراد من الوجوه.

أمثلة على الوجوه والنظائر

كلمة آية

ذكرت كلمة آية في القرآن الكريم بأكثر من موضع بمعاني مختلفة:

1-كلمة آية تعني كلام الله عز وجل المسموع، قال تعالى: “وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ(7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ” (سورة الجاثية: 7-8)، وقال تعالى: “أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَاتُكَذِّبُونَ” (سورة المؤمنون: 105). 

2-كلمة آية جاءت بمعنى معجزة وهي كل شيء خارق للعادة يبعثه الله تعالى على يد أنبيائه، قال تعالى: “قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى(19)فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى(20)قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى(21)وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى(22)لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى(23)” (سورة طه: 19-23)، وقال تعالى: “وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً” (سورة الإسراء: 59).

3- كلمة آية جاءت بمعنى دلالة على حدوث شيء خطير، قال تعالى: “هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً”(الأنعام: 158).

4- كلمة آية جاءت بمعنى علامة كما حدث مع سيدنا زكريا -عليه السلام- عندما لم يتكلم لمدة ثلاثة أيام متتالية، علامة على أن امرأته العاقر سوف تحمل وتلد سيدنا يحيى -عليه السلام-، قال تعالى: “قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً” (سورة آل عمران: 41).

5- وجاءت كلمة آية بمعنى عبرة للأشخاص الذين يعتبرون، قال تعالى: “وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(65)وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ(66)” (سورة النحل: 65-66)، وقال تعالى: “لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ” (سورة يوسف:7).

6- وجاءت كلمة آية بمنى الأمر والنهي، قال تعالى: “وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” (سورة البقرة: 221)، وقال تعالى: “سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ(2)” (سورة النور: 1-2).

كلمة الهدى

ذكرت كلمة الهدى في سبعة عشر موضع سنتحدث عن بعضها:

1- جاءت كلمة هدى بمعنى الثبات كما في قوله تعالى: “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” (سورة الفاتحة:6).

2- جاءت كلمة هدى بمعنى البيان كما في قوله تعالى: “أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (سورة البقرة:5).

3-  جاءت كلمت هدى بمعنى الدين كما في قوله تعالى: “وَلَا تُؤْمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّه” (سورة آل عمران:73).

4- جاءت كلمة هدى بمعنى الإيمان كما في قوله تعالى:  وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ هُدًى ۗ وَٱلْبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا” (سورة مريم:76).

5- جاءت كلمة هدى بمعنى الدعاء كما في قوله تعالى: “إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” (سورة الرعد:7).

6- جاءت كلمة هدى بمعنى المعرفة قال تعالى: “وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ” (سورة النحل:16).

7- جاءت كلمة هدى بمعنى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَیَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ” (سورة البقرة: 159).

وفي النهاية فإن علم الوجوه والنظائر علم واسع جداً وأمثلة القرآن الكريم لا تنتهي، فيتوجب علينا معرفتها والتفريق بين كل كلمة ومعرفة معناها بمكان ورودها في الآية الكريمة، فنتزود من هذا البحر الواسع لنستزيد معرفةً وفهماً في هذه العلوم الكثيرة، فالقرآن الكريم لا تنتهي عطاياه وهداياه للمسلم.


شارك المقالة: