ما زلنا نسير في رحلتنا في الحديث النّبويّ الشّريف بين صَحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ذلك الجيل الذي لمْ يتركْ شيئاً من الجهدِ لنشر هذا الدّين ونقل مصادرهِ من القرآن السنّة والحديث، وكانوا بصحبَتِهم للنّبي صلّى الله عليه وسلّم ملازمين له لإيمانهم بالوحيّ الّذي نَزل إليه، ونحطّ رحالنا عند واحد منهم ألا وهو عمرو بن العاص.
نبذة عن عمرو
هو: الصّحابي الجليل أبو عبدالله عمرو بن وائل، صحابيّ جليل أسلم في العام الثّامن بعد الهجرة وجاء مع خالد بن الوليد ومع عثمان بن طلحة للمدينة فأشهر إسلامه، وقد كان لهم سابقة العداء للإسلام، وكان له قبل الأسلام هجرة للحبشة لإعادة المسلمين منها لصُحبة كانت له مع النّجاشي، يعرف بالدهاء والحكمه، وفتحت مصر على يديه وولّاه عمر إياها، وكان من المقاتلين وأصحاب المشورة عند معاويةِ بن أبي سفيان، وتوفيَ رضي الله عنه سنة ثلاثٍ وأربعين للهجرة بمصر.
روايته للحديث
كان الصّحابي الجليل عمرو بن العاص من رواة الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وابنه الرّاوي عبدالله بن عمرو بن العاص من المكثرين للرّواية، وقد روى عمرو بن العاص الحديث عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وحدّث عنه ابنه عبدالله وعليّ بن رباح وقيس بن أبي حازم وأبو عبدالله الأشعريّ وغيرهم.
ونجد للراوي عمرو بن العاص من الأحاديث ليست بالكثيرة قاربت الأربعين حديثاً في مسنده، وروى له الشيخان البخاريّ ومسلم في صَحيحهما بالاتّفاق على ثلاثةٍ وبالإنفراد للبخاريّ بواحد ومسلم بحديثين.
من حديث عمرو بن العاص
ممّا جاء من حديث عمرو بن العاص ما رواه الإمام مسلم في صحيحة من طريق أبي خالد قال: (( أخبرني عمرو بن العاص أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيتُه فقلت: أيُّ النّاس أحبُّ إليك؟ قال: ( عائشة) قلت من الرّجال؟ قال: (أبوها) قلت: ثمّ من قال: (عمر) فعدّ رجالاً)).
في فضل عمرو
لقد كان لعمرو بن العاص فضل كباقي صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان له دور في فتح مصر والولاية عليها، وله ولإبنه عبدالله فضل كبير في رواية حديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وأورد الإمام الذّهبي عن قَبيصَة بن جابر قال:((صحبتُ عمرو بن العاص فما رأيت رجلاً أنصعَ رأياً ولا أكرم جليساً منه ولا أشبهَ سريرةً بعلانية منْهُ)).