موضوع السلامة والصحة في موقع العمل يتمتع بأهمية كبيرة بناءً على التطور التكنولوجي، وظهور الصناعات الكيماوية المختلفة، واستخدامها في أنواع مختلفة والتي سببت مخاطر عديدة لسلامة العنصر البشري في موقع عمله.
التوجه الاستراتيجي لإدارة بيئة العمل
أُجبرت المنظمات بوضع استراتيجيات مستقبلية لإدارة بيئة العمل، وباتت تتضمن مجموعة من المرتكزات الاستراتيجية التي تجعل موقع العمل مكان صحي وآمن وسليم، ومن هذه المرتكزات ما يأتي:
أولا تكوين بيئة عمل صحية للمستقبل ونظام عمل آمن
إن تكوين بيئة عمل صحية وسليمة في المستقبل ونظام عمل آمن قائمة على تحليل مخاطر العمل المستقبلية، والتجهيز الملائم لتجاوزها، وجعل بيئة العمل بيئة صحيّة وفيه أمان، ويكون هذا عن طريق التوجهات الاستراتيجية التالية:
- إعادة إنشاء بناء المنظمة بشكل جديد بما يكون ملائم مع التغييرات المستقبلية المرغوب إدخالها على العمل، حيث يأخذ الشكل الجديد توفير مستوى عالي من السلامة والصحة.
- العمل على إعادة تصميم العمليات الإنتاجية بجميع مراحلها، حتى يكون العمل آمن، وتحديد المراحل التي لا يمكن أن تقضي على الخطر بسبب طبيعتها، وهذا للتعامل معها بأسلوب خاص والتقليل من المخاطر إلى أقل مستوى متوقع.
- العمل على شراء الأجهزة والأدوات التي تتميز بدرجة أمان عالية، والعمل على شراء مواد غير مضرة لا تسبب أي خطر.
- الاعتماد على تكنولوجيا الرجل الآلي في تنفيذ المهام التي تسبب درجة خطورة مرتفعة على سلامة وصحة العنصر البشري، مثل دهان السيارات، اللحام وغيرها.
- العمل على استبدال إجراءات الرقابة على السلامة والصحة الحالية في موقع العمل بأخرى تلائم طبيعة العمل المستقبلي ومخاطره، الاهتمام بالرقابة الوقائية للكشف عن الخطر قبل حدوثه.
- اعتماد سياسة العمل السريع دون أي تأخير؛ لأن المرض والإصابة لا ينتظران، فهي تعتبر خطر على حياة العنصر البشري في موقع العمل، والإسعاف وتقديم العلاج للعنصر الذي تعرض للخطر قد تنقذ حياته، لذلك لا يوجد عذر وتعتبر غير مقبولة طالما هناك تعامل مع الموارد البشرية.
- القيام بتحديد برنامج تدريبي للفترات القادمة حتى يتم تجهيز الموارد البشرية؛ لكي يتم التعامل مع مخاطر العمل في المستقبل المتوقع بأسلوب يتميز بالكفاءة وحماية نفسها منها، ويجب أن يتم الاهتمام بتنمية روح الالتزام لدى هذه الموارد من خلال تطبيق تعليمات السلامة والصحة في موقع العمل.
- التوجه المستقبلي لعدم توظيف موارد بشرية يوجد في تاريخها الطبي إصابات وأمراض مهنية، ومنع تعيين المُدخّن لما يسبب من تلوث في جو العمل، والتأكيد على وجود فحص طبي قبل التعيين؛ للتأكد من خلو المرشّح من إصابته بمرض معدي، والتأكد من السلامة النفسية والجسدية.
- العمل على تعديل نظام الحوافز حيث تراعي موضوع السلامة والصحة في موقع العمل، مثل تخصيص كفاءة مالية لكل عنصر بشري لا يقوم بأي مخالفة للتعليمات المحددة من أجل الحماية خلال وقت محدد، ربط ترقية مدراء الأقسام الإنتاجية بعدد حوادث العمل التي تقع في قسمهم، وغيرها الكثير من هذه الحوافز.
ثانيا تبني مبدأ المسؤولية المشتركة
تعتبر مشاركة الموظفين في مجال إدارة بيئة العمل وتحقيق السلامة والصحة فيه، رغبة استراتيجية تطبقها الكثير من منظمات الأعمال في العديد من الدول المتقدمة صناعيًا، بعض هذه الدول تقوم بوضع قوانين على أن يتم تشكيل لجان استشارية من الموظفين في المنظمات؛ حتى يتم دعم جهود إدارة الموارد البشرية في إدارة بيئة العمل وحتى تحقق الفعالية المطلوبة، وعملية المشاركة تنحصر في عدد من المجالات وهي كما يأتي:
- العمل بجولات ميدانية تفقدية في مواقع العمل والقيام بتنبيه كل من خالف هذه القوانين الذين لا يطبقون الأنظمة والتعليمات، وتقديم الارشاد لهم بأهمية الالتزام بها، والابلاغ عن أي شيء يرونه غير طبيعي قد يسبب وقوع حادثة في العمل.
- تقديم الاقتراحات لجعل بيئة العمل مُحسنة وتوفير موقع عمل آمن بشكل أكبر.
- الاشتراك في التحقيق الذي تقوم به المنظمة عن طريق إدارة الموارد البشرية في أسباب حدوث حوادث العمل.
ثالثا الوقاية قبل العلاج
هذا العنوان ملائم مع ما ينفق في مجال إدارة بيئة العمل وتوفير السلامة والصحة فيها، هو استثمار ولا يعتبر من التكاليف، ولا يحقق ربح بطريقة مباشرة وإنما يوفّر المال الي له أثر في ربح المنظمة على المدى البعيد والمدى القريب، وهذا التوفير يحققه يجنب المنظمة والموارد البشرية الآثار السلبية التي قد تصرف في علاج إصابات العمل التي تفوق نفقات برنامج الحماية.
إذًا في النهاية يمكن القول أن التوجه المعاصر لإدارة بيئة العمل في منظمات الأعمال يكون قائم على ثلاثة من المرتكزات وهي الوقاية قبل العلاج، وتطبيق مبدأ المسؤولية المشتركة، وتكوين بيئة عمل آمنة وصحية.