قصة قصيدة إني أتتني لسان ما أسر بها

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إني أتتني لسان ما أسر بها

كان العرب يهتمون بشعر الرثاء، وينسبونه مكانة منقطعة النظير ضمن أشكال الشعر في العصر الجاهلي، وكانوا يخلدون بها النوع من الشعر الحوادث التي تلم بهم، ومن هؤلاء شاعرنا أعشى باهلة الي رثا أخيه بقصيدة خلدها التاريخ.

أما عن مناسبة قصيدة “إني أتتني لسان ما أسر بها” فيروى بأن المنتشر بن وهب بن سلمة كان من أشجع رجال العرب واكثرهم إقدامًا في الحروب، وكان يشتهر بسبقه في سعيه، وكان من أفتك رجال العرب في الحروب، وكان كثيرًا ما يغير على قبائل اليمن، وكان يأسر منهم الكثير من الرجال، ويقتل منهم ما يقتل، ويغنم ما يغنم، وفي يوم من الأيام وفي إحدى غاراته أسر رجلًا منهم يقال له العنبري بن صلاءة، وهو من فرسان بني الحارث، ورفض الحارث أن يفدي بنفسه، فهدده المنتشر، وقال له: والله إني سوف أقطعك قطعة قطعة إن لم تفتدي بنفسك، ولكنه أصر على أن لا يفتدي بنفسه، فقام المنتشر بقتله.

ووصل خبر ذلك إلى بني نفيل بن عمرو بن كلاب، فبعثوا برجل من عندهم، وأخبر بني الحارث بأن المنتشر قد قتل الحارث بن صلاءة، فكادوا له، وقتلوه، ثم قطعوا جسمه، انتقامًا منهم للحارث، وعندما وصل خبر مقتله إلى أخيه أعشى باهلة حزن حزنًا شديدًا بسبب مقتله، بالإضافة لغدر بني نفيل به، وهم حلفاءه، ورثاه بقصيدة من القصائد التي خلدها التاريخ، وسرد في هذه القصيدة صفات أخيه، من جود وكرم وشجاعة وإقدام ووفاء لأهله وأصحابه، ومن ثم دعا على قاتل أخيه، وفيها قال:

إنّي أَتَتني لِسانٌ مَا أُسَرُّ بها
من عُلوَ لا عَجَبق فِيهَا ولا سَخَرُ

جَاءَتْ مُرَجِّمَةً قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُها
لو كانَ يَنْفَعُني الإِشْفَاقُ والحَذَرُ

تَأْتِي على النّاسِ لا تُلوي على أَحَدٍ
حتى أَتَتْنَا وَكَانَتْ دُونَنَا مُضَرُ

إذا يُعَادُ لها ذِكْرٌ أُكَذِّبُهُ
حتى أتَتْني بِهَا الأنْبَاءُ وَالخَبَرُ

فَبِتُّ مُكْتَئِباً حَيْرَانَ أَنْدُبُهُ
وَلَسْتُ أَدْفَعُ ما يَأْتِي بِهِ القدَرُ

يروي الشاعر في هذه الأبيات لحظة وصول خبر مقتل أخيه له، وخوفه من قبل تلك اللحظة من أن يأتيه خبر مماثل، وحالته بعد أن وصله ذلك الخبر، واكتئابه وحزنه.

فَجَاشَتِ النّفْسُ لَمّا جَاءَ جَمْعُهُمُ
وَرَاكبٌ جَاءَ مِنْ تَثْلِيثَ مُعْتَمِرُ

إنَّ الذي جِئْتَ مْنْ تَثْلِيثَ تَنْدُبُهُ
مِنْهُ السّمَاحُ وَمِنْهُ الجودُ وَالغِيَرُ

تَنَعَى امرأً لاَ تَغُبَّ الحيَّ جَفْنَتُهُ
إذا الكَوَاكِبُ خَوّى نَوْأَها المَطَرُ

وَرَاحَتِ الشَّوْلُ مُغْبَرّاً مَنَاكِبُها
شُعْثاً تَغَيّرَ مِنْهَا النَّيُّ وَالوَبَرُ

وَأَجْحَرَ الكَلْبَ مُبْيَضُّ الصَّقِيعِ بِهِ
وَضَمّت الحيَّ مِنْ صُرّادِهِ الحُجَرُ

نبذة عن أعشى باهلة

هو عامر بن الحرث بن رياح بن أبي خالد بن ربيعة بن معن الباهلي، ويلقب بأبي قحفان الباهليّ، هو شاعر من شعراء العصر الجاهلي، قلّ ذكره في كتب الأعلام والشعراء الجاهليين، كما أن ما ذكر عن حياته ومماته ليس بالكثير.

الخلاصة من قصة القصيدة: كان المنتشر بن وهب من فاتكي العرب، وفي يوم أسر رجل يقال له الحارث بن صلاءة، وقام بقتله، وقطعه، فقام قومه بالكيد له، وقتلوه، وعندما وصل خبر مقتله إلى أخيه أعشى باهلة، رثاه بقصيدة خلدت في التاريخ.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: