قدوم كعب بن زهير

اقرأ في هذا المقال


كان كعب بن زهير أحد الشعراء المخضرمين، وكان يعرف في جزالته في الشعر، وعُرف عن كعب أنّه من بيت الشعراء، وكان كعب من أمهر العرب كتابة في الشعر، لكنّ كعب كان يُؤذي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأشعاره، وكان ممّن يهجون النبي بأشعارهم.

 قدوم كعب

لكن عندما جاء دين الإسلام أسلم بُجير بن زهير وهو أخ كعب بن زهير،  لكنّ كعب بقى على دينه الأصلي، و كان كعب بن زهير يقف في الجهة المعادية للنبي عليه الصلاة والسلام، ولم ينجُ بجير بن زهير بسبب إسلامه من لسان وأشعار أخوه كعب بن زهير، فهجاهُ كعب لخروجه عن دين آبائه وأجداده، حينها ردَّ عليه أخوه بجير وطلب من أتباع الدين الإسلامي حتى ينجو بنفسه من عذاب نار جهنم.

 لكنّ كعب بن زهير بقي على دين آباءه وأجداده إلى حين أن فُتحت مكة المكرمة، ولكن بعد غزوة الطائف في السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة، قام بجير وكتب إلى أخيه وأرسل مكتوباً لكعب بن زهير يخبره فيه أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه، وقال بجير له: أنّ رسول الله قام بقتل رجالاً في مكة ممكن كانوا يهجون النبي ويقومون بئيذائه، وأنّ من ظلَّ من شعراء قبيلة قريش قد هربوا هاربين من النبي الكريم.

فإن كانت لكَ يا كعب أي حاجة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسرع إلى النبي فإنّ النبي لا يقتل أحداً جاء تائباً، وإذا كنت يا كعب لا تريد أن تلتجأ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانجُ بحياتك حيثما تشاء.

وكان كعب بن زهير قد قال في قصيدة له:

ألا بلّغا عني بجيرا رسالة                 فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا

سقاك بها المأمون كأسا روية               فأنهلك المأمون منها وعلكا

ثم كتب بجير بن زهير إلى أخاه كعب بن زهير يقول له:

من مبلغ كعباً فهل لك في التي              تلوم عليها باطلاً وهي أحزم

إلى الله لا العزى ولا اللات وحده             فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت            من الناس إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه                  ودين أبي سلمى علي محرم

 وبعد طولِ وكثر مراسلات و مد وجزر بين هذين الأخوين حينها ضاق الأمر على كعب بن زهير، وقد أمعن في التفكير بشكل كبير ووضع نُصب عيناه كلمات بجير إليه، والتي بقيت تدور في عقله وجدانه، عندها أشفق كعب على نفسه و خشيَ أن يكون من الهالكين.

عندها كتب كعب بن زهير قصيدة يمدح فيها النبي الكريم وقد ذكر في القصيدة خوفه الكبير، ومن ثم قدم كعب للمدينة، ونزل عند رجل من جُهَينة كان بينه وبين الرجل معرفة، عندها ذهب به الرجل إلى رسول الله عند وقت صلاة الصبح، ثم أشار ذلك الرجل على النبي عليه الصلاة والسلام، وقال الرجل لكعب بن زهير إن هذا رسول الله فأقبل على النبي و استأمنه.

فقام كعب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصافحه وقال كعب للنبي: (يا نبي الله إن كعب بن زهير قد جاء إليك ليستأمن منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه إن جئتك به)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال كعب: (إذا أنا يا رسول الله كعب بن زهير).

فدنا إليه رجلٌ من الأنصار يستأذن أن يضربَ عنقه، فقال النبي: “دعه عنك إنه جاء تائباً نازعاً ما كان عليه من كُفر”.

 فأسلم كعب بن زهير وأنشد قصيدته التي يقول فيها:

بانت سعاد فقلبي اليوم مَتْبُول ** مُتَيَّمٌ إثْرَهَا، لم يُفْدَ، مَكْبُول

قال فيها ـ وهو يعتذر إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ويمدحه‏:‏

نبئت أنّ رسول الله أوعدني ** والعفو عند رسول الله مأمول

مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة الـ ** قرآن فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذن بأقوال الوشاة ولم ** أذنب، ولو كثرت فيَّ الأقاويل

لقد أقوم مقاماً لو يقوم به ** أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

لظل يرعد إلا أن يكون له ** من الرسول بإذن الله تنويل

حتى وضعت يميني ما أنازعه ** في كف ذي نقمات قيله القيل

فله أخوف عندي إذ أكلمه ** وقيل‏:‏ إنّك منسوب ومسؤول

من ضيغم بضراء الأرض مخدره ** في بطن عثرة غيل دونه غيل

إن الرسول لنور يستضاء به ** مهند من سيوف الله مسلول

وعندما أسلم كعب بن زهير وحتى أنه حسن إسلامه، ومن ثم مدح المسلمين من الأنصار في قصيدة له، حيث تدارك ما كان قد فرط منه في شأنهم، قال في تلك القصيدة‏:‏

من سرّه كَرَمُ الحــياة فلا يَزَلْ ** في مِقْنَبٍ من صالح الأنصار

ورثوا المكارم كابراً عن كابر ** إنّ الخيار همو بنو الأخيار


شارك المقالة: