من يصنع المعروف لا بد له أن يعود له هذا المعروف في يوم من الأيام، هذا ما حدث مع الرجل الطيّب الذي ساعد صبي كان قد وقع بداخل البئر، وبعد عدّة سنوات تعرّض هذا الرجل لمأزق كبير؛ فوجد هذا الصبي قد كبر وأصبح شابّاً وأنقذه من هذا الموقف ردّاً للمعروف.
قصة الرجل والوفاء
كان هنالك ولد اسمه وليد يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، كان وليد يحب اللعب مع أصدقائه كثيراً، ومن أكثر الألعاب التي يحب وليد أن يلعبها هي لعبة كرة القدم، وكان وليد مبدعاً باللعب، وفي يوم من الأيام بينما كان وليد يلعب بالكرة إذ ابتعدت الكرة عن وليد كثيراً، شعر وليد بالحزن ولحق بكرته حتّى لا تضيع، ولكن وليد تفاجأ بأنّ هذه الكرة ظلّت تتدحرج وهو يلحق بها.
ظلّت الكرة تتدحرج ووليد يسير ورائها حتّى وقعت في البئر، ومن دون أن يتنبّه وليد بهذا الأمر، وجد نفسه وقد وقع بداخل هذا البئر العميق، ولا يجد لنفسه سبيلاً للخروج، شعر وليد بالخوف والذعر وصار يصرخ مستنجداً بأصدقائه، ولكن ظلّ يصرخ ويصرخ ولكن دون جدوى، ظلّ وليد هكذا حتّى حلّ الليل، في ذلك الوقت شعر وليد أنّه قد استيأس أن يسمعه أحد؛ فبدأ يفكّر بأي طريقة وأي حيلة ليخرج من هذا البئر.
خطر بذهنه أن يتسلّق البئر ويخرج منه لوحده مهما كلّفه هذا الأمر، ولكنّه عندما بدأ يصعد جدران البئر وجدها ملساء ولا أمل أن يعلق بها ويتسلّقها، بعد ذلك جلس وليد يفكّر كثيراً وخطر بذهنه أن يقوم بحفر حفرة في جدران البئر ويخرج منها، ولكن كان هذا الأمر شبه المستحيل لشدّة صعوبته، فصار وليد يبكي ويصرخ من يأسه وخوفه في أعماق البئر المظلم.
بينما كان وليد يبكي ويصرخ إذ مرّ من جانب البئر رجل غريب يمتطي الحصان، سمع صوت بكاء الصبي وقال في نفسه: ما صوت البكاء هذا، لا بدّ أنّه صوت عفريت داخل البئر، ولكنّه قرّر أن يسأل فقال: من هذا الذي يوجد بداخل البئر؟ ردّ عليه صوت الصبي وقال: أنا هو وليد، أرجوك ساعدني أنا وقعت بداخل هذا البئر.
عندما سمع الرجل ذلك نزل من فوق ظهر حصانه وبدأ يبحث بداخل البئر عن هذا الصبي، ولكن الرجل الغريب لم بجد أي سبيل لهذا البئر؛ فهو لم يتوصّل لهذا الصبي على الرغم من بكائه المستمّر وملاحقته لصوته، بالإضافة إلى أنّ هذا البئر بدا وكانّه مخفي وليس له وجود، فكّر هذا الرجل ماذا سيفعل، وأمسك بحبل طويل ووضعه على ظهر حصانه، ظنّ وليد أن الرجل سيتركه ويغادر المكان، فبدأ يتوسّل بالرجل عدم مغادرة المكان، ولكنّ الرجل طمأنه بأنّه لن يتركه بل إنّه يفكّر بمساعدته.
قام الرجل برمي الحبل الذي ربطه بحصانه، وأنزله بداخل البئر وطلب من وليد أن يمسك بهذا الحبل، واستطاع وليد الإمساك بهذا الحبل والخروج من قعر البئر، ركب وليد مع الرجل الطيب هذا فوق حصانه، وأوصله الرجل إلى منزله، وعندما عاد لأسرته سالماً، شكرت عائلة وليد هذا الرجل كثيراً على معروف العظيم مع ابنهم.
مرّت السنين وكبر وليد حتّى أصبح شابّاً كبيراً قوي البنية، وعندما كبر وليد بدأ يعمل بالتجارة، وفي يوم من الأيام كان وليد بطريق السفر برفقة قافلة في الصحراء، وفجأةً بينما كان وليد يسير مع هذه القافلة إذ توقّف ليستريح قليلاً، وعندما وقف لم يجد هذه القافلة، ووجد نفسه تائهاً وسط الصحراء، فسار وليد يبحث عن قافلته، وبينما هو كذلك إذ وجد رجل عجوز يجلس على الأرض ويستنجد.
عندما اقترب وليد من الرجل العجوز وجده يطلب الماء، فأسرع وليد وأخرج الماء من جعبته وسقا هذا العجوز، بالإضافة إلى أنّه أعطاه بعض القطع من الخبز، بعد ذلك بدأ وليد يتحدّث مع هذا الرجل العجوز وسأله ما الذي جاء به إلى الصحراء؛ فأخبره الرجل أنّه تعرّض لحريق وفقد ساقيه، وصار يتنقّل من مكان لمكان على ظهر حصانه فقط، وبينما كنت في طريقي جاء أحد قطّاع الطرق وقاموا بسرقة حصاني وتركوني هنا لوحدي تائهاً.
بينما كان وليد يستمع لهذا الرجل إذ شعر بأنّه قد سمع هذا الصوت من قبل، وبعد عدّة أسئلة علم وليد بأنّ هذا الرجل هو نفسه الذي أنقذه من البئر، وعندما علم وليد بذلك كان يريد ردّ الجميل لهذا الرجل الطيّب، وعلى الرغم من تعبه قام بحمله فوق ظهره حتّى وصل للقافلة، وكان هذا الرجل العجوز فرحاً بوفاء هذا الصبي معه، وبأنّ معروفه لم يذهب سدى.