في الكيمياء يعد عنصر الزئبق أحد العناصر الكيميائية برمز Hg ورقم ذري مقداره 80 في الجدول الدوري، حيث أن معدن الزئبق مصنف كأحد المعادن الانتقالية، وهو يكون على صورة سائل في درجة حرارة الغرفة.
اكتشاف عنصر الزئبق
اسم الزئبق (Mercury) مشتق من الإله الروماني عطارد رسول الآلهة الذكي؛ وذلك لأن القدماء استخدموا هذا الاسم للعنصر المعروف منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث أنه يُشتق الرمز Hg من الكلمة اليونانية (hydrargyrum) والتي تعني “الفضة السائلة” أو “الفضة السريعة”.
كان الزئبق معروفًا لدى الصينيين والهندوس القدماء وتم العثور عليه في مقابر مصرية عمرها 3500 عام، حيث أنه عادة لا يوجد الزئبق وحيدا في الطبيعة، كما أنه يتم الحصول عليه بشكل أساسي من معدن الزنجفر ذو الصيغة الكيميائية (HgS)، تنتج إسبانيا وإيطاليا حوالي نصف إمدادات العالم من الزئبق.
يعد معدن الزئبق عبارة عن السائل المعدني الشائع الوحيد في درجات الحرارة العادية، حيث أنه نادرًا ما يظهر منفردا في الطبيعة، كما تنتج إسبانيا وإيطاليا حوالي 50٪ من المعروض العالمي من المعدن، حيث أن الوحدة التجارية لمناولة الزئبق هي “القارورة” والتي تزن 76 رطلاً، ويتم الحصول على معدن الزئبق عن طريق تسخين الزنجفر في تيار من الهواء وعن طريق عملية تكثيف البخار.
معدن الزئبق عبارة عن معدن ثقيل أبيض فضي، ويعد موصل ضعيف إلى حد ما للحرارة عند مقارنته مع المعادن الأخرى، وهو عبارة عن موصل عادل للكهرباء، كما أنه يشكل سبائك بسهولة مع العديد من المعادن المختلفة، مثل معدن الذهب ومعدن الفضة ومعدن القصدير، والتي تسمى الحشوات (amalgams).
الزئبق سام ويمكن أن يدخل الجسم عن طريق الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو مباشرة من خلال الجلد، إذ أنه يتراكم في الجسم مما يؤدي في النهاية إلى مرض شديد أو الوفاة.
يتم الاستفادة من سهولة من عملية اندماج الذهب في استعادة الذهب من خاماته، ومن أهم الأملاح هي ملح كلوريد الزئبق وهي عبارة عن مادة مسببة للتآكل، كما أنها تعد عبارة عن سم عنيف، وملح كلوريد الزئبق ويعرف بكالوميل وهو لا يزال يستخدم أحيانًا في الطب، وانفجار الزئبق وهو جهاز تفجير يستخدم على نطاق واسع في المتفجرات، وملح كبريتيد الزئبق وهو قرمزي ويستخدم كصبغة طلاء عالية الجودة.
يشكل الزئبق مركبات مفيدة مع عناصر أخرى، مثل مركب كلوريد الزئبق (HgCl2) وهو ملح شديد السمية وكان يستخدم مرة واحدة لتطهير الجروح، وكلوريد الزئبق (Hg2Cl2) وهو مطهر يستخدم لقتل البكتيريا، كما ويستخدم كبريتيد الزئبق (HgS) لصنع صبغة طلاء حمراء تسمى قرمزيي، كما ويستخدم أكسيد الزئبق (HgO) في صناعة بطاريات الزئبق.
مركبات الزئبق العضوية مهمة جدا، ولقد وجد أن عملية التفريغ الكهربائي تتسبب في عملية اندماج بخار الزئبق مع غازات النيون والأرغون والكريبتون والزينون، حيث تتوافق هذه المنتجات جنبًا إلى جنب مع قوى فان دير فالس وهي كلا من المركبات التالية (HgNe) و (HgAr) و (HgKr) و (HgXe).
معلومات عامة عن الزئبق
الزئبق هو عبارة عن سم خبيث ويتم امتصاصه بسهولة من خلال الجهاز التنفسي أو الجهاز الهضمي أو من خلال الجلد السليم، كما أنه بمثابة سم تراكمي ويتم الوصول إلى مستويات خطيرة بسهولة في الهواء، إذ يحتوي الهواء المشبع ببخار الزئبق عند درجة حرارة 20 مئوية على تركيز يتجاوز حدود السمية، كما ويزداد الخطر في درجات الحرارة المرتفعة، لذلك من المهم جدا التعامل مع الزئبق بحذر.
ومن أهم الملاحظات التي يجب أخذها بعين الاعتبار أنه يجب أن تتم تغطية حاويات الزئبق بإحكام وتجنب الانسكاب، وإذا كان من الضروري تسخين الزئبق أو أحد مركباته، فيجب أن يتم ذلك في غطاء جيد التهوية، كما ويعتبر ميثيل الزئبق من الملوثات الخطرة وهو موجود الآن على نطاق واسع في المياه والجداول، أما النقطة الثلاثية للزئبق فهي -38.8344 درجة مئوية، وهي نقطة ثابتة على مقياس درجة الحرارة الدولي (ITS-90).
يمكن أن يتم استخدام الزئبق في صنع موازين الحرارة والبارومترات والأدوات العلمية الأخرى، كما أن الزئبق يوصل الكهرباء ويستخدم لعمل مفاتيح صامتة تعتمد على الموضع، كما ويستخدم بخار الزئبق في إنارة الشوارع ومصابيح الفلورسنت واللافتات الإعلانية.
كما ويشكل معدن الزئبق السبائك ويتم ذلك بسهولة مع معادن أخرى مثل الذهب والفضة والزنكوالكادميوم، حيث تُستخدم هذه السبائك للمساعدة في استخراج الذهب من خاماته، وإنشاء حشوات أسنان (في حالة الفضة)، كما وتقوم بالمساعدة في إطالة عمر بطاريات الخلايا الجافة (في حالة الزنك والكادميوم).
يستخدم معدن الزئبق على نطاق واسع في الأعمال المختبرية لصنع موازين الحرارة والبارومترات ومضخات الانتشار والعديد من الأدوات الأخرى، كما يتم استخدامه في صنع مصابيح بخار الزئبق وعلامات الإعلان وما إلى ذلك، ويستخدم أيضا في مفاتيح التبديل الزئبقية والأجهزة الإلكترونية الأخرى، بالإضافة إلى أنه يمتلك استخدامات أخرى في صناعة المبيدات الحشرية، وخلايا الزئبق لإنتاج الصودا الكاوية والكلور ومستحضرات طب الأسنان والطلاء المضاد للقاذورات والبطاريات، بالإضافة إلى المواد الحفازة.
هناك عدة نظائر مختلفة للزئبق، ومن هذه النظائر: النظير (198-Hg) والنظير (200 -Hg) والنظير (202 -Hg) وهذه النظائر تعد نظائر ثابتة للزئبق، حيث أنه يمكن أن يتم استخدامها لدراسة المصادر البيئية والمصارف البيئية لهذا العنصر في النظم البيئية المائية والبرية، وعلى سبيل المثال، في النظام البيئي فإنه يمكن إضافة نظائر مختلفة مستقرة من الزئبق إلى منطقة المرتفعات لتقييم عملية الجريان السطحي، ويتم إضافتها إلى بحيرة لتحليل الترسب المباشر، وإضافتها إلى منطقة الأراضي الرطبة لتحليل مساهمة التدفق الخارج، ونتيجة لما سبق فإنه من الممكن أن يتم تحديد نقاط دخول الزئبق إلى النظام البيئي وتحديد كيفية تأثير مدخلات الزئبق على تراكم هذا العنصر في التجمعات السمكية المحلية.
يقوم اتحاد دولي من العلماء بإجراء تجربة تسمى ميتاليكوس (METAALICUS) وهي عبارة عن تجربة الزئبق لتقييم التحميل الجوي في كلا من كندا والولايات المتحدة، حيث تتضمن هذه التجربة تحديد ما إذا كان التلوث بالزئبق الموجود في الأسماك قديمًا أو جديدًا، كما وقد تم إجراء دراسات التتبع في شمال غرب أونتاريو في منطقة البحيرات التجريبية التابعة لإدارة مصايد الأسماك والمحيطات بكندا.
يستخدم نظير الزئبق (202-Hg) لإنتاج النظير المشع (203-Hg) مع عمر نصف يساوي 46.6 يومًا، حيث يحدث ذلك عبر تفاعل النظير (202Hg) (n, γ) (203Hg) والذي يستخدم في معايرة أشعة جاما والاختبارات الطبية.