أسس أمونيوس تقليد التعليق الأرسطي في الإسكندرية، وقد تبعه في ذلك طلابه أسكليبيوس وفيلوبونوس (490-570) وسيمبليسيوس حيث كتب بعد عام 529 الذي كان بعد انتقاله إلى المدرسة الأثينية والانتقال معها من أثينا إلى بلاد فارس بعد إغلاق المدرسة في عهد جستنيان، وأولمبيودوروس (495 / 505 بعد 565)، يستمر التقليد من خلال المعلقين المسيحيين إلياس الذي ربما يكون تلميذ أوليمبيودوروس وديفيد وستيفانوس.
فلسفة أمونيوس وعلم الفلك:
فُقدت معظم أعمال أمونيوس أو بقيت في مقتطفات فقط، ومن بين المساهمات الفلكية المعروفة لأمونيوس إنكاره للحتمية على سبيل المثال علم التنجيم، ولقد جادل بأنّ الآلهة تعرف كل الوقت لكن هذه المعرفة لا تقيد الأحداث المستقبلية ولديهم معرفة بالمشكلات المستقبلية ولكن ليس كمستقبل.
كما يشهد على أنّ أمونيوس قد أبدى ملاحظات (مع أخيه وعمه) عن سحابات الكواكب أو الاقترانات القريبة، وعلى هذا الأساس خمن أو تسبب في تخمين سيمبليسيوس، حيث أنّه خارج مجال مركزية الأرض للنجوم الثابتة، وكان هناك المزيد من الكرة الخالية من النجوم، المحرك الرئيسي الأبدي لكوسموس.
وجادل أمونيوس على أسس غائية لخلود الكوسموس (كما فعل أرسطو)، وفسر أفلاطون تيمايوس على أنّه يعلم الكوسموس الأبدي، وهي عقيدة تتناقض مع اللاهوت السائد للمسيحيين على الرغم من موافقته الموثقة مع رئيس الأساقفة أثناسيوس، وفي الآونة الأخير تم إعادة اكتشاف ونشر أعمال أمونيوس حول استخدام الإسطرلاب (على الرغم من عدم وجود ترجمة باللغة الإنجليزية).
وفي نفس السياق فقد حذّر سقراط كاليكليس من استيعاب نفسه في دوموس الأثيني الحالي، وبالتالي الوصول إلى السلطة ولكن ربما يفقد كل ما هو عزيز عليه، ويقول أوليمبيودوروس إنّ مثل هذا الاستيعاب يدمر روح المرء تمامًا، وإنّ الشيء الصحيح الذي يجب أن يستوعب المرء روحه هو الكون أي الله، مثل السحرة الثيساليين الذين ذكرهم سقراط حيث يدعي السحرة المصريون في ذلك الوقت أيضًا أنّ لديهم القدرة على سحب القمر والقيام بمثل هذا الخطر من الدمار إذا فشلوا.
يشير أوليمبيودوروس إلى أننا يجب ألّا نصدق هذه القصص الأسطورية، على الرغم من أنّ معظم الناس مخدوعون بها حيث أنّ هذا مجرد خسوف، وبالمثل حتى الآن يقولون إنّ هناك سحرة في مصر يمكنهم تحويل الرجال إلى تماسيح أو حمير أو أي شكل يحلو لهم، ولكن يجب على المرء ألّا يصدق ذلك، وفي الواقع أخبرهم أمونيوس في تفسيره أنّ: “هذه التجربة طغت عليّ أيضًا، وعندما كنت صبيًا كنت أعتقد أنّ هذه الأشياء كانت صحيحة”.
اشتهر أمونيوس بخبرته الفلكية وكان يوبخ جمهوره الساذج، وقد تم الاستشهاد بملاحظة أخرى لأمونيوس في حجة أوليمبيودوروس بأنّ الأسطورة في نهاية جورجياس التي تؤكد حكم أرواحنا في العالم السفلي على حكم القضاة في حياتنا الحالية، تُظهر أنّ أفعالنا تنبع من استقلالية أرواحنا.
ويلاحظ أوليمبيودوروس أنّ الأمر متروك لنا لاختيار الفضيلة أو الرذيلة وأنّه لا يوجد مكان لعلم التنجيم، والذي من شأنه إبطال التبصر والقانون والعدالة، حيث يقول أمونيوس الفيلسوف: “أعرف بعض الرجال الذين لديهم الأبراج الفلكية للزناة، ومع ذلك فهي معتدلة لأنّ طبيعة الحركة الذاتية للروح هي المهيمنة”.
مرة أخرى لا ينكر أمونيوس تأثير النجوم في حياتنا، لكنه يصر على أنّ اختيارنا الفردي يلعب دورًا أساسيًا، ويوضح أنّ الأرستقراطية هي أفضل حكومة، ويشبه أوليمبيودوروس المدينة بالكون، والذي يحكمه الله بشكل أفضل، مستشهداً بالخط الهوميري الذي يفضله أرسطو ومفسريه الأفلاطونيين المحدثين: “حكم الكثيرين ليس جيدا، فليكن هناك رئيس واحد”، وإذا اعترض أحد على أنّ هذه ملكية وليست أرستقراطية، رد على أمونيوس: “ابقى صامتا، ودعه يأخذ قبضة يدك”!
فلسفة أمونيوس وتعليقه على فلسفة أرسطو:
هناك نسخة أمونيوس لقائمة الموضوعات العشرة الأولية التي أوصى بها بروكليس لأولئك الذين بدأوا في دراسة أرسطو، ومن المعروف أنّ دراسة أرسطو في مدرسة أمونيوس بدأت بالمنطق ثم انتقل إلى الأخلاق والفيزياء والرياضيات واللاهوت، كما قدم أمونيوس أيضًا كمجموعة جديدة سلسلة من الدروس التمهيدية لدراسة أرسطو تتكون من:
1- مقدمة في الفلسفة.
2- مقدمة إلى مقدمة البروفيري أو مقدمة لمنطق أرسطو.
3- تعليق على مقدمة البروفيري (أي أرسطو).
4- قراءة مقدمة البروفيري (أرسطو) نفسها.
5- مقدمة لفلسفة أرسطو.
6- مقدمة للفئات.
كانت مقدمة الفلسفة متجانسة ومؤثرة بشكل خاص حيث قدمت عددًا من التعريفات للفلسفة، وعلى وجه الخصوص تعريفين (من الهدف) وهما:
1- استيعاب أفلاطون لله قدر الإمكان.
2- ممارسة الموت.
من المفترض أنّ المحاضرات حول أعمال أفلاطون وأرسطو استمرت حوالي ساعة، وفي بروكليس نرى علامات لمثل هذه التقسيمات لمدة ساعة، بالإضافة إلى تقسيم المحاضرة حول مقطع فردي إلى مناقشة مذهبها (theōria) وأحيانًا واسعة النطاق تليها صياغتها (lexis)، حيث لا تزال علامات هذا التقسيم موجودة في أمونيوس في المقدمة، ومن الواضح أنّ الطلاب أخذوا ملاحظات غزيرة والتي يمكنهم نشرها بعد ذلك بأسمائهم الخاصة أو باسم أمونيوس نفسه.
أعطت محاضرات أمونيوس وطلابه شرحًا تفصيليًا للغاية لنصهم ودلالة على أهميته الفلسفية، بما في ذلك كيفية ارتباطه بنصوص أخرى لأرسطو وأفلاطون، وتم اعتبار كل من هذين الفيلسوفين متسقين مع الذات وموحدًا في الرأي في جميع أنحاء كتاباته وبالتوافق مع بعضهما البعض ومع الحقيقة.
وفقًا لإلياس وضع بروكليس قائمة من عشرة أسئلة يجب الإجابة عليها بشكل أولي لدراسة أرسطو، وهو أمونيوس الذي يعطينا أول نسخة محفوظة من هذه الأسئلة، ويتعلق أحد الأسئلة الأولية بدور المترجم الفوري من معرفته الكاملة بالفليلسوف الذي يدرسه، وقدرة الفيلسوف على تمييز الحقيقة، وعدم تزمته برأيه، حيث ترتبط هذه المتطلبات مع أمونيوس بواسطة أوليمبيودوروس في تعليقه على جورجياس، ويمكن للمرء أن يرى الإصرار على معرفة الحقيقة والحكم عليها على الولاء لأرسطو في تعاليم أمونيوس التمهيدية الخاصة.
يميل المعلقون الإسكندريون اللاحقون إلى التأكيد على أنّه من واجب المعلق عدم تفسير الخلافات الواضحة بين أرسطو وأفلاطون حرفيًا، بل النظر إلى المعنى واكتشاف الاتفاق الأساسي أو الانسجام (sumphōnia) بين الفلاسفة.
إن تصريح أمونيوس الخاص بصفات المفسر لا يقول هذا، لكنه في الممارسة العملية يشير إلى اتفاق أفلاطون وأرسطو، وانتقد سوريانوس وبروكليس، في بعض الأحيان بشدة اختلاف أرسطو مع آراء أفلاطون حول على سبيل المثال وجود الأشكال والدور الديموغرافي لله كصياغة وخلق العالم المادي، في المقابل يشير أمونيوس أنّه في حين أنّ أرسطو يبدو مهاجمة أفلاطون على النماذج في الميتاف (Metaph)، في الواقع يتفق مع أفلاطون لأنّه يمتدح أولئك الذين يقولون أنّ الروح هي مكان الأشكال.
كما جعل أمونيوس الله السبب الفعال لكل الأشياء بالإضافة إلى كونه السبب النهائي، ويبدو أنّ هذا هو الاختلاف المميز في النهج بين سوريوس-بروكلس وأمونيوس وتلاميذه، حيث هذا الأخير يتفوق على الأول في اهتمامهم بتنسيق وجهات نظر أرسطو وأفلاطون واستعدادهم لتفسير أرسطو على أنّه لا يختلف مع أفلاطون بأي طريقة أساسية.