قصة صائد الغزلان The Deer Hunter Story

اقرأ في هذا المقال


كانت الحروب بكافة أشكالها تدخل في الكثير من مواضيع القصص التي يتطرق لها الكُتاب، إذ أن كل جندي كان يشارك في تلك الحروب كان لديه قصة حياة يعيشها وأحداث حصلت معه، وفي قصتنا لهذا اليوم تطرق الكاتب بها إلى الحرب الفيتنامية.

قصة صائد الغزلان

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول في واحدة من الولايات التابعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهي ما تعرف باسم ولاية بنسلفانيا، كما أن الزمن الذي كانت قد وقعت به الأحداث هو الفترة ما بين الأعوام  1968م لغاية 1975م، حيث أنه في هذه الولاية كان يقيم ثلاثة من الشباب وهم الأول يدعى مايكل والثاني يدعى ستيفن والثالث يدعى تشارلز، وفي يوم من الأيام كانوا هؤلاء الشباب يتجهزون من أجل حضور آخر ليلة في العزوبية لصديقهم الشاب ستيفن، فقد كان في اليوم التالي مقرر موعد زفافه.

وفي تلك الليلة عاشوا هؤلاء الثلاثة أجمل أيام حياتهم، إذ كانوا من أكثر الأشخاص الذين تربطهم علاقة صداقة منذ مرحلة الطفولة وحتى الوقت الحالي، ولم يفرطوا ثلاثتهم في لحظة من تلك الليلة إلا رقصوا وفرحوا ومرحوا بها، فقد أرادوا وداع صديقهم الذي كان سوف ينتقل إلى حياة أخرى خاصة به، وقد كانت ملامح وجوههم مبهجة من شدة الفرح، وفي صباح اليوم التالي منذ أن استيقظوا من نومهم وقد بدأوا يتجهزون إلى حفل الزفاف وبالفعل حدث حفل الزفاف في موعده وقد كان في غاية الروعة، كما شعروا جميعهم بالبهجة والسرور ورقصوا ومرحوا به كذلك حتى بزوغ الفجر.

فقد كان مما هو معروف عن هؤلاء الشبان الثلاثة أنهم من أكثر الناس الأوفياء لبعضهم البعض، فلم يحصل في يوم من الأيام وأن خان أحدهم الآخر أو حدث عراك أو جدال بينهم، كما كان يضرب بصداقتهم المثل من قِبل كافة السكان في المدينة، وثلاثتهم كانوا يعملون في أحد المصانع المشهورة في البلدة وهو مصنع متخصص في صناعة المواد الصلبة حالهم كحال الغالبية العظمى من سكان المنطقة، فقد كان كافة العاملين به هم من سكان المنطقة ذاتها، وهو ما يعتبر مصدر رزق للغالبية العظمى منهم.

وفي بعض الأحيان كان يراود ذهن كل من مايكل وتشارلز أن ستيفن لربما أنه سوف يتغير جراء انتقاله لحياة أخرى، ولكن ما يطمئنهم بعض الشيء أنهم سوف يلتحقون بعد يومين تماماً من حفل زفافه للمشاركة في الحرب، وقد كانوا طوال الوقت يشيرون إلى بعضهم البعض أنه على الرغم من أنهم سوف ينتقلون للالتحاق بالحرب ولكن ما يهدئ من روعهم من تلك الحرب هو أنهم سوياً في هذه الحرب، وهذا ما كان يشعرهم بالراحة قليلاً.

وفي صباح اليوم التالي من حفل الزفاف توجه الشباب الثلاثة إلى رحلة صيد؛ وذلك لأنهم كانوا يرغبون من الاستراحة والاستمتاع قليلا بالتجوال في غابات بلادهم قبل الانتقال للحرب، وفي رحلة الصيد تلك تمكن أحدهم وهو مايكل من القيام باصطياد أحد الغزلان من خلال استخدامه لطلقه واحدة فقط، وقد كانت الطريقة التي اصطاد الغزال بها تظهر براعته في القناص، وبعد أن انقضاء اليومين توجهوا الأصدقاء الثلاثة إلى الحرب التي كانت مشتعلة في تلك الفترة وهي الحرب الفيتنامية، ومنذ ذلك اليوم ولم يتذوق أي من الأصدقاء الثلاثة طعم الراحة، فعلى الرغم من كثرة الأوقات التي استمتعوا بها قبل الالتحاق بالحرب، إلا أنهم من أول لحظة التحقوا بها لم يعد يرون سوى ويلات الحرب.

إذ سرعان ما وقع ثلاثتهم أسرى بين يدي العدو، وقد تم زجهم في أحد السجون التي كانت واقعة تحت الأرض، وفي كل يوم يقضيانه هناك كانوا يتلقون أشد أنواع التعذيب والتعنيف الوحشي الجسدي والنفسي، وفي يوم من الأيام تم نقلهم إلى أحد المعسكرات التي تعرف باسم معسكرات للفيت كونج، وقد كان ذلك المعسكر مشهور بين جموع المساجين بمدى العذاب والصراع النفسي الذي يسببه لأسراه، وفي يوم من الأيام رغب قائد المعسكر في التعرف عليهم.

وبعد أن ألقى بنظراته الوحشية والعنيفة عليهم أجبرهم على القيام والامتثال أمامه ثم بعد ذلك ارغمهم على القيام بممارسة إحدى الألعاب التي تعرف بأنها من الألعاب الروسية الشهيرة في دولة روسيا، وهي ما تشتهر باسم لعبة الروليت، وقد كانت تلك اللعبة تتضمن أن يقوم أحد الأسرى حين تقف قطعة اللعبة عند رقمه بتصويب أحد المسدسات صوب رأسه وفي بكرة هذا المسدس رصاصة واحدة فقط، ولكن تلك الرصاصة كانت مجهولة في أي خانة تقع، وبعد أن يمتثل الأسير برأسه يقوم بالضغط على زناده، وهنا في كل مرة كانوا الأسرى يتراهنون فيما بينهم حول من سوف يتم إطلاق النار في البداية، وقد كان حينما تخرج تلك الطلقة لواحد من الأسرى ترديه قتيلاً، ثم بعد ذلك يتم استبداله بأسير آخر.

وما كان مدهشاً أن الأصدقاء الثلاثة بأكملهم قد نجوا بأنفسهم من تلك اللعبة، ولكن هذا الأمر لم يكن غريب عليهم، فقد كانوا على قدر عالي من الذكاء والحكمة، ففي كل مرة كانوا يتهافتون الأسرى على من سوف يكون القادم في اللعبة كانوا حينما يشعرون أن الطلقة في الخانة التي سوف يتم التصويب منها لا يقبلون المشاركة بهذا الدور، بينما حينما يدركون أن الطلقة أصبحت في مسار بعيد يرفعون أيديهم أمام قائد المعسكر؛ وذلك حتى يبعدوا الشكوك عن أنفسهم في عدم رغبتهم في المشاركة في تلك اللعبة.

وبعد الانتهاء من تلك اللعبة نجح مايكل في التخطيط المحكم للهروب من السجن، وبالفعل تمكنوا ثلاثتهم من النجاة بأرواحهم والهروب من الأسر، ولكن ما حدث خلال هروبهم هو أن ستفين فقد إحدى ساقيه، ولكنه هذا الأمر لم يعيق حركته مقابل العودة إلى وطنه وبيته وزوجته التي لم يقضي معها سوى يومان، وفي النهاية عاد كل من ستيفن ومايكل إلى أرض الوطن، بينما تشارلز فقد عبر عن رغبته في التوجه نحو إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة سايغون؛ وذلك لأنه أمسك به الولع في لعبة الروليت وفي تلك المدينة كان يتم لعبها باستمرار فيما تعرف باسم السوق السوداء.

وبعد أن عادوا رفاقه إلى الوطن توجه ستيفن إلى منزله، بينما مايكل توجه نحو الغابة إذ أراد أن يروح عن نفسه بصيد الغزلان، ولكن ما حدث مع مايكل هو أنه اكتشف لم يعد بمقدوره الضغط على الزناد واصطاد أي غزال؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنه تغيرت نظرته فجأة حول الموت والحياة، ومع مرور الوقت أدرك مايكل أنه مدين لصديقه تشارلز بأنه كان من الواجب عليه أن لا يسمح له بالذهاب إلى تلك المدينة والإلقاء بنفسه إلى التهلكة.

وهنا قرر العودة لمدينة سايغون في محاولة منه من أجل إنقاذ حياة صديقه من الضياع ويواصل البحث عنه لعدة أيام، وحينما توصل إليه اكتشف أنه أصبح شخص مصاب باضطراب عقلي، وقد قام بإنهاء حياته بنفسه من خلال إطلاقه رصاصه على رأسه، وأخيراً أشار الكاتب في خاتمة قصته أنه تلك اللعبة كان يريد الرمز من خلالها للعنف العشوائي ومدى تأثيره الجنوني على الجنود الذين دخلوا الحرب.

المصدر: كتاب من روائع الأدب الأمريكي المعاصر - توني موريسون - 2014


شارك المقالة: