أشعار أبي نواس في وصف الخمرة

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر أبو نواس واحدًا من أبرز شعراء العصر العباسي، وقد اشتهر بوصفه الرائع للخمرة، حتى لُقب بشاعر الخمر. لقد استطاع أبو نواس أن يخلق عالمًا شعريًا خاصًا به من خلال قصائده الخمريّة، حيث عبر عن متع الحياة وملذاتها بصورٍ شعرية بديعة. في هذا المقال، سنقوم برحلة في عالم أشعار أبي نواس الخمريّة، وسنستكشف جوانب هذه القصائد، ودور الخمرة في شعره، وأثرها على الأدب العربي.

نبذة عن أبي نواس

هو الحسن بن هاني الحكمي، يُعد من شعراء العصر العباسي وهو شاعر يصور الفساد الخلقي، وقد نشأ يتيماً، يُكنى أبو نواس.

أشعار أبي نواس في وصف الخمرة

كان أبا نواس يصف ما يراه في عينه بالألفاظ المناسبة ويغمرها بالبيان وروعة المعاني، كان يصدُق في التشبيه والتعبير بوصف الخمرة، له قصائد كثيرها في وصف الخمرة ومنها (دع عنك لومي فان اللوم إغراء).

مناسبة هذه القصيدة أن أبا نواس كان يتلقى دروس على يد إبراهيم النظام في الاعتزال عن الخمر، كما عُرف عن النظام وهو من أئمة وفقهاء عصره، حيث كان إبراهيم النظام يوجه اللوم إلى أبا ناس بأن يترك الخمرة ويبعد عن الشرب وقد كان يحذره من عقاب الله تعالى لمن لا يتوب إليه، ويقول له أن الله يغفر لمن يتوب.

تُعد هذه القصيدة من قصائد الخمريات عند أبا نواس، حيث يُعد شعر الخمري شعر غنائي ووجداني؛ لأنّه يصف الخمرة ولونها وصفاتها وكؤوسها، كما أنه كان يصف ما تتركه الخمرة من خدرٍ في الجسم، وقد لجأ اليها أبا نواس هارباً من واقع أسرته حيث وجد الخمرة تتناسب وتنسجم مع أخلاقه التي كانت موجودة في نفسه، وعرف عنه أنه كان زعيم شعراء الخمريين.

نموذج من شعر أبو نواس في وصف الخمرة

دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ

صَفراءُ لا تَنزَلُ الأَحزانُ ساحَتَها
لَو مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتهُ سَرّاءُ

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَرٍ
لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

قامَت بِإِبريقِها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
فَلاحَ مِن وَجهِها في البَيتِ لَألأُ

فَأَرسَلَت مِن فَمِ الإِبريقِ صافِيَةً
كَأَنَّما أَخذُها بِالعَينِ إِغفاءُ

رَقَّت عَنِ الماءِ حَتّى ما يُلائِمُها
لَطافَةً وَجَفا عَن شَكلِها الماءُ

فَلَو مَزَجتَ بِها نوراً لَمازَجَها
حَتّى تَوَلَّدُ أَنوارٌ وَأَضواءُ

دارَت عَلى فِتيَةٍ دانَ الزَمانُ لَهُم
فَما يُصيبُهُمُ إِلّا بِما شاؤوا

لِتِلكَ أَبكي وَلا أَبكي لِمَنزِلَةٍ
كانَت تَحُلُّ بِها هِندٌ وَأَسماءُ

حاشا لِدُرَّةَ أَن تُبنى الخِيامُ لَها
وَأَن تَروحَ عَلَيها الإِبلُ وَالشاءُ

فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ

لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً حَرِجاً
فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ

نموذج آخر من نماذج وصف الخمرة عن أبي نواس

ففي هذه القصيدة كان أبو نواس يجهر في إعجابه وتمتعه بالخمرة، كما عُرف عن أبو نواس أنه لم يسر على ما سار عليه الشعراء، حيث كان مخالفاً لهم، ففي شعره لم يصف حب المرأة بل كان يصف ويجهر في حبها وعشقها للخمرة، فقد قال بإعجابه وتمتعه بالخمرة هذه الأبيات من القصيدة (لئن هجرتك، بعد الوصل ازوى،…)، حيث تُعد هذه القصيدة من القصائد الخمرية التي نُظمت على البحر الوافر وكان يجاهر بها ويذكر صفاتها على أنها صافية، وأيضاً لم يتوقف على وصفها وحبه لها بل كان يعبدها، حيث وقف أبا نواس وقفةً على أنها طبيخ الشمس ليست طبيخ النار، فقد قال:

لئن هجَرتْك، بعد الوَصْل، أرْوَى،
فلمْ تهـجُـرْكَ صـافيَـة ٌ عُـقـــارُ

فـخذْها من بناتِ الكرْمِ ، صِـرْفـاً،
كعينِ الـديكِ يعلوها احـمـرَارُ

شــراباً ، إنْ تُـزاوِجْـهُ بـمـــاءٍ
تــوَلّـدَ منـهُـمـا دُرَرٌ كِــبـــــارُ

طبيخُ الشمسِ، لم تطْبُخْهُ قِدْرٌ
بماءٍ، لا ولم تلْذَعْه نارُ

على أمثـالها كـانتْ لِـكِـسْـرى
أنوشِرْوانَ تتَّجِرُ التّجَارُ

إذا المخْـمـورُ بـاكـرَهَـا ثـلاثاً،
تَـطَـايَـرَ عـنْ مَـفَــاصِــلِهِ الخُمـارُ

وهَـاتِ فـغَـنّني بيتي نُصَيْـبٍ ،
فـقـد وافـانيَ القـدَحُ المــــدارُ :

” ولولا أنْ يقـالَ صـبَـا نُـصَـيْـبٌ،
لـقـلتُ بـنـفـسيَ النَّـشءُ الصّغـارُ “

«بنفسيَ كلّ مهْضُومٍ حشاهَا،
إذا ظُلِمَتْ، فليسَ لها انتِصَارُ»

لماذا اشتهر أبو نواس بالخمريات

اشتهر أبو نواس بالخمريات لأسباب متعددة، منها:

  • إبداعه في وصف الخمر:

كان أبو نواس بارعًا في وصف طعم الخمر ولونها ورائحتها وتأثيرها على شاربها.

  • تنوعه في موضوعات الخمريات:

لم يقتصر شعر أبو نواس على وصف الخمر فقط، بل تناول أيضًا موضوعات أخرى مثل الحب والصداقة والسياسة والفلسفة.

  • جرأته في التعبير عن أفكاره:

لم يخجل أبو نواس من التعبير عن أفكاره ومشاعره تجاه الخمر، حتى لو كانت أفكاره جريئة أو غير تقليدية.

  • تأثيره على الشعراء الآخرين:

أثر شعر أبو نواس على العديد من الشعراء الآخرين الذين اتبعوه في كتابة الخمريات.

أمثلة على إبداع أبو نواس في وصف الخمر:

  • **كأنّما الماءُ في الراحِ إذا مزجتْ كحلٌ يجرّى على صفحاتِ الذهبِ

  • **أَرى النّاسَ كُلَّهمْ سُكارى وَأَنتَ وَحدَكَ تَصفو

  • **يا خمرُ أنتِ مُدامُ العِيشِ وَلَوْلاَكِ لمْ يَحْيَ أحدُ

كيف تغزل أبو نواس بالخمرة

تغزل أبو نواس بالخمرة بطرق مختلفة، منها:

  • تشبيهها بالجميلات:

شبّه أبو نواس الخمر بالجميلات في مظهرها ورائحتها وطعمها.

  • وصفها بالصفات الإيجابية:

وصف أبو نواس الخمر بالصفات الإيجابية مثل الصفاء والنقاء والجمال.

  • التعبير عن مشاعره تجاهها:

عبّر أبو نواس عن مشاعره تجاه الخمر مثل الحب والشوق والغرام.

  • استخدام الألفاظ الجميلة:

استخدم أبو نواس الألفاظ الجميلة والصور البلاغية في وصف الخمر.

أمثلة على تشبيه أبو نواس للخمرة بالجميلات

  • **كأنّما الماءُ في الراحِ إذا مزجتْ كحلٌ يجرّى على صفحاتِ الذهبِ

  • **أَرى النّاسَ كُلَّهمْ سُكارى وَأَنتَ وَحدَكَ تَصفو

  • **يا خمرُ أنتِ مُدامُ العِيشِ وَلَوْلاَكِ لمْ يَحْيَ أحدُ

  • وصف الخمر بالصفات الإيجابية:

**يا خمرُ أنتِ مُهلكةُ العقولِ وَمُضيعةُ الأموالِ

  • التعبير عن مشاعره تجاهها:

**أَقِرُّ بِذنْبِي ولا أَستَحي **فَإنّي لَستُ مِنْ ملائكةِ السماءِ

  • استخدام الألفاظ الجميلة:

**إذا المرءُ لم يَدنُ من الجهلِ يَسلمْ وإنْ عاشَ ألفَ عامٍ سالمًا


شارك المقالة: