ما هو دور العرب في الترجمة وحوار الحضارات؟

اقرأ في هذا المقال


إنّ العرب لهم تاريخ قديم وحضارات عظيمة، وكان للعرب الدور الكبير في نشوء العديد من الحضارات الإسلامية، وبما أن الترجمة هي عامل أساسي من عامل نشوء هذه الحضارات؛ فكان لها الدور الأكبر في ذلك، وكان العرب يعطون الترجمة والمترجم الاهتمام والتقدير الشديد، نظراً لأهميّتها وقيمتها الأدبية والعلمية، سنتحدّث عزيزي القارئ في هذا المقال عن دور العرب في الترجمة، وكيف كانت الترجمة عند العرب عنصر من عناصر حوار الحضارات.

الترجمة عند العرب وحوار الحضارات

من المعروف أن الترجمة عند العرب هي من الفنون الأساسية والتي عرفت من قديم الزمان لديهم، ولشدّة اهتمامهم بها كانوا يقومون بالسفر إلى البلدان البعيدة في سبيل ذلك، سواء في فصل الصيف أو حتى في فصل الشتاء، وهذا السفر أدّى لحدوث الاحتكاك بين العرب والدول المجاورة مثل: الروم، الفرس، البيزنطيين وغيرهم، ومن أجل أن يتم الاستفادة من هذا الاحتكاك بشكل كامل نشأت الترجمة.

وكانت نشاطات الترجمة تتم على مستويات كبيرة؛ حيث كان يتم ترجمة الدواوين خاصّةً في العصر الأموي، ومن الأمثلة على ذلك: ترجمة دواوين أرسطو، وترجمة سلسلة حكايات كليلة ودمنة، وهو كتاب يتألّف من سلسلة طويلة من الكتب والقصص التي تمّت كتابتها بالفارسية، وعندما تم ترجمتها إلى العربية تم إضافة بعض التعديلات عليها.

بالإضافة إلى أن العرب كانوا يحبّون أن ينهلون العلوم من الدول المجاورة؛ فقد كان لهم أهداف اجتماعية كذلك من ترجمة بعض الكتب، كتقديم النصيحة لملك البلاد بالبعد عن الظلم أو القسوة؛ حيث كان يتم ترجمة الكثير من الكتب وبعد ذلك يتم تقديمها هدية للملك، علامة على أهميّتها وعلى تقدير الملك لجهد الترجمة التي كان يقوم بها المترجمين.

وكان يحرص العرب في ترجمتهم للكتب الالتزام الأخلاقي؛ حيث كان يتم نقل الكلام من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية بأسلوب بسيط جدّاً وخالي من أي ابتذال في اللغة، وكان عند العرب ترجمة الكتب التي تسمّى (البهلوية)، وهذه الكتب كان يقوم بترجمتها مترجمون كبار، وكانت هذه الترجمة من ضمن الأمور التي دفعت بحضارة العرب للازدهار والتقدّم، كما أنّها كانت كباب فتح لهم آفاق جديدة في العلوم والمعارف المختلفة والحديثة.

ومن أشهر الشخصيات البارزة كمترجمين آنذاك مثل: جبلة بن سالم، الحسن بن سهل المنجم، اسحق بن علي، الطبري، وغيرهم الكثير من قام بترجمة الكتب البهلوية، والعامل الآخر من عوامل ازدهار حضارة العرب عبر الترجمة هي ترجمة الرسائل؛ حيث كان لها الأثر الكبير في نهل آداب جديدة لهم.

ما هي صعوبة الترجمة عند العرب؟

من المعروف أن العنصر الأساسي الذي تتعامل به الترجمة هو اللغة؛ فدائماً تبدأ الصعوبة في الترجمة من تعدّد اللغات، وعدم سهولة مطابقة النص المترجم مع النص المكتوب بلغته الأصلية مهما بذل من جهود، خاصّةً عندما تكون الترجمة تتعلّق بأمر من الأمور السياسية والعلاقات بين الدول وهنالك مثال حي يبّن ما هي خطورة الترجمة الخاطئة على العلاقات بين الدول.

المثال هو: عندما تم ترجمة الكلمة اليابانية (موكي ساتسو)؛ حيث تم ترجمتها بطريقة خاطئة تماماً، وكان ذلك عندما تم ترجمتها من اللغة اليابانية إلى اللغة الإنجليزية في الحرب العالمية الثانية، وتم ترجمتها لمعنيين رئيسيين وهما: القتل الصامت، لا تعليق، فتم أخذ المعنى الثاني لها واعتماده، ممّا سبّب كوارث كبيرة وقتها.

وكما قال الجاحظ في كتابه الحيوان (ولا بد للترجمان أن بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في وزن المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها على السواء، وليكون لها غاية)، وبمنظوره أن هذا الأمر صعب جدّاً ويكاد أن يكون مستحيلاً، حتى أنّه يجب أن يتم صياغة مضامين النص بلغة عربية سليمة تماماً.

وبحسب تعريف العرب للغة أنّها كائن حي مستمر النمو، ويجب أن يتم إجراء كل ما هو نافع ومفيد لها، وكان يتم تعريف صعوبة الترجمة على أنّها صعوبة للمترجم وليس صعوبة في اللغة العربية ذاتها، فاللغة لا ذنب لها في عدم وجود مرادفات مناسبة للكلمات المتواجدة في قاموسها، وهي لغة ثريّة؛ فهي لغة القرآن الكريم، ومن حقّها أن تعبّر عن أي معنى بالمرادف الذي ينتمي لها؛ إذاً فصعوبة الترجمة تكمن في إحساس المترجم ومدى قدراته ومهاراته.


شارك المقالة: