كيف يتم ولادة النجوم السماوية؟
تولد النجوم في الفضاء من سُحب (السحب تتكون من غاز تدعى السديم)، وفي الغالب تتشكل من أنواع أخرى من السحب السديمية خاصةً عندما تفنى، ففي العادة تقوم المواد المبعثرة (القادمة من جيل أقدم من نجومٍ قد فنت) بالبحث عن طريقها إلى جيل جديد من النجوم الفتية، وما بين ولادتها وموتها تعيش النجوم حياة طبيعية فتولد ضوء وحرارة من خلال حرق ذرات الهيدروجين وصهرها في ذرات من الهيليوم.
أي أن النجوم تولد في سحب سديمية ضخمة وأغلبها يتكون من غاز الهيدروجين، ومن الممكن أن تكون هذه السحب كثيفة ومظلمة وباردة في بعض الأماكن، حيث أنها بذلك تكون ملجئ بارد لعناصر أكثر ثقلاً مثل عنصر الكربون والأكسجين والنيتروجين.
والنجوم الجديدة تولد في داخل السحب التي تتكون من الجزيئات (تلك التي تحتضن النجوم في الفضاء)، وفي حال تم تركها لوحدها لا يحدث تقلص أبداً إلا للقليل من السحب السديمية، ومن ثم تسخن مرة أخرى لتشكل نجوماً جديدة، أي أن كل ما يلزم هو دفعة لتبدأ ولادة نجم جديد.
فعلى سبيل المثال حضانة سديم النسر، حيث يظهر السديم مظلم وذو سحب كثيفة وغنية بالذرات مثل أعمدة تتصاعد إلى كهف ضخم من غاز الهيدروجين الساطع، ويوجد في القرب من هذا السديم مجموعة من النجوم الفتية تشع ضوءاً كثيفاً من الأشعة فوق البنفسجية وتعصف رياحاً قوية من الغاز الحار.
إن النجوم الحارة توفر الدفعة اللازمة لتشكيل نجم ما، فالإشعاع والرياح الذي ينبعث منها يساهم في تفتيت قمم الأبراج المظلمة وتحويلها إلى فقاعات صغيرة من المادة، مما يؤدي إلى انهيارها وتقلص حجمها، ثم ترجع تسخن من جديد وتصبح نجماً جديداً في نهاية الأمر.
من بعد تشكل النجم وخروجه من حاضنته السديمية يبدأ بحرق الهيدروجين وصهره إلى هيليوم لينتج الضوء والحرارة، وعندما تتم هذه العملية يبدأ النجم حياته كنجم من نجوم التسلسل الرئيسي، أي أنه يكون نجم يحيى حياة مستقرة وطبيعية، ومن الممكن أن تكون النجوم كبيرة وحارة في مثل هذا التسلسل الرئيسي، وتعيش لبضعة ملايين السنين، ومن الممكن أن تكون صغيرة وباردة تعمل على حرق الهيدروجين بشكل بطيء وبهدوء لمليارات من السنين.
العوامل التي تعتمد عليها ولادة نجم:
إن حياة النجوم تقوم بالاعتماد على حجم النجم ذاته والكتلة التي تميز فيها حين تكون من السديم، فالنجوم ذات الحجم المتوسط تكون صفراء، أما النجوم التي تكون ذات حجم أكبر تكون زرقاء شديدة الحرارة، في حين أن النجوم الأصغر تكون باردة وحمراء، مثلاً النجوم الزرقاء العملاقة تعيش عشرة ملايين سنة فقط، أما عن النجوم الأقزام مثل الشمس فمن الممكن أن تعيش عشرة مليارات سنة قبل أن تتمدد وتصبح عملاقة حمراء.
تتكون النجوم من قرص دوار يتشكل من الغاز والغبار، فالمواد التي تسقط في نواة القرص تسخن لتصبح كرة متوهجة من الغاز، أما المواد الأخرى الباقية تندمج مع بعضها البعض لتشكل كواكب أخرى، والنجم الناشئ في سنواته البدائية يُحدث انفجار لشعلات من اللهب على سطح النجم الفتي، حيث يكون النجم حينها مستقر وغير نشيط ويكون حيوياً ومخبأً في سحب من الغبار.
النجوم لا يمكن أن تنفجر أو تنهار في حياتها الطبيعية، لكن ضغط الانفجار الخارجي الذي تتتسب فيه إشعاعات النجم تؤدي إلى تمدده، وقوة السحب الداخلية التي تتسبب بها الجاذبية تؤدي إلى تقلص النجم، مما يعني أن هاتان القوتان المتعارضتان يحافظان على توازنهما في حياة النجم الطبيعية، مما يجعله يحافظ على استقرار حجمه الدائم ويحافظ على الطاقة الناتجة عنه، ولا يحدث اختلال في توازن هاتين القوتين إلا في نهاية حياة النجم فقط.
إن أغلب النجوم تكون دائرية الشكل؛ وذلك لأن قوتي الإشعاع والجاذبية المتعارضتين يتسببان في دفع يكون متوازي في كل الاتجاهات، كما أنه من الممكن أن تكون النجوم الحمراء القزمة صغيرة، حيث يكون حجمها يعادل عُشر حجم الشمس، في حال أنه من المحتمل أن تكون بعض النجوم العملاقة الزرقاء أكبر من حجم الشمس بعشرات المرات، لكن هذه الأنواع هي عبارة عن نجوم عادية من نجوم التسلسل الرئيسي في بداية حياتها.
وحين يبدأ غاز الهيدروجين بالنفاذ من نواة نجم التسلسل الرئيسي يبدأ النجم بالعمل على حرق الهيدروجين في الطبقات المحيطة بالنواة، وبهذا تشتد الحرارة في داخل النجم، مما يتسبب في انتفاخه ليصبح عملاقاً أحمر، والرياح السريعة القادمة من النجم المنتفخ تذهب بطبقاته الخارجية إلى الفضاء، حيث يتشكل سديم حول النجم المحتضر، وبهذا تنهار النواة النجمية المتبقية بشكل بطيء لتصبح قزماً أبيض باهت.