تصادم الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية

اقرأ في هذا المقال


كيف حدث تصادم الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية؟

خلال (أغسطس/آب) من العام الحالي وصل خبر تصادم نجميٍّ عظيم في الفضاء كان مارا من فوق كوكب الأرض، كما أن الكاتبة مارينا كورين التي تعمل محررة في موقع “ذا أتلانتيك” تكتب عن الحدث الفلكي الكبير والذي سيتسبب في قفزة عظيمة في علم الفلك ومعلوماتنا إلى الكون من حولنا، وخلال (سبتمبر/أيلول) سنة 2015، قام علماء الفلك باكتشاف الأﻣﻮﺍﺝ الثقالية للمرة الأولى، وهي عبارة عن تموجات كونية تعمل على تشتيت نسيج الزمكان، وبرزت بسبب الاصطدام القوي لاثنين من الثقوب السوداء في مكان ما في الكون.
وعلى بُعد أكبر من مليار سنة ضوئية من كوكب الأرض، قام الفلكيون بملاحظة هذه الظاهرة مرة ثانية خلال (ديسمبر/كانون الأول)، ثم مرة ثالثة خلال (نوفمبر/تشرين الثاني) سنة 2016، ثم من بعد ذلك خلال (أغسطس/آب) من هذا العام، وحدثت الاكتشافات التي عملت على تأكيد ما تنبأ به ألبرت أينشتاين منذ وقت مضى على جائزة نوبل، وظهر مجالاً جديداً في علم الفلك، ولكن في حال استطاع علماء الفلك من ملاحظة آثار الأمواج داخل الأدوات الحساسة التي تشكلت للكشف عنها، لكن لم يكن يستطيعون رؤية المصدر، فالثقوب السوداء، كما يُوحي اسمها، لا تطلق أي ضوء.
لكي يتم مراقبة بشكل مباشر لمكان نشأة الأمواج الثقالية، فإن الفلكيون يحتاجون إلى نوع مختلف من الاصطدام للعمل على إرسال التموجات باتجاه طريق الأرض، وخال هذا الصيف تحقق أخيراً ما أراده الفلكيون، فقد قاموا العلماء باعلان أنهم لاحظوا ﺃﻣﻮﺍجًا ﺛﻘﺎﻟﻴﺔ مرة أخرى خامسة على التوالي، كما أنهم قد رأوا أضواء نتجت بسبب التصادم الكوني. ونتجت هذه الأمواج بسبب تصادم نجمين نيوترونين في مجرة تُسمى “إن جي سي 4993″، تبعد تقريباً 130 مليون سنة ضوئية عن كوكبنا الأرض، والنجوم النيوترونية هي عبارة عن أجسام غريبة وتكون غامضة.
فيمكن تعريف هذه النجوم على انها ﺍﻟﻨﻮﻯ ﺍﻟﻤﻀﻐﻮﻃﺔ ﺍﻟتي تبقت ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ذات ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﻔﺠﺮﺕ فيما سبق ﻋﻠﻰ هيئة ﻣﺴﺘﻌﺮ ﺃﻋﻈﻢ “سوبرنوفا” ‏ثم ماتت، ويكون حجم تلك النجوم قد بلغ حجم مدينة واشنطن العاصمة ولكنها تملك كتلة شمسنا نفسها، بالإضافة إلى أن علماء الفلك قد توقّعوا منذ زمن طويل أنه عندما يحدث تصادم نجمتان نيوترونيتان سيتسبب الانفجار الناتج إلى ظهور إشعاع كهرومغناطيسي في هيئة ضوء بصري، ومن قدرة الانبعاث الشفقي أن يكون لامع بما يكفي لنتمكن من رؤيته بواسطة التلسكوبات الكبيرة، وهو يعتبر أول دليل مرئي لمصدر ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺛﻘﺎﻟﻴﺔ، على شرط أن يتم الكشف عن هذه الأخيرة.
قام علماء الفلك بملاحظة هذه الملاحظة خلال 17 (أغسطس/آب)، كما أن هناك ثلاثة أجهزة رصد كشفت عن التموجات الكونية خلال مرورها فوق الأرض، كان اثنان منها في مرصد لايغو الحاصل على جائزة نوبل في الولايات المتحدة، وواحدة تقع في مرصد فيرغو في ايطاليا، وبعد تقريباً ثانيتين، هناك تلسكوبان فضائيان وهما (تلسكوب فيرمي لأشعة غاما الفضائية) الذي يتبع لوكالة ناسا، والآخر (تلسكوب المعهد الدولي الذي يخص الفيزياء الفلكية لأشعة غاما) الذي يتبع للوكالة الفضائية الأوروبية، موجة قصيرة من أشعة غاما، وهي الموجة الأكثر نشاطاً في الطيف الكهرومغناطيسي، التي تأتي من نفس الجزء من السماء.
وقامت عمليات الكشف المتزامنة بشكل تقريبي على جذب اهتمام علماء الفلك، وقاموا بتوجيه جكيع إمكاناتهم إليها، وهناك الكثير من التلسكوبات الأرضية في جميع أنحاء العالم عملت على توجيه نظرها باتجاه ذات القطعة في السماء، كما أن جيش المرصد الأوروبي الجنوبي انتشر من التلسكوبات خلال الصحراء التشيلية ليتم البحث أثناء الليل، عندما غربت الشمس في منطقة هاواي، انضم أيضاً تلسكوبات المسح البانورامي بالإضافة إلى نظام الاستجابة السريع، ومرصد سوبارو، كما فعلت مراصد فضائية كذلك مثل هابل.
وفي خلال ساعات، قام علماء الفلك بتحديد موقع الاصطدام من خلال استخدام تلسكوب المرصد الأوروبي الجنوبي الذي يستخدم أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء، وقاموا بتوجيه تلسكوب “سوب”، أيضاً في تشيلي، إلى المنطقة وبدأوا بأخذ الصور، ووجدوا اﻻﻧﺒﻌﺎﺙ ﺍﻟﺸﻔﻘﻲ خلال اللقطة التاسعة، وعمل علماء الفلك على مراقبة الانبعاث الشفقي للتصادم لأيام كثيرة، وتتابع ذلك إلى أن تلاشى الجرم السماوي المتوهج وقام بتغيير لونه من اللون الأزرق إلى الأحمر، وهي عبارة عن علامة دلت على أن بقايا التصادم كانت تعمل على دفع المواد المشعة باتجاه الخارج وتبدأ بالتبريد. 
وقام علماء الفلك بفحص الأﻣﻮﺍﺝ الثقالية للعمل على تقدير حجم الأجسام التي تتصادم فوجد العلماء أن كتلتها أصغر من كتلة الثقوب السوداء بكثير، والعالم ريتشارد أوشانيسي وهو عالم الفيزياء الفلكية الذي يختص بدراسة الأمواج الثقالية في معهد روتشستر للتكنولوجيا والذي يقوم بالعمل في مجموعة لايغو قال (إن نجم نيوتروني الكبير يكون حجمه أصغر بكثير من أصغر ثقب أسود)، كما أنه أرشد كلٌّ من القياس الشامل، والرصد عمل على التشبيه المتزامن للأمواج الثقالية ومصدر ضوء، كما أن العلماء يتعاملون مع النجوم النيوترونية، كما أن هذا الحدث يكون أقرب إلى الأرض بكثير من عمليات التصادم القديمة التي قام بتسجيلها مرصد لايغو والتي صدرت بين مليار وثلاثة مليارات سنة ضوئية.
ورصد هذا الحدث تقريباً 70 مرصد، وتم تسمية التصادم (جي دبليو 170817) معتمدين على اليوم الذي عرفته فيه الأرض، وقد عملت آثار الاصطدام عل التسجيل في كل طول موجة تقريباً، وقام أوشونيسي بوصف الاكتشاف على أنه حجر روزيتا علم الفلك، ووضح الاكتشاف كميات كبيرة من البيانات ذات معلومات هائلة لم يسبقه حدث فلكي مثله أبداً، كما أن النتائج التي يتم نشرها في كثير من الأبحاث وفي الكثير من المجلات العلمية توضح أدلة على كثير من النظريات في علم الفلك، وهذا الاكتشاف يؤيد النظرية التي تقول إن اصطدامات النجوم النيوترونية تبرز بسبب انفجارات قصيرة لأشعة غاما.
بالإضافة إلى تدفقات قصيرة من الضوء تبهج أكثر من الشمس بمليون ترليون مرة، كما تم دراسة انفجارات أشعة غاما واكتشافها ومن ثم تصويرها من قبل، ولكن أجهزة الكشف عن الأمواج الثقالية مثل لايغو و فيرغو مكنت علماء الفلك من الحصول على معلومات عن صدورها خلال الاصطدامات الكونية، كما يدل وجود انفجارات أشعة غاما القصيرة إلى حدوث اندماج تسبب في الوصول إلى كيلونوفا، وهو عبارة عن انفجار قوي جداً يتميز بأنه ذو توهج أكر بألف مرة من السوبرنوفا (المستعر الأعظم)، واشتبه علماء الفلك منذ زمن طويل أن الكيلونوفا متبعة لاصطدامات النجوم النيوترونية، تطلق المواد خارجا في الفضاء.
وخلال حدوث حالة “جي دبليو 170817” يقوم العلماء بتقدير أن مادة كيلونوفا التي تم اطلاقها بخُمس سرعة الضوء أيأنها أسرع من المستعر الأعظم أو السوبر نوفا النموذجي.


شارك المقالة: